أكوام من أعواد القصب تمرّ علي مدار الساعة علي ماكينة العصر، ليخرج عصيرها متدفقا إلي الأحواض الكبيرة حيث يجد النيران الشديدة في انتظاره ويتحول بعدها إلي أنهار من العسل الأسود، وهكذا يعيش الرجل الأربعيني، حسني سيد صاحب أحد مصانع العسل الأسود في محافظة المنيا مع ذلك المشهد كل يوم ومعه 15 عاملًا، وهو نفس المشهد الذي كان يعيشه اجدادهم الذين عملوا في نفس مهنتهم »طباخ عسل أسود» منذ فترة حكم المماليك 1250ميلادية ومازالت حتي الآن تحافظ علي شكلها التقليدي. طبخ العسل الأسود يستغرق 9 ساعات يوميًا،ويمر كما يقول »حسني» بأربع مراحل رئيسية هي الجمع والنقل، والعصر، والطبخ ويأخذ طريقه بعدها إلي المخزن حيث تتم عملية التصفية والتعبئة،ويشير إلي أن الصناعة تبدأ بتجميع محصول القصب ثم نقله إلي المصنع، لتأتي مرحلة العصر عبر ماكينة متطورة، موضحًا أن أعواد القصب توضع داخلها، فيخرج من مخرجها الأول، القش والشوائب، التي يعاد استخدامها كوقود في المصنع، ومن المخرج الثاني للماكينة يخرج عصير لونه أبيض يميل قليلًا إلي الأخضر،ويصب العصير في أحواض كبيرة معدة خصيصًا لغليه وطبخه علي مرحلتين، حتي يصير لونه أسود، ولذلك يسمي بالعسل الأسود،ويقوم عدد من الطباخين بتقليب العصير بملاعق حديدية ضخمة، ويوضح حسني أن هؤلاء الطباخين من أصحاب الخبرات الطويلة حيث يمتد عمرهم في هذه الصناعة لسنوات. ويصف حسني صناعة العسل الأسود ب»المربحة»، لكنه يطالب الحكومة بأن تدعم المصانع الصغيرة المتخصصة في صناعة العسل الأسود »العصارات»، حتي يستمر تطوير الصناعة وتقدمها، والاتجاه إلي التصدير للخارج مباشرة، بدلًا من اللجوء إلي الوسطاء من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة. وبحسب إحصاءات رسمية، يبلغ إنتاج مصر من العسل الأسود نحو 100 طن، تغطي الاستهلاك المحلي ويبلغ عدد مصانع العسل الأسود في محافظة المنيا 85 مصنعًا، تستهلك نسبة كبيرة من محصول قصب السكر، والمزروع علي مساحة 39 ألفا و477 فدانا.