أثار اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا الموقع بين روسيا والولايات المتحدة في جنيف، خلافاً أمريكياً داخلياً بين وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع أشتون كارتر، بشأن خطة موسكو- واشنطن المشتركة الخاصة باستهداف الجماعات الإرهابية. وكان كارتر ضمن عدة مسئولين في الإدارة الأمريكية عارضوا اتفاق جنيف، وأبدي ذلك صراحةً في اجتماع فيديو كونفرانس جمعه بالرئيس أوباما وكيري، واستمر لساعات في نقاش مُجهد، وانتهي بموافقة الرئيس الأمريكي وجون كيري علي الاتفاق فيما ظل كارتر وقادة البنتاجون غير مقتنعين، لا سيما فيما يخص تبادل المعلومات بين وزارتي الدفاع في موسكووواشنطن حول تنظيم»داعش». الجنرال جيفري هاريجيان، قائد القوات الجوية الأمريكية، قال للصحفيين عبر الهاتف من جنيف تعليقاً علي الاتفاق: » لم أقل للاتفاق لا ولم أقل نعم.. سيكون من السابق لأوانه القول بأننا نمضي في الطريق الصحيح»، ونفس هذا التشكك بدا واضحاً في نبرة المسئولين بالبيت الأبيض، حيث أوضح جوش إيرانست المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية في مؤتمر صحفي: » أعتقد بأن لدينا أسبابا مقنعة للتشكك في أن روسيا سوف تطبق الاتفاق بنفس الطريقة التي وُصف بها»، ثم أضاف بنبرة حزينة: »ولكن سنري». أما من وجهة نظر كيري فإن إدارة بلاده »احتاجت للقيام بكل ما لديها من جهد لمنع الرئيس بشار من قصف المدنيين، وبمجرد دخول روسيا الحرب في سوريا أصبح لزاماً أن يكون عقد الصفقات مع الرئيس بوتين، الذي يمكنه الضغط علي الرئيس بشار لكي يمنع طائراته من التحليق»، وحاول كيري تبرير ما يراه العسكريون الأمريكيون فشلاً ديبلوماسياً وتنازلاً مجانياً تم تقديمه للروس، بالقول إن الملف السوري في غاية التعقيد وبه كثير من اللاعبين، وزعم كيري أنه أبلي بلاءً حسناً علي صعيد مباحثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية التي انهارت تماماً مع بداية توليه المسئولية في 2012، وأنه استطاع إقناع إيران بتفكيك منشآتها النووية، وإنتاج المواد المشعة بالخارج وهو ما أدي لتسوية الاتفاق النووي العام الماضي. اليوم الأول من وقف إطلاق النار في سوريا، الذي بدأ مع غروب شمس أول أيام عيد الأضحي، مر دون خروقات تُذكر، ولكن كان هناك جو من الشك والارتياب في المناطق التي دمرتها الحرب، بحسب مراقبين دوليين وسكان، وما زاد من الشكوك هو تأخر تسليم المعونات الغذائية والطبية من الأممالمتحدة بشمال حلب والعديد من المناطق المنكوبة، وهو ما يُعد بنداً أساسياً في اتفاق جنيف. وعلق المبعوث الخاص بالأممالمتحدةلسوريا ستيفان دي ميستورا قائلاً: » هناك انخفاض نوعي في أعمال العنف، ولكن ما زالت قوافل الأممالمتحدة علي الحدود السورية التركية لم تتلق تأكيدات بأنه يمكنها السفر الآمن إلي المناطق المُدمرة». الخلاف بين كيري وكارتر يعكس الصراع الخفي في الإدارة الأمريكية بخصوص الاستراتيجية المُتبعة في سوريا، حيث يعاني أوباما من سهام النقد بسبب عدم تدخله عسكرياً بالشكل المطلوب في الصراع السوري الذي خلف ما يفوق ال400 ألف قتيل وأكثر من 6 ملايين نازح شكلوا موجات هجرة جماعية لم تعرفها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كما خلق التلكؤ الأمريكي، من وجهة نظر معارضي الرئيس الأمريكي، مساحة كبيرة لروسيا لكي تتحرك عسكرياً كيفما شاءت في الشرق الأوسط، مما جعلها رقماً لا يمكن تجازوه في أي مفاوضات تخص المنطقة.