لم تعد الإصابات وحدها هي العدو الذي يطارد لاعبي كرة القدم في مصر وينهي مشوارهم مع الكرة في عز تألقهم بل سخر الموت حوادث السيارات لتحرم الكرة المصرية من خيرة أبناءها وهم في مقتبل العمر وعلي مشارف المستقبل المفتوح في عالم الساحرة المستديرة، لتنتهي مسيرتهم قبل أن تبدأ ويودعوا الملاعب قبل أن يدخلوها، وتبقي الكرة في مصر هي أكبر الخاسرين. احدث ضحايا حوادث السيارات اللاعب أحمد عادل عبد المنعم حارس مرمي الأهلي الذي تعرض لحادث مروع علي الطريق الدائري بالقرب من منطقة المرج واصطدم بأحد أعمدة الإنارة ولكنه لم يصب بأذي. وروي عبد المنعم تفاصيل الحادث المروع مؤكدا انه حاول أن يتفادي سيارة نقل كانت في مواجهته وتسببت في اصطدامه بأحد أعمدة الإنارة مما ادي الي اصابة السيارة بتلفيات جسيمة في حين لم يصب اللاعب نفسه بأي سوء باستثناء بعض الكدمات البسيطة. وكان اللاعب في طريقه من منزله بعين شمس إلي الجزيرة للمشاركة في احد تدريبات الفريق قبل أن يقع الحادث مباشرة. وكان أحمد ناجي مدرب حراس الأهلي هو اول من سارع بالاتصال باللاعب للاطمئنان علي سلامته بعد دقائق من الحادث. حوادث السيارات خطفت من كرة القدم المصرية خيرة أبناءها، حيث فقد فريق الترسانة لاعبيه أحمد وحيد نجم منتخب مصر للناشئين وزميله رامي جمعة في حادث سيارة في 29 أغسطس 2006 - قبل يومين من وفاة اللاعب محمد عبدالوهاب مدافع الاهلي في مران فريقه - توفي علي اثره الأول في الحال، ولحق به الثاني بعد يومين متأثرا بجراحه. وقبل أن يسدل عام 2006 ستائره ويرحل أخذ معه لاعب أخر من أبناء صعيد مصر، حيث لقي محمد صبري ابو العلا (23 عاما) مهاجم نادي اسمنت اسيوط أحد فرق دوري الدرجة الثانية في حادث تصادم بين حافلة الفريق وشاحنة علي طريق القاهرةأسيوط الصحراوي الغربي. وأصيب ثمانية من طاقم الفريق بينهم ثلاثة لاعبين في هذا الحادث، ولكنهم خرجوا جميعا بصحة طيبة، لتترك وفاة زميلهم حزنا عميقا في نفوس اعضاء الفريق. وفي أواخر ثمانينات القرن الماضي خطفت حوادث الطريق أحد أبرز المواهب في تاريخ الكرة المصرية، أبن الاسماعيلية محمد حازم عن عمر يناهز ال26 عاما في حادث سيارة بطريق الاسماعيليةالقاهرة، وهو في طريق العودة الي بيته عقب لقاء النادي الاسماعيلي مع نادي غزل المحلة مباشرة في يوم الثلاثاء 11 من نوفمبر عام 1986. وكان حازم بشهادة أبناء جيله من أفضل المواهب الكروية فنا وخلقا والتزاما، حيث حصل علي لقب هداف الدوري المصري موسمين متتاليين، وكان من أبرز لاعبي منتخب الفراعنة. وتوفي في هذا الحادث زميله في الفريق علي أغا حارس مرمي الأسماعيلي الذي لحق به بعد أيام قليلة، مر خلالها بغيبوبة تامة لم تستمر طويلا ليرافق زميله، فيما نجا من الحادثة المشئومة زميلهم محمود جابر. حكم اعدام كما عجلت حوادث الطريق بالقضاء علي موهبة نجوم كان يتوقع لها التألق في سماء الكرة المصرية، فأنهت حادثة طريق مسيرة اللاعب هشام عبد الرسول مهاجم فريق المنيا والمنتخب المصري، حيث اصيب باصابات بالغة قبل مشاركة منتخب الفراعنة في مونديال 1990، لتحرمه بعدها من الظهور علي البساط الأخضر وتجبره علي الاعتزال. وحول ذلك العدو اللعين للكرة المصرية حياة اللاعب محمد اليماني نجم المنتخب المصري للشباب صاحب برونزية مونديال الارجنتين 2001 من التألق والإبداع الي الانزواء وتدني المستوي بعد أن كان علي بعد خطوات من الانضمام الي يوفنتوس الايطالي. حيث تعرض هداف مصر في مونديال الشباب الي حادث انقلاب سيارته علي طريق القاهرةالإسماعيلية الصحراوي، عندما انفجر احد اطاراتها وانقلبت عدة مرات - ومعه ثلاثة من أصدقائه وتدخلت العناية الإلهية لإنقاذ اللاعب من موت محقق. كما أثرت حادثة طريق مروعة علي مسيرة النجم إبراهيم حسن نجم الأهلي والزمالك والمصري السابق، في فترة لعبه بصفوف فريق الزمالك، بعدما انقلبت سيارته أثناء توجهه إلي الغردقة لقضاء عطلة شم النسيم وأصيب بكدمات ورضوض و ارتجاج بالمخ ووضع في العناية المركزة، ليعجز بعدها عن العودة لسابق عهده، ويترك البساط الأخضر. وقبل أشهر قليلة كان القدر رحيما مرة أخري بلاعب الأهلي الشاب حسام عاشور عندما سقط بسيارته من أرتفاع ثمان أمتار من أعلي الكوبري الدائري في ديسمبر الماضي وهو في طريقه الي منزله بالهرم، ليخرج اللاعب سليما من سيارة مهشمة بالكامل وسط دهشة الجميع، وينجو برحمة الله من موت محقق. ونجا اللاعب الشاب هاني العجيزي من حادث سيارة أثناء عودته إلي بلدته فارسكور بمحافظة دمياط، عقب مباراة فريقه أمام الزمالك في الدوري المصري الممتاز. وكان اللاعب قد حاول تفادي كومة من الرمال علي جانب الطريق، إلا أن عجلة القيادة اختلت من يديه واصطدمت سيارته بالجزيرة الوسطي للطريق، ولكنه اصيب بكدمات خفيفة ورضوض عاد بعدها معافي للمشاركة مع فريقه. وبين ما تخطفه حوادث الطرق من نجوم الكرة المصرية، وما تتدخل العناية الألهية لتنقذهم من براثن الموت، تبقي سيارات اللاعبين هي العدو الجديد الذي يطارد مسيرتهم وينازع الكرة المصرية أبنائها.