إذا كان بناء السد العالي كان سببا في منع وصول طمي النيل إلي الأراضي المصرية فإنه في الوقت نفسه حافظ علي كمية الطمي المحمول مع المياه والذي يذهب إلي البحر المتوسط دون استفادة كبيرة والسد العالي يعتبر قد حافظ علي كمية الطمي حتي وقتنا هذا مما يعني ان استخراجه والاستفادة منه تعتبر مفيدة وهامة خاصة إذا اضيف هذا الطمي إلي الأراضي الرملية حيث يعمل علي زيادة درجة صلاحيتها للاستزراع والاستغلال الزراعي. ان كمية الطمي المترسبة منذ بدء تخزين مياه الفيضان في عام 1964 تقدر بحوالي مائه مليون طن سنويا وقد وصلت الآن إلي حوالي 3.5 مليار متر مكعب حيث يترسب جزء كبير من الطمي في مداخل البحيرة والتي مازالت محصورة في الأراضي السودانية حيث يتأثر معدل الترسيب للطمي الوارد وتغيره مع الزمن في هذه الفترة ومع توالي عمليات الترسيب في مداخل البحيرة تقل مساحات القطاعات المائية وبالتالي تزداد سرعة المياه بها مما يؤدي إلي تقدم هذه الترسيبات تدريجيا وببطء نحوالشمال. وطمي بحيرة ناصر يوجد في موقعين الأول يقع جنوب منطقة أبو سمبل داخل المجري الرئيسي للبحيرة وعلي عمق من 40 - 50 مترا والثاني بنفس المنطقة ولكنه مجاور للشاطئ وعلي أعماق ضحلة تتراوح بين 10-15 مترا ويحتوي الطمي في المنطقة الضحلة والقريبة من الشاطئ علي رمال سوداء. ان استمرارية حركة الطمي داخل الحدود المصرية ببطء يزيد من اهمية استخراجه والاستفادة من استغلاله في اغراض مختلفة، أما كيفية استخراج الطمي فيكون عن طريق عملية التكريك باستخدام كراكات وحاويات بواسطة تثبيت اجهزة التكريك علي منصة عائمة داخل البحيرة تقوم بشفط الطمي مع المياه وضخه في خراطيم الطرد حتي شاطئ البحيرة والاستعانة بمحطة تقوية عائمة إذا طالت المسافة وبعد ذلك تسوي الأرض التي سيمر عبرها خط الأنابيب الرئيسي لضخ الطمي الممزوج بالماء بحيث يكون لكل مساحة ولتكن 1000فدان مثلا شبكة غير ثابته من الأنابيب الفرعية لضخ كمية من الطمي في احواض تكفي لتكوين طبقة سمكها 15سم ثم تفك الشبكة ليعاد تركبيها علي المساحة التالية وهكذا وبعد ذلك يجفف الطمي ويعبأ في اكياس سعة 50كيلو جراما حيث ينقل إلي مكان استخدامه. ان مشروع توشكا قريب من مكان استخراج طمي بحيرة ناصر ويمكن إضافة هذا الطمي إلي أراضي توشكا الخشنة القوام ليعمل علي تحسين صفاتها الفيزيقية وهو ما يزيد من خصوبتها للاستزراع والاستغلال الزراعي وكذلك يمكن تحميل بعض العناصر المغذية الكبري والصغري علي الطمي حيث يستخدم كسماد وكمحسن للتربة الرملية الواسعة الانتشار في مصر والفقيرة في هذه العناصر مما يزيد من خصوبتها ويرفع انتاجيتها. ايضا يستخدم الطمي في صناعة الطوب اللازم لعمليات البناء والإنشاء وفي التجمعات السكانية الجديدة خاصة في منطقة توشكا حيث ان هذه المنطقة تفتقر إلي الخامات الأولية لمواد البناء ومن الممكن استخدام هذا الطوب في مناطق الدلتا والوادي حيث ان عمليات التجريف للطبقة السطحية من التربة الزراعية مازالت مستمرة حتي الآن لصناعة الطوب مما يساعد علي فقدان كثير من العناصر المغذية والمادة العضوية من هذه الأراضي وهو ما يؤدي إلي تدهور انتاجيتها. ان الرمال السوداء الموجودة في طمي بحيرة ناصر تحتوي علي عدد من المعادن الاقتصادية الهامة والتي تدخل في عدد من الصناعات وهذه المعادن هي الألمنيت والروتيل والزركون والماجنيتيت والجارنت والمونازيت واليورانينيت وأن نسب هذه المعادن في رواسب الطمي تصل إلي 4% ويمكن فصلها عند استخراج الطمي من البحيره بالكراكات باستخدام اجهزة الفصل الكهربائي والمعناطيسي. أما الأهمية الاقتصادية لتلك المعادن فهي انها تدخل في بعض الصناعات الهامة فمثلا معدن الألمنيت يعتبر الخام الرئيسي لصناعة البويات ومعدن الروتيل يدخل في صناعة اسياخ اللحام والمصدر الرئيسي للتيتانيوم والذي يدخل ايضا في صناعة البويات أما معدن الزركون فيدخل في صناعة السيراميك والقيشاني ويستخدم معدن الجارنت في تصنيع اوراق الصنفرة وأحجار الجلخ. يجب الاهتمام جديا سواء عن طريق الحكومة اوالمستثمرين بدراسة الجدوي الاقتصادية لمشروع استخراج طمي بحيرة ناصر والاستفادة منه واستغلاله في اغراض مختلفة علي اساس ان هذا المشروع سيكون ذا فائدة كبيرة في زيادة مساحة الأراضي الرملية المستصلحة حديثا بإضافة هذا الطمي إليها مما يزيد من خصوباتها ودرجة صلاحيتها للاستزراع وهو ما سيوفر للدولة العملة الصعبة نتيجة استيراد بعض هذه المعادن الاقتصادية الهامة والتي تستخدمها الحكومة في أغراض أخري.