جثث جرفتها الأمواج, لتعود من حيث بدأت المخاطرة.. خالص العزاء لأسر الشباب الذين ألقوا بأنفسهم فى التهلكة, التى دفعتهم لقمة العيش إليها دفعاً, الأمر جد خطير, والأوهام التى سيطرت على عقول الشباب بالثراء السريع, والأبواب المفتوحة على مصراعيها للعمل على شاطئ الثراء فى الشمال, هناك حيث أوروبا بدءاً من قبرص وإيطاليا واليونان غيبت عقولهم, فرضخوا لسمسارة الموت أصحاب مراكب الصيد التى تتخذ من الهجرة غير الشرعية مكسبا سريعاً فى الإتجار بأرواح الشباب سواء من مصر أو من الدول الأخرى التى إتخذت من مصر معبراً إلى أوروبا, ليست مسئوليتى هنا أن أحدد المسئول عن هذه الكارثة, أو ألقى التهم جزافاً سواء على هؤلاء الضحايا أو أسرهم أو على الحكومة, ولكن لفت الإنتباة, ودق ناقوس الخطر واجبى هنا, بعد أن تعددت كوارث الهجرة غير الشرعية, فلا يمر أسبوع إلا ويتم القبض على مراكب الموت من قبل القوات المسلحة, ولا نلقى لها بالا, ولكن بعد مصرع العشرات من الشباب وسط أمواج الأحلام الوردية التى تسيطر على عقولهم, لا بد أن تكون هنا وقفة صارمة وحازمة للحيلولة دون تكرار هذه الكارثة التى راح ضحيتها أبناء الوطن, لتحرق صدورنا صورهم بعد أن نبذهم البحر, لتستقبلهم صراخات أمهات ملكومة, والأكثر مرارة أن من بين الضحايا أسر بأكملها, بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم العامين, لتعود للأذهان صورة الطفل السورى إيلان, فلا بد من التحقيق فى الأسباب التى دفعت هؤلاء الشباب للهجرة, فالخسائر معنوية قبل أن تكون مادية بالإضافة إلى تشويه سمعة مصر. أخشى أن أطرح السؤال.. المبالغ التى دفعها الشباب لمواجهة الموت فى البحر, ألم تكن كافية لبدء مشروع صغير بعيداً عن المخاطر؟ لا يعتقد البعض أنى ألقى باللوم على الشباب ضحية الهجرة غير الشرعية, ولكنى ألفت نظر كل من هو مقبل على مثل هذه التجربة القاسية أن يفكر قبل أن يتخذ القرار فى السفر, فهذه الاموال يمكن أن تكون بداية لتغيير حياتك في بلدك إذا قررت أن تبذل الجهد نفسه الذى ستبذله في أرض المهجر!!. أعتقد أن حلم الغنى والثراء على الشاطئ الآخر أكبر أثرا من كلامى هذا فأحلام هؤلاء الضحايا تستند إلى مفردات واقع نعيشه, قد تكون للحكومة يد فيها, وطالما ظل الشباب على عناده فى مواجهة الموت, والحكومة بتراخيها عن محاربة الهجرة غير الشرعية ومحاربة العصابات التى تتجار بأحلام الشباب, وتوفير سبل العيش الكريم, سيتكرر منظر الأمواج المحملة بجثث قتلها وهم العيشة الكريمة.