طلبت احدي الشركات اليابانية التفاوض مع الجهات المصرية المختصة لاقامة مشروع استثماري للاستفادة من الطمي المترسب داخل بحيرة السد العالي.. وتقوم فكرة المشروع علي نقل الطمي من البحيرة واستخدامه في استصلاح مليون فدان يتم تخصيصها للزراعة النظيفة الخالية من المبيدات والكيماويات مما يساعد علي زيادة التصدير لاسواق الدول التي تطلب هذه المحاصيل والزراعات العضوية. كل هذا جعل وزارة الري تشكل لجنة تضم عددا من الخبراء لبحث جدوي المشروع. ولكن هل حقا هناك حدوي اقتصادية وراء استخراج واستخدام طمي النيل المتراكم في بحيرة السد العالي، بعض الخبراء يرون ضرورة الاستفادة منه ويقدرون حجم الطمي المترسب بأكثر من 300 مليون طن وتبلغ قيمته ما يعادل نحو 50 مليار جنيه وامكانية توجيهه لزيادة كفاءة الأراضي الجديدة وبالتالي الحد من خطورته علي جسم السد العالي.. إلا أن فريقا آخر من الخبراء يري أنه في الوقت الذي تتراكم فيه هذه الكميات الهائلة من الطمي والتي لا يقف دورها عند كونها محسنا للتربة الزراعية وتخصيب ورفع جودة الأراضي الجديدة اضافة إلي احتوائها علي معادن مشعة مثل الكوبلت واخري مثل الذهب إلا أن العائد من استخراج هذا الطمي الذي لم يتراكم بعد بمعدلات مرتفعة لن يغطي تكلفة استخراجه، وانه يمكن لتعظيم الاستفادة منه انشاء مشروعات مشتركة مع دول حوض النيل الشرقي (مصر والسودان واثيوبيا) لاستثمار هذا الطمي وتقليل معدلات انحداره من الهضبة الاثيوبية باتجاه السد العالي في حين يري فريق ثالث اننا لم نصل بعد وبشكل قاطع إلي تحديد الجدوي الاقتصادية وأفضل السبل للاستفادة من هذا الطمي، وانه لا توجد حتي الآن دراسات عملية متكاملة في هذا الخصوص واننا بحاجة إلي رؤية متكاملة يشارك في صياغتها خبراء من جميع التخصصات وصولا لتحديد افضل الطرق للاستفادة من هذه الثروة الكبيرة. يقول الدكتور إسماعيل عبدالجيل رئيس مركز بحوث الصحراء اثيرت تكهنات كثيرة حول ما أصاب الأراضي المصرية نتيجة حرمانها من ترسيبات الطمي السنوية التي كان يحملها فيضان النيل وتركزت هذه الاقاويل دون سند علمي حتي اجريت دراسات وابحاث بكلية الزراعة جامعة اسيوط بقسم الأراضي تحت اشرافي واثبتت ان الترسيبات السنوية من الضآلة بحيث لا تؤثر علي خصوبة الأراضي المصرية التي كونها النيل علي مدي قرون طويلة تصل إلي 10 ملايين سنة وكونت خلالها قطاعا يتراوح عمقه ما بين 7 إلي 25 مترا مشيرا إلي أن الشيء الوحيد الذي حرمت منه مصر هو ما كان لهذه الترسيبات في الأراضي الصحراوية الرملية من اثر كبير في رفع خصوبتها وزيادة كفاءتها علي خفض الماء مع تقليل سرعة الرشح الذي تفقد به هذه الأراضي ماءها علي الاعماق في باطنها ولا يستفيد به جذور النبات ومن ثم فقد استصلحت الآلاف من الافدنة في الصحراء وذلك بغمرها بأعماق كبيرة من ماء الفيضانات من 1 إلي 2 مثل الترسيب في ماء الفيضان من طمي وغيره ثم تكرار ذلك 4 إلي 5 مرات كل سنة لمدة 4 إلي 5 سنوات بعدها يتغير قوامها وبذلك ينجح استزراعها بمحاصيل بستانية مثل الفاكهة. غذاء للنبات ويكشف د. عبدالجليل إلي أنه اجريت دراسات كثيرة لتحديد ترسيبات النيل في بحيرة السد من حيث اماكن ترسيبها واعماق الترسيبات ونوعية المعادن الخفيفة والثقيلة ومصدر العناصر الغذائية ومعادن الطين والتي تعتبر المخزن الرئيسي لكثير من الكنيونات والجوهرية في غذاء النبات كالبوتاسيوم والماغنسيوم والكالسيوم والمنجنيز والحديد وغيرها وتعطيها هذه المعادن كلما احتاج إليها النبات واختل التوازن بين ما تحتويه ومحتوي محلول التربة الذي يمتص منه النبات عناصره الغذائية. ويؤكد د. عبدالجليل ان الدراسات شملت جميع هذه الترسيبات في السودان ومصر وروافد النيل الرئيسية وكانت لهذه الدراسات أهمية بالغة في بحث الصورة الحقيقية لمعرفة جدوي هذه الترسيبات والطرق الصحيحة لرفعها والاماكن التي يوجد بها الطمي والطين. ويشدد عبدالجليل علي أنه لو اعتبرنا طمي النيل منجما متجددا سنوي لمعادن لها قيمتها الزراعية فإن ذلك يؤكد أهمية استغلال هذه الترسيبات وكمخصبات ،محسنات لأراضي مصر الصحاوية الرميلة في أي مكان بالجمهورية. وتقترح الدرسات التي اجريت والكلام مازال الدكتور عبدالجليل بالحصول علي هذه الترسيبات من حواف البحيرة ومن قاع النهر ومن قاع البحيرة ورفعها وتشوينها علي الجانب الذي يقام به مركز التعبئة ثم بعد تجفيفها هوائيا في عبوات 100 كيلو جرام وبعد تقوية الطمي وزيادة تركيز عناصره الغذائية من نيتروجين وفوسفور وبوتاسيوم ومعادن الغذاء الاخري الجوهرية التي يحتاج النبات منها كميات صغيرة بترسيبات مختلفة.