كثيرون فرحوا بالحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الاداري بالمنصورة بحرمان فلول الحزب اللاوطني المنحل من خوض انتخابات مجلسي الشعب والشوري القادمة. هؤلاء اعتبروا هذا الحكم تاريخي.. ونصر للثورة المجيدة التي اندلعت في الخامس والعشرين من يناير الماضي وأسقطت دولة الفساد والفرعون الأخير مبارك. ولكن هذه الفرحة لم تدم طويلا. بعد أيام قليلة أصدرت المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة حكما مضادا وأعادت فلول الحزب المنحل ومكنتهم من خوض الانتخابات. الذين فرحوا وأسعدهم الحكم الأول شعروا بخيبة أمل كبري بعد صدور الحكم الثاني.. بل ان بعضهم اعتبر مجلس الدولة بأكمله ضد الثورة والثوار.. ودعوا لمليونية لتطهير القضاء ومجلس الدولة بما أن بعض أحكام القضاء مازالت تصب في مصلحة النظام السابق وأعوانه. وللحق فإن أصحاب هذه الدعوات ليسوا جميعا حسني النية.. بل أن غالبيتهم من التيارات الدينية التي تحاول الانقضاض علي السلطة رغم أنهم لم يشاركوا في الثورة بل أن موقفهم خلال ال18 يوما المجيدة في تاريخنا كان مشينا عندما رفضوا مشاركة الشعب في ثورته بحجة أن الخروج علي الحاكم حراما شرعا. علي الجانب الآخر.. نجد فرحة عارمة اجتاحت فلول الحزب اللاوطني المنحل بعد حكم الادارية العليا والذي جاء بمثابة طوق نجاة لهم ليعودوا الي الحياة معتقدين أن دخولهم مجلس الشعب والشوري سيعيد الماضي وفساد الماضي وظلم الماضي وقهر الثورة الخالدة والانتقام من الثوار. هؤلاء الفلول رموز الفساد الذين شاركوا ولو بالصمت في انهيار مصر وقتل ألف شاب من خيرة أبنائها أثناء الثورة وجرح ما يزيد عن 5 آلاف مصري يتصورون أن الشعب المصري مازال ساذجا ستنطلي عليه حيلهم القذرة وسيتركهم يفوزون بمقاعد في مجلس الشعب والشوري. المعركة الانتخابية القادمة كشفت لنا جميعا أن مصر تعيش الآن بين خطرين داهمين. الخطر الأول هو التيار الديني - وخاصة المتشدد - الذي يسعي إلي امتلاك زمام الأمور في البلاد وتحويلها إلي دولة وهابية مستغلا ترحيب الولاياتالمتحدةالأمريكية بهم كما جاء علي لسان وزيرة خارجية الدولة العظمي مؤخرا. والخطر الثاني هو بقايا وفلول الحزب اللاوطني المنحل الذي يسعي لاستعادت مكانته القديمة ونفوذه وسلطانه لينتقم من الثورة والثوار ويعود بمصر كلها إلي الماضي الأليم الذي هوي ببلادنا الي احتلال أدني الدرجات بين سائر الأمم. ولكن الخطران اللذان يداهمان مصر مازال أمامهما تحدي كبير جدا.. هو الشعب المصري. هذا الشعب الذي انتفض فأسقط نظاما بوليسيا حديديا في أربعة أيام وأسقط فرعون في 18 يوما وهذا الشعب سيحمي مصر من هذين الخطرين وسيسقطهما في الانتخابات القادمة ولن تنطلي عليه حيل الفريقين. والأيام بيننا.