البورصة المصرية تخسر 90 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    بنك مصر يرعى الاتحاد المصري للتنس للعام الخامس على التوالي    أستاذ جامعي: إصلاح التعليم يتطلب تخفيض أعداد المقبولين بكليات الآداب والحقوق والإعلام والتجارة    خلال زيارتها لمصر.. مايا مرسي تستقبل قرينة رئيس دولة البوسنة والهرسك    هل تنخفض أسعار المقررات التموينية خلال مايو ؟.. «التموين» تُجيب    توريد 77283 طن قمح في كفر الشيخ    رئيس وزراء مصر وبيلاروسيا يشهدان مراسم توقيع اتفاق بين البلدين لتعزيز نظام التجارة المشتركة    الرئيس السيسي يستقبل أمير الكويت اليوم    استشهاد «حسن».. سائح تركي يطعن جندي إسرائيلي في القدس (التفاصيل)    مقتل خمسة أشخاص وإصابة العديد الآخرين جراء الفيضانات بولاية «جامو وكشمير»    وزير التعليم ومحافظ القاهرة يفتتحان المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم    «بكاء ومشادة».. مفارقة مورينيو تهدد صلاح بالرحيل عن ليفربول    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة.. «سيدات الأهلي» يواجه سان دوني    الإسماعيلي يزف بشرى سارة للاعبيه قبل مواجهة الأهلي    مصرع شخص دهسه قطار الصعيد في أبوقرقاص بالمنيا    الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم وموعد ارتفاع درجات الحرارة    توقعات برج الثور في شهر مايو 2024: تحديات ومشكلات على كافة الأصعدة    إحالة حرامي الهواتف بالموسكي للمحاكمة    مدبولي: العلاقات الوثيقة بين مصر وبيلاروسيا تمتد في جميع المجالات    رئيس "كوب 28" يدعو إلى تفعيل الصندوق العالمي المختص بالمناخ    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    أسعار السمك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    فالفيردي: جاهز لمواجهة بايرن ميونيخ    القيعي: يجب تعديل نظام المسابقات.. وعبارة "مصلحة المنتخب" حق يراد به أمور أخرى    عضو إدارة الأهلي: دوري الأبطال ليس هدفنا الوحيد.. ونفقد الكثير من قوتنا بدون جمهورنا    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    بلينكن يتوجه للأردن لبحث سبل زيادة المساعدات إلى غزة    رئيس الوزراء الفلسطيني: لا دولة بدون قطاع غزة    تتزعمها سيدات.. مباحث الأموال العامة والجوازات تُسقط أخطر عصابات التزوير    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    طرح فيلم "أسود ملون" في السينمات السعودية .. الخميس المقبل    رئيس جامعة المنيا يفتتح معرض سوق الفن بكلية الفنون    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    كيف علقت "الصحة" على اعتراف "أسترازينيكا" بوجود أضرار مميتة للقاحها؟    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    "البيئة" تطلق المرحلة الثالثة من البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    ميدو يعلق على الجيل الجديد في كرة القدم    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    أقدس أيام السنة.. كيف تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بأسبوع آلام السيد المسيح؟    «الثقافة» تطلق النسخة السابعة من مسابقة «أنا المصري» للأغنية الوطنية    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلات الموت بحثاً عن الحياة
نشر في الوفد يوم 31 - 07 - 2015

الهجرة غير الشرعية.. مكاتب السفر الوهمية.. الموت غرقاً، مثلث الخطر والضياع الذي أحاطت أضلاعه شبابنا المصري الحالم بالثراء والهارب من البطالة والفقر، هؤلاء الذين يجدون لصوص الأموال والأحلام والحياة في انتظارهم لاصطيادهم والنصب عليهم والاستيلاء علي أموالهم مقابل بيع الوهم والموت غرقاً في القوارب المطاطية بمياه البحر الأبيض المتوسط في الطريق إلي أوروبا، هذا بجانب شركات السفر الوهمية الأخري التي تصطاد بناتنا بعقود عمل في دول عربية وخليجية للعمل في مهن محددة بعقود عمل، يتم اكتشاف انها غير حقيقية، أو أن المهن التي تنتظرهن هناك غير التي في العقد، بجانب فرصة ضياع حقوق المصريين بهذه الدول.
«الوفد» تفتح ملف الهجرة غير الشرعية وسفر المصريين من الشباب والفتيات للخارج وعصابات السفر الوهمية التي تتاجر في أحلام شبابنا داخل الحدود وخارجها.
حتى مطلع العام الجاري، كانت الهجرة غير الشرعية مغامرة بالعمر كله.. وأية مغامرة قد تنجح، وقد تفشل.. ولكنها الآن صارت عملية انتحار، من يخوضها فالقتل عليه هو المكتوب.
سببان رئيسيان جعلا الموت أقرب من حبل وريد كل الحالمين بالتسلل إلي أوروبا.. أولها أن أوروبا غيرت من استراتيجيتها، في التعامل مع المتسللين، فبعد أن كان إنقاذ المتسللين في عرض البحر هو الهدف الأول لخفر السواحل الأوروبية، تغيرت الاستراتيجية منذ يناير الماضي لتصبح حماية الحدود هو الهدف الوحيد، مع التشديد علي عدم المشاركة في إنقاذ المتسللين العائمين!
السبب الثاني يتعلق بالأحوال في ليبيا التي تعد البوابة الرئيسية للتسلل إلي أوربا، فهناك ظهرت عصابات تخصصت في خطف راغبي التسلل، وطلب فدية لإطلاق سراحهم، ومن لا يدفع يتم بيعه لمافيا الإتجار في الأعضاء البشرية، وهو ما يحقق لهم ثروات خيالية لهذه العصابات.
والكارثة أن كثيراً من المصريين مازالوا يحاولون التسلل إلي أوروبا بشكل غير شرعي.. والكارثة أيضا أن أخطر 3 عصابات لتهريب المتسللين إلي أوروبا يتزعمها مصريون.. والكارثة الثالثة أن عدداً غير قليل ممن نجحوا في التسلل لأوروبا قبل شهور لم يجدوا أمامهم سوي احتراف الدعارة حتى لا يموتوا من الجوع، وسعداء الحظ منهم احترف التسول.
«زهقان» من مصر.. خلاص مش قادر تعيش فيها.. طيب ليه ترضي تعيش في الجحيم هنا وأنت ممكن تعيش في الجنة؟!.. أيوه تروح الجنة وتعيش فيها كمان، والحكاية بسيطة جداً عايزة قرار صغير، خليك راجل وخد القرار ده، وأنا اضمن لك تودع الفقر للأبد ويكون عندك ثروة خيالية وتعيش عيشة ملوك.
هذه هي الرسالة السحرية التي تصطاد بها مافيا الإتجار في البشر ،شباب مصر، لدفعهم للهجرة خارج مصر.
شياطين هذه المافيا لا يفعلون فعلتهم من أجل مساعدة الفقراء، وخدمة المحتاجين، فهدفهم هو شفط أقصي مبلغ ممكن من جيوب كل من يسقط في شباكهم.
ورغم أنهم يتاجرون في أرواح زبائنهم، ويلقونهم إلي جوف الموت ، وقتلوا 600 ضحية عام 2013، و3279 ضحية عام 2014، و2000 ضحية خلال الشهور الستة الأولي من العام الحالي، والضحايا جميعهم شباب وأطفال ونساء.. رغم هذا كله إلا أنهم حصلوا من ضحاياهم علي 7 مليارات جنيه عام 2013, و20 مليار جنيه عام 2014، وحوالي 4 مليارات جنيه خلال الشهور الستة الأولي من العام الجاري.
المافيا تضم مصريين وليبيين وأوربيين، ولهم سماسرة يجوبون محافظات مصر كلها، ويساعدهم في اصطياد الضحايا، الحالة الاقتصادية المتردية ، والفقر الذي يضرب كثيراً من الأسر المصرية، والقلة القليلة التي تنجح في التسلل إلي أوروبا فتحقق ثروة كبيرة في شهور قليلة.
والكارثة أن بعض الناجين من الموت علي يد تلك المافيا، لا يعيشون في أوروبا، حياة الرغد والسعادة، علي العكس قسوة الحياة هناك، تضطر الكثيرين منهم إلي التسول، وبعضهم لا يجد أمامه لكي يعيش سوي احتراف الدعارة!
عبر الهاتف، أكد لي من إيطاليا أحمد حسان- أحد المصريين المهاجرين إلي إيطاليا قبل سنوات- أن تجار الدعارة يستغلون الأطفال المصريين المهاجرين لإيطاليا في البغاء.. وقال «الشرطة الإيطالية تحرر يومياً 85 محضر استغلال جنسي ودعارة لأطفال أعمارهم تبدأ من 8 سنوات، والكارثة أن أغلب هؤلاء مصريون».
وأضاف «الصحف الإيطالية، كشفت مؤخرا أن عصابات مدربة تتولي تهريب الأطفال والشباب إلي أوروبا، وقالت ذات الصحف أيضا إن 3 مصريين يتولون رئاسة أخطر 3 عصابات لتهريب المصريين إلي أوروبا».
في البدء كان الحلم
كل الأنباء الواردة من دول الاتحاد الأوربي تتفق علي أمر واحد وهو أن عمليات الهجرة غير الشرعية إلي أوروبا في تزايد مخيف، ووصل الأمر لدرجة أن خفر السواحل الإيطالي، أعلن في نهاية يونية الماضي أن السفن التي تراقب البحر المتوسط انتشلت أكثر من 3700 مهاجر من قوارب مكتظة وغير آمنة خلال يومين.
وحكايات الهجرة غير الشرعية في مصر، قديمة، تعود إلي عقود بعيدة من الزمان، ورغم اختلاف مكانها وزمانها، إلا أنها تتشابه في أحداثها بشكل كبير.
تبدأ الحكاية دائما بالضيق من الحياة في مصر، وعلي أرض الضيق ينبت حلم الهجرة.. ولسنوات طويلة كان تحقيق هذا الحلم في متناول الكثيرين، خاصة مع وجود فرص عمل في دول الخليج العربي والعراق وليبيا وغيرها من الدول العربية.
ولما دار الزمان دورته وصار الحصول علي فرصة عمل في دولة عربية حلما صعب المنال، كان طبيعياً أن يبحث راغبو الهجرة عن بديل، ولم يكن هذا البديل سوي الهجرة غير الشرعية.
ومع ازدياد الحالمين بالهجرة، ظهرت مافيا تلعب علي حلم هؤلاء، واستعانت المافيا بسماسرة، جابوا محافظات مصر، من أجل ري بذور حلم الهجرة وترديد حكايات عن ثراء المهاجرين، وعن الحياة السعيدة التي تنتظرهم.. ومع تواصل عمليات غسيل المخ سقط الكثيرون في شباك السماسرة، وانطلق الآلاف في رحلة المجهول، بعدما باع أغلبهم كل ما يملكون من أجل الهجرة.
وسجلت عدد من المحافظات أرقاماً قياسية في الهجرة غير الشرعية، وجاء علي رأسها الفيوم والغربية وكفر الشيخ والشرقية والدقهلية والقليوبية والمنوفية والبحيرة.
كما سجلت عدة قري أسماءها في سجل أكثر القرى هجرة، وفي مقدمتها قرية «تطون» بمحافظة الفيوم التي هاجر منها بشكل غير شرعي ما يزيد علي 9 آلاف شاب وطفل، وقرية «برج مغيزل» بمحافظة كفر الشيخ التي لا يوجد منزل فيها إلا وبه شاب بالخارج، وقرية أجهور الكبرى، التي نجح عدد كبير من شبابها من الهجرة وتحقيق ثروات كبيرة، وبعضهم حالياً بلغ به الثراء إلي دفع 80 ألف جنيه للسفر بشكل شرعي إلي أوروبا.
قائمة قري الهجرة تضم أيضاً قرية ميت بدر حلاوة القرى التابعة لمركز سمنود بمحافظة الغربية، وهى من القرى التي هاجر غالبية شبابها هجرة غير شرعية إلي فرنسا وإيطاليا واليونان وتركيا، وقري جروان وبتانون وزنارة بالمنوفية، وميت الكرما وبساط كريم وميت زنقرونوسا الغيط بالدقهلية وعزبة البرج بدمياط ورشيد وادكو بالبحيرة وشبرا ملس بالغربية.
أرقام مفزعة
الإحصائيات المتعلقة بالهجرة غير الشرعية في مصر، تتضمن أرقاماً مفزعة، فحسب دراسة ميدانية حول دوافع الهجرة غير الشرعية لدى الشباب المصري، للدكتور علي طلبة إبراهيم مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي، فإن عدد الشباب المصري الذين نجح في دخول العديد من الدول الأوروبية بشكل غير شرعي خلال العشر سنوات الأخيرة بلغ 460 ألف شاب، منهم 90 ألفاً في إيطاليا.
وكشفت ذات الدراسة أن 83 % من المهاجرين غير الشرعيين أعمارهم أقل من 35 سنة وأن 85.3 % منهم حاصلون علي شهادات علمية و40.7 % ممن يقبلون علي الهجرة غير الشرعية كانوا يعملون, في الأعمال الزراعية والحكومية والحرفية بينما كان 59.33% لا يقومون بأي عمل رغم حصول غالبيتهم على مؤهل علمي, ولكنهم فشلوا في الحصول على أي وظيفة منذ تخرجهم من سنوات طويلة.
وقالت الدراسة أيضاً إن 94 % قرروا الهجرة لأسباب اقتصادية, حالمين بوضع أفضل في دول أوروبا، وأن 82% تأثروا في اتخاذ قرار الهجرة بوسائل الإعلام المختلفة التي لعبت دوراً في إقبال الشباب على الهجرة غير الشرعية من خلال رسم صورة سوداء عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه الشباب, كما أوضحت لهم الطريق لأوروبا والنجاحات ومظاهر الترف والثراء على من هاجر من قبل، كما أن 56.67 % اتخذوا قرار الهجرة بسبب الغيرة من التجارب الناجحة للآخرين الذين استطاعوا أن يحققوا مستويات مادية مرتفعة من خلال الهجرة لدول أوروبا، شجعتهم على خوض تجربة الهجرة لدول أوروبا.
وأضافت أن 54 %ممن أقدموا علي الهجرة غير الشرعية أكدوا أن سماسرة الهجرة وعدوهم بأشياء كثيرة ولكن لم يتحقق منها شيء عندما جد الجد وبدأت عملية الهجرة.
وذكرت الدراسة أن نسبة 64.66 % من المهاجرين يعتمدون على سماسرة الهجرة لتسهيل وتمهيد الطريق أمام هجرتهم ,في حين ان 31.33% يعتمدون على أقاربهم وأصدقائهم في الدول التي هاجروا إليها وبخاصة إيطاليا لمساعدتهم في الهجرة غير الشرعية لأوروبا.
وأشارت الدراسة أيضا إلي أن 84% من اقدموا علي الهجرة غير الشرعية لم يكونوا يملكون الأموال التي دفعوها لسماسرة الهجرة، وبعضهم باع كل ما يملك ومنهم من اقترض واستدان لتحقيق حلمه وأسرته.
وأضافت الدراسة أن 83 % ممن نجحوا في الهجرة غير الشرعية يعملون في مهن شاقة كالعمل في المزارع والمطاعم والبناء والتشييد وحرفيين وفى الخدمات المنزلية وبيع الصحف.
كما ان 100٪ ممن هاجروا تعرضوا للكثير من المضايقات منها المطاردة من الأجهزة الأمنية, الترحيل، الاستغلال, الموت, أعمال العنف والانتهاكات, العمل في مهن غير مناسبة, التعرض للسجن.
والغريب أن 76% ممن حاولوا الهجرة وفشلوا اكدوا انهم سيكررون المحاولة مرة أخري، بينما قرر 24 % فقط عدم تكرار المحاولة مرة أخرى، لتعرضهم للكثير من حالات النصب من قبل سماسرة وعصابات الهجرة ومكاتب التسفير.
ولم تذكر الدراسة عدد الذين ماتوا في صحاري مصر وليبيا، أو الذين غرقوا في البحر المتوسط، أثناء محاولتهم التسلل بشكل غير شرعي إلي أوروبا، وما لم تحدده الدراسة كشفته أرقام المفوضة السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والتي أكدت أن عدد الغارقين في البحر المتوسط أثناء محاولة التسلل إلي أوروبا، بلغ 1500 غريق عام 2011، و500 غريق عام 2012، و600 غريق عام 2013، و3279 غريقا عام 2014، و1750 غريق في الشهور الخمسة الأولي من العام الحالي.
وأكدت بيانات المنظمة الدولية للهجرة أن نسبة الغرقى في البحر المتوسط أثناء التسلل إلي أوروبا تضاعفت هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وقالت المنظمة إن من بين كل 50 متسللا كان يغرق متسلل واحد في عام 2014، بينما وصل عدد الغرقى في العام الحالي إلي غريقين من بين كل 46 متسللاً.
مباشر من البحر
وكشف حازم أمين- بكالوريوس تجارة وأحد الذين حاولوا الهجرة أكثر من مرة وفشلوا– انه زامل في محاولات الهجرة شبابا تركوا دراسة الطب والهندسة من أجل الهجرة.. وقال «كنا نعتقد أن الجنة في أوروبا، خاصة بعدما رأينا منهم اقلنا تعليما سافروا إلى إيطاليا واشتروا أراضي وسيارات وبنوا عمارات».
وأضاف «اعرف شباباً خاضوا تجربة الهجرة رغم غرق أشقائهم».
أما علاء حسانين أحد سعداء الحظ الذين نجحوا في التسلل إلي أوروبا فقال لي عبر الهاتف «كل من يهاجر بشكل غير شرعي يغامر بحياته، فالموت يكون أقرب إلينا من النجاة ولو كنت أعلم ما سيحدث لي أثناء محاولة الهجرة ما بدأت هذه المغامرة».
وأضاف «أنا عشت الموت في الصحراء أثناء التسلل إلي ليبيا وشوفت الموت مرات عديدة، وأنا في البحر فقد كنا في مركب صغير مشحون فيه 150 شاباً وطفلاً بعضهم مصري وبعضهم سوري وآخرون من دول افريقية مختلفة كل المهاجرين.. الكل تسلل إلي ليبيا ومن هناك تم شحننا في مركب صغير ، وكانوا يكدسوننا فوق بعضنا البعض في باطن المركب ، ويقود المركب شباب مسلحون، يهددون من يرفض اوامرهم بالقتل، وكان معهم هواتف ثريا يتواصلون بها مع أعوانهم في ليبيا ومصر وإيطاليا وطوال الرحلة التي استغرقت يومين، لم يتناول كل منا سوي رغيفين وبصلة وقطعة جبن، وقبل حوالي 8 كيلو مترات من الشواطئ الإيطالية يطلبون من الجميع القفز من السفينة ويوزعون ما لديهم من جراكن علي سعداء الحظ لكي تساعدهم في السباحة والوصول إلي الشاطئ».
ويواصل «آخر كلمة نسمعها من أصحاب السفن التي تنقلنا هي عبارة «اللي معاه بطاقة أو أي ورقة تفيد انه مصري يتخلص منها ولما تقبض عليكو الشرطة الإيطالية قولوا انكم عراقيين أو سوريين أو فلسطينيين واطلبوا حق اللجوء، ولكن للاسف»، مئات يلقون مصرعهم في البحر قبل الوصول إلى الشواطئ الإيطالية وحتي من يصل للشواطيء يتم القبض عليهم وتضعهم الشرطة الإيطالية في السجون.
ومن قرية البتانون بالمنوفية إحدي أشهر قري الهجرة في مصر أكد شفيق عمران- مسئول سابق بجامعة المنوفية- أن سماسرة الهجرة غير الشرعية لا تزال تواصل اصطياد الشباب ودفعهم للهجرة مقابل الحصول علي 25 ألف جنيه من كل فرد مع توقيع إيصالات بمبلغ مماثل يتم سداده بعد الوصل إلي إيطاليا، ومن ينجو من الغرق تدفع اسرته باقي المبلغ واللي يموت يروح هو وال25 ألف جنيه التي تم سدادها مقدماً.
وأضاف «سمعت حكايات عديدة ممن سافروا اكثر من مرة هجرة غير شرعية، فأكدوا أن الحكاية تبدأ بسمسار يتولي تجميع راغبي الهجرة، ويسلمهم إلى سمسار آخر في مطروح، ثم يمكثون هناك في بيوت المهربين حتى يتم تجميع نحو 200 شخص أو أكثر، ثم يتم نقلهم عبر سيارات دفع رباعي في الصحراء وهناك عدة دروب صحراوية في جنوب السلوم وجنوب سيوة يتسللون منها الي ليبيا ويكون المرشد معهم خبيرا بالطرق الصحراوية وأكثرها أمناً، خاصة مع وجود ألغام كثيرة على الحدود بين مصر وليبيا».
وواصل «حلم الهجرة مازال يطارد أغلب الشباب لدرجة أن أحد أحفاد مسئول سابق كبير، هذا الحفيد يمتلك عدة أفدنة بالمنوفية، إلا انه ترك أرضه وسافر إلي إيطاليا بشكل غير شرعي وعمل هناك في محل بيتزا».
عمليات الإنقاذ
وأمام طوفان الهجرة الذي يغرق عقول كثير من شباب مصر، اكتفت مصر بالصمت حتى عام مضي، فقبل نحو عام بدأت اتخاذ اجراءات جادة لمواجهة الهجرة غير الشرعية.. أول هذه الإجراءات هو تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية لمواجهة الهجرة في وزارة الخارجية برئاسة السفيرة نائلة جبر، وقدمت اللجنة للحكومة مشروع قانون يغلظ العقوبة علي سماسرة ومافيا الهجرة غير الشرعية، وتجري اللجنة حاليا دراسة ميدانية حول الهجرة غير الشرعية للشباب (من سن 18 إلى 35 سنة) فى محافظات وهى الدقهلية والبحيرة والغربية وكفر الشيخ والإسكندرية والفيوم وأسيوط والمنيا، ومن المنتظر أن تعلن نتائج هذه الدراسة حلال الأيام القليلة القادمة وبناء علي تلك النتائج سيتم وضع استراتيجية متكاملة لتجفيف منابع رحلات الموت الي أوروبا.. ولا تزال اللجنة في انتظار انتهاء الدراسة لتضع استراتيجية بناء عليها لمواجهة الكارثة.
أما وزارة القوي العاملة فأنشأت 3 مكاتب للتشغيل واستشارات الهجرة في محافظات القليوبية والفيوم والمنيا، تمهيداً لتعميمها فى جميع محافظات مصر المختلفة لتقليل الهجرة غير الشرعية، وتوفير المعلومات حول مخاطرها، وتقديم المعلومات والاستشارات بشأن قنوات الهجرة القانونية.
وأخيراً اشترت مصر أجهزة مراقبة الحدود ب100 مليون دولار لمنع التسلل إلي ليبيا.
ولكن تبقي فاعلية كل تلك الإجراءات في طور الاختبار، حتى تكشف الأرقام الرسمية ما اذا كانت معدلات الهجرة غير الشرعية ستواصل صعودها خلال الشهور القادمة، أم انها ستبدأ في الهبوط.
غداً: كارثة: 2500 شركة تسفير وهمية في مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.