يقول الشاعر اليوناني سيمونيدس: "الرسم شعر صامت والشعر تصوير ناطق" ليس الشعر وحده هو ملهم الفنانين التشكيليين، فلطالما تحولت الكلمة لملهم، ومفتاح لكثير من العوالم، بداية من توظيف الخطوط في الأعمال التشكيلية والكشف عن بواطنها مرورا بتلك التأثيرات النفسية التي تحدثها كلمات الأدباء في الفنانين التشكيليين والعكس. هناك عشرات الأبحاث والدراسات النقدية التي طرحت علاقة الأدب بالتشكيل، لا سيما علاقة الشعر بالفن التشكيلي، حيث شبه البعض القصيدة باللوحة متعددة الطبقات، واللوحة بالقصيدة المتضافرة العناصر الفنية. ولعل واحدا من الأمثلة التي أكدت علي تلك الرابطة القوية بين الفنان التشكيلي والشعر هو تلك الأطروحة التي قدمتها الباحثة والفنانة حنان موسي لنيل درجة الدكتوراه منذ عدة أشهر والتي حملت عنوان "القيم التشكيلية للرمز في أعمال أمل دنقل." وقد طرحت الباحثة في رسالتها مدي تأثرها بالشاعر أمل دنقل وتأثيره في أعمالها وهو الأمر الذي أفردت له الفصل الأخير من رسالتها كاملا تحت عنوان " التجربة الشخصية في المعالجة الجرافيكية لأشعار أمل دنقل"، حيث جاءت التجربة الفنية للباحثة لتدور حول المفهوم الرمزي والسريالي لأعمال الشاعر "أمل دنقل " وكيف استفادت منه في تشكيل رؤيتها الذاتية في مجال فن الرسم والحفر، ومحاولتها في إيجاد معادل بصري يعكس رؤيتها الخاصة في التعبير من خلال بعض القصائد. ولم تتوقف الباحثة عند طرح تأثرها بأمل دنقل ، بل لقد ضمنت رسالتها أيضا صدي أشعار دنقل في أعمال عدد كبير من التشكيليين من أمثال جورج البهجوري، وصلاح عناني، وهبه فكري ، وسمير عبد الفضيل ، وآدم حنين ، ومحمد حجي وغيرهم. وقد آثرنا أن نقدم للقراء علي صفحات البستان هذا العدد الفصل الثالث والذي قدمت الباحثة من خلاله أعمال بعض الفنانين المصريين المستلهمة من النصوص الشعرية، أو كانت مصاحبة لها مع ذكر بعض هذه الأعمال، ومدي تأثرها بالنص الشعري، والمجموعات الشعرية الخاصة بالشاعر أمل دنقل ، مثل : البكاء بين يدي زرقاء اليمامة، ومقتل القمر، وأقوال جديدة عن حرب البسوس، وأوراق الغرفة. م.ع