في مقدمة الفصل الرابع من أطروحتها المعدة للدكتوراه تحت عنوان »القيم التشكيلية للرمز في أعمال أمل دنقل«، كتبت الباحثة حنان موسي: يعد "أمل دنقل " واحدا من أبرز شعراء الستينيات، "لديه عبقرية شعرية لا تلتمس إلا فيه ، ليس فقط بتميز الطرح الفني وثورية الْمُساءلة وجرأة التناول، ولكن بما كان يحمل من مأساة دفينة في نفسه كالبركان الكامن، لو خرجت منه لأوشكت أن تحرق العالم بنارها، كان يحمل كل هموم هذه الأمة علي كاهله وكان يطرح ذلك بجرأة وتفرد وتمرد" ، كان مشروعا شعريا استطاع أن يجعل من قصيدته صوتا خاصا في رؤيتها ومضمونها، فحملتها النخبة والعامة، خاصة تلك القصائد التي شكلت هموم الواقع المصري في الستينيات والسبعينيات، حتي ليذكر أن قصيدة "الكعكة الحجرية" وقصيدة "لا تصالح" هتف بهما جمع المتظاهرين لسنوات .. فهو يجدد شبابه الدائم بالفرار من قالبه التقليدي متخذًا لنفسه تجليات وأبعادًا فنية أكثر تنوعًا؛ وذلك بالاتكاء علي ما هو جوهري في التجربة، من النفوذ الثاقب إلي عمق التجربة الإنسانية في مستوياتها الشاملة ومنتجها الفكري والثقافي قديمًا وحديثًا، مما يسمح له باقتحام مناطق ومساحات متنوعة.. إن اهتمام " أمل " بالمشروع القومي كان مجرد صورة من صور اهتمامه العميق بالكلمة، الواقع الذي يستوعب الحاضر كما يستوعب المستقبل .. فالتطور الذي حدث في تقنيات الصورة الشعرية عند "أمل " هو لاشك جزء من تطور عام، لكنها تجسدت بشكل فني نافذ وواسع في قصائده . وقد تأثرت الفنانة حنان موسي في تجربتها الفنية تأثرا مباشرا بأعمال أمل دنقل، فجاءت تجربتها الفنية لتدور حول المفهوم الرمزي والسريالي لأعمال الشاعر "أمل دنقل " وكيف استفادت منه في تشكيل رؤيتها الذاتية في مجال فن الرسم والحفر ، ومحاولة الباحثة في إيجاد معادل بصري يعكس رؤيتها الخاصة في التعبير من خلال بعض القصائد. وتحمل تجربتها الفنية عنوان "تأملات" قدمتها من خلال مجموعة من اللوحات الفنية المنفذة في الفترة من أعوام (2010- 2015 م) ، مستخدمة فيها خامات الرسم المختلفة من أحبار ملونة وألوان مائية وأقلام رصاص وكولاج ... وغيرها، وأيضا تقنيات الحفر البارز من علي سطح الجلد " اللينو " والخشب، لتتجه من خلال التجريب للأفكار والتقنيات المتنوعة نحو رمزية تحريف الأشكال الطبيعية والعضوية في لوحاتها بشكل نسبي، للاستفادة من دلالات الأشكال المجردة وتعبيراتها المختلفة مع ظهورها مندمجة مع القطاعات الهندسية أو العضوية أحيانًا بما يتواءم مع موضوع العمل . وتضيف الباحثة في جزء آخر من الفصل الذي حمل عنوان " التجربة الشخصية في المعالجة الجرافيكية لأشعار أمل دنقل" : ولأن الرمزية هي البحث عن حقيقة وجود الكون بشكل عام وما فيه من كائنات حية وإلي ما ترمز . ومن ناحية أخري تُشَّكل الرمزية عنصرًا هامًا من عناصر التشكيل للرؤية الفنية، من ناحية الإدراك لمعطيات الشكل المادية الحسية للوصول إلي ما وراء المرئي، من خلال إحساس معنوي يتشكل في وجدان الباحثة ورؤيتها الذاتية عن طريق الخيال والإلهام .. وغيره، ليتحول بذلك من الإدراك الحسي الجزئي للقصيدة إلي الإدراك الكلي نحو المفهوم الرمزي والسريالي أو الفكرة المطلقة القائم عليها موضوعها الفني . وتعرض هذا الفصل إلي الأسباب التي جعلت من أشعار "أمل دنقل " مثيرا لتجربة البحث، وذلك لمكانة أمل دنقل كشاعر، بالإضافة إلي أشعاره التي وضعت من الإنسان وعذاباته في الحياة هي همها الأوحد، وشاغلها الشاغل. حيث تتوقف الباحثة في هذا الفصل عند بعض قصائد " أمل دنقل "، والتعبير عن بعض مقاطعها تشكيليا في محاولة منها إلي إيجاد رموز تشكيلية تناظر وتعادل مثيلاتها اللغوية من خلال أعمال نفذتها خلال مدة البحث معظمها رسم بالحبر الشيني الأسود علي الورق . ويضم البحث أربعة فصول، يتناول الفصل الأول الذي يحمل عنوان "دلالة الرمز بين النص الشعري والمعالجة التشكيلية"، مقدمة عامة تناولت فيها الباحثة معني الرمز وعلاقته بعدد من الموضوعات ومنها الرمز والتحليل النفسي، والرمز في الحضارة المصرية القديمة، وقيمة الرمز في عصر " أمنحتب الرابع " إخناتون ( 1369 1353 ق.م) ، والرمز في تاريخ الفرس(ملحمة الفردوسي الشعرية "الشاهنامة)، وآراء الفلاسفة في الرمز، والرمز في الشعر والأدب ، ودلالة الرمز في الشعر الحديث، وكذلك تطور مفهوم الرمز، وأنواع الرموز ودلالتها،و خصائص الرمز في الشعر المعاصر، القيمة الأدبية للرمز المعاصر، الرمز في القرآن الكريم . أما الفصل الثاني الذي يحمل عنوان "القيم الرمزية والسريالية في شعر أمل دنقل" فتطرح الباحثة خلاله نشأة وتطور المذهب الرمزي، وخصائص الرمزية في الشعر، والشعر الحرّ، وأهم الشعراء الرمزيين. كما تتطرق إلي المدرسة السيريالية Surrealisme «1924-1950» ، ودراسة بعض من أمثلة الفنانين السيرياليين. كما تتناول من خلاله حياة "أمل دنقل" مقدمة في نبذة مختصرة عن نشأته الاجتماعية ومسيرته الفنية وكتاباته ،كما تتعرض إلي المؤثرات الثقافية التي تركت أثرا في تشكيل أعمال "أمل دنقل " فهي نتاج منطقي لقراءاته المتعددة، والتي تنوعت بين التراث الشعري، والشعر الحديث، والكتاب المقدس، والثقافة الغربية، وكانت سببًا قويًا وراء انجذاب الشاعر إلي صف الحداثة الشعرية، وتتوقف الباحثة عند تأثير بعض أعلام هذه الثقافة في شاعرنا" ، كما يتناول الفصل الصورة الشعرية عنده فمنها ما كان قد استمده من التراث الشعبي، أو من المصادر الدينية، أو صور مستلهمة من المصادر الأدبية الأخري، كالتراث العربي الإسلامي. كما تتناول الباحثة أهم الرموز والشخصيات التراثيه التي أثرت بشكل كبير في أشعار "أمل دنقل" ، وأيضا رمزية الأساطير والخرافات عند دنقل ، والرموز السريالية في قصيدة لا تصالح . أما في الفصل الثالث فتتناول الباحثة صدي أمل دنقل في أعمال بعض التشكيليين وفي هذا الفصل تقدم الباحثة بعض أعمال الفنانين المصريين المستلهمة من النصوص الشعرية، أو كانت مصاحبة لها مع ذكر بعض هذه الأعمال، ومدي تأثرها بالنص الشعري لأمل دنقل " والمجموعات الشعرية الخاصة به، مثل: البكاء بين يدي زرقاء اليمامة، ومقتل القمر، وأقوال جديدة عن حرب البسوس، وأوراق الغرفة. ومن بين هؤلاء الفنانين علي سبيل المثال لا الحصر : جورج البهجوري، وعبير حمدي، وصلاح عناني، وهبه فكري، وحاتم عرفة ، وسمير عبد الفضيل، وبلال مقلد ، ومحمد حماد، وحامد العويضي، وحسن أبو زيد، وممدوح القصيفي، وبهجت عثمان، وآدم حنين، وجودة خليفة، وسبهان آدم ، ونجاة فاروق، ومحمد حجي، والفنان صلاح عناني وهو ما سنعرضه تفصيليا علي صفحات بستان هذا العدد. وقد حصلت الفنانة علي بكالوريوس الفنون الجميلة قسم جرافيك عام 1994 ، وشغلت العديد من المناصب كان آخرها رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث بالهيئة العامة لقصور الثقافة، كما تقلدت عدة مناصب ومنها: مدير عام الإدارة العامة لثقافة المرأة بالهيئة العامة لقصور الثقافة، ومدير إدارة الفنون التشكيلية بقصر ثقافة الطفل المتخصص بجاردن سيتي، وكذلك مدير إدارة الفنون التشكيلية بالإدارة العامة لثقافة الطفل. وقد نشر لها من قبل كتاب "الفنان حسين الجبالي" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في ديسمبر 2014 . كما نشرت بحثا عن " فن القناع وعلاقته بفنون الشارع " وتم مناقشته بندوة "فنون الشارع ورؤي المستقبل" بالقاعة الكبري بالمجلس الأعلي للثقافة. وينسب لحنان موسي تنفيذ عدد من الأفكار الطموحة ، فعلي سبيل المثال هي صاحبة فكرة ملتقي فنون وثقافة المرأة بالأقصر والذي تم تنفيذه في فبراير 2016م، وكذلك فكرة ملتقي نساء الصيادين ببورسعيد والذي تم تنفيذه في 2016م . وصاحبة فكرة إقامة ورشة لعمل جدارية بميدان التحرير عن شهداء الثورة في مارس 2011، وكذلك فكرة إقامة سمبوزيوم الطفل الأول لفن الجرافيك والعمل كقوميسير عام مساعد لسمبوزيوم الطفل الأول لفن الجرافيك 2010م برعاية قصر ثقافة الطفل بجاردن سيتي و الهيئة العامة لقصور الثقافة . وهي أيضا صاحبة فكرة معرض من وحي أشعار أمل دنقل الذي أقيم بقصر الامير طاز بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية وغير ذلك . ولم تتوقف علاقة حنان موسي بأشعار أمل دنقل عند الانتهاء من رسالتها البحثية التي نالت عنها درجة الدكتوراه ، بل تؤكد الفنانة أنها بصدد الإعداد لمعرض ضخم من وحي أشعار أمل دنقل.