أنا واحد من عشاق تراب هذا البلد، أحببتها مصر فأحبتني ،وأعطيتها فأعطتني وخفت عليها ولا أجد من يخاف عليها. وأري قرون الشيطان تتشابك أمامي لتكتب تاريخ 03/6 ففزعت أشد الفزع، وبعد أن نال مني الوجع قررت - علي طريقه الشرطة في منع الجريمة - الاستعانه بأرباب السوابق في القتل لكي أمنع مذبحة علي مرمي البصر، ولم أجد سوي " الحشاشين " للاستعانة بهم، وهم جماعة من الشيعة الإسماعيلية ظهرت في القرن الحادي عشر واشتهر عنهم كثرة القتل والاغتيالات فنشروا الرعب شرقاً وغرباً وكونوا تنظيماً قوياً تعلم منه العالم كيف تكون التنظيمات والجماعات، كانت لهم قلاع وحصون أشهرها قلعة الموت، حتي قيل إن الغرب سمي القتلة والإغتياليين Assassins " اشتقاقا من اسمهم . وحين استحضرت أحدهم فقلت له : أنتم أكثر من قَتل وقُتل فقل لي بربك كيف نمنع القتل في ذلك اليوم ؟ قال الأمر بسيط أقتل قادة الطرفين فتنتهي المعركة قبل أن تبدأ فهذه هي إحدي الطرق التي كنا نستخدمها لمنع الاقتتال، فقلت له : أمجنون انت ! طلبت مشورتك لمنع القتل وليس لفعله، فالرجل في بحبوحة من أمره ما لم يصب دماً حراماً. . قل لي حلاً اخر، قال :إذن أخبرني عن طرفي النزاع وكيف يفكرون . قلت : التيار المدني (تمرد) يقول: إن الإخوان لا خبرة لهم في الحكم ويتصرفون بطريقة مريبة، ويخفون في أنفسهم اكثر مما يظهرون، ويتمسكون بأدوات الحكم والسيطرة علي مقاعد السلطة، ويستحوذون عليها ويريدون أن يجعلوا مصر دولة دينية، بل جزء من خلافة إسلامية تحكم بالشرع، هذا بخلاف من يدعمهم من السلفيين والإسلاميين الذين يريدون أن يقهروا المرأة ويعيدوها إلي عصر الجواري، وهم لايهتمون من الدين إلا بظاهره فلا يأخذون بجوهر الإسلام من صدق الحديث ودقة العمل والتمسك بالوعود والأخذ بأدوات التقدم والرقي . أما الطرف الآخر (تجرد) وهم من التيار الإسلامي فيري الآخرين علي أنهم علمانيون فسقة، يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، ويهاجمون الإسلام رغم أنهم مسلمون، يريدون متاع الحياة الدنيا وما لهم في الآخرة من نصيب، يريدون إسلاماً أبتر الأطراف، يري الحاكم فيه الفسق والفجور ولا يحرك ساكنا، ولا ينتصر لدين الله وشرعه، يريدون إسلاماً لطيفاً ظريفاً أمريكي الهوي أوربي المنشأ، تتحرك فيه المرأة كاسية عارية تحت شعارالموضة ،وتمارس فيه ألوان الفسق والفجور تحت مسمي الفن، ويتم فيه تداول الكتب والقصص التي تمتليء بالشرك والكفر تحت مسمي الأدب والثقافة. حينئذ انتفض الرجل وقال : أنت تتحدث عن أناس من كواكب مختلفة بل ومن عصور مختلفة أيضا، فهؤلاء لا يمكن ان يتعايشوا مع التيار الآخر ،إذن فليقتتلوا جميعا، وخذوا عبرة من التاريخ فكم قتل الناس بعضهم بعضاً وتحت راية الدين والعقيدة أيا كان هذا الدين أو هذه العقيدة .فقلت له أغرب عني فأنت لا تري الا الدم، فسأجتهد بنفسي ورأيي، المشكلة في نظري تتلخص أولاً في جهل كل طرف بفكر الطرف الآخر والانسان عدو ما يجهل، وثانيا في سوء النية المتبادل، والجهل وسوء النية يمثلون سداً ذريعا أمام أي محاولة للحل، وبناء عليه أعلن دعوتي عن هدنة لمدة عام أو أكثر، وخلال هذه الهدنة يحاول كل طرف مخلص أن يتفهم الطرف الآخر - رغم صعوبة ذلك - وأن يتعهد من في الحكم بالآتي :- أ) الكف عن سن قوانين أو تشريعات جديدة إلا في القطاع الاقتصادي أو ما يدفع عجلة الإنتاج. ب) تحقيق أمن حقيقي وتحييد جهاز الشرطة والقضاء والجيش ليكونوا خارج المعادلة السياسية . ج) عدم إصدار أي قرارات أو تعيينات جديدة تستفز التيار المدني . د) تقديم جدول زمني بالخطوات المزمع القيام بها خلال فترة الهدنة والهدف من كل خطوة . وفي المقابل يتعهد التيار المدني بالآتي :- أ) الكف عن التظاهرات وتحريك الشارع ب) الاكتفاء بالمراقبة وتقديم المشورة في حالة الاعتراض علي أي من أفعال الطرف الاول . ج) الانتظار حتي نهاية الهدنة وتقييم نتائج الفترة بطريقة محايدة . وعلي الطرفين إسكات أبواق الدعاية لكل منهما والالتزام بالموضوعية والهدوء وأذكركم جميعا بقول الله تعالي : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ............" (آل عمران102-103) فإن استطعنا ذلك فكفي الله المؤمنين القتال، وإلا ستصبح مصر للأسف كلها من الحشاشين .