تواصل «الأخبار» فتح ملف الرعب المائي الذي ساد جميع الأوساط بمصر، وذلك في مقابل أفراح اثيوبية عارمة احتفالا ببدء تحويل مجري النيل الأزرق في إطار بناء سد النهضة الإثيوبي. وفي الوقت الذي حذرت مصادر رفيعة المستوي للأخبار من النتائج الأساسية لتقرير اللجنة الثلاثية لخبراء مصر وأثيوبيا والسودان حول السد، جاء رد فعل الحكومة هادئا، وقالت ان مصر تساند إقامة أي مشروع تنموي في دول حوض النيل مادام انه لا يؤدي لاضرار في دولتي المصب مصر والسودان، وأشار مجلس الوزراء في بيان له أمس إلي وجود سيناريوهات جاهزة للتعامل مع جميع الاحتمالات. كما أكدت وزارة الخارجية ان التفاهم والتفاوض سيكون الطريق الرئيسي لتحقيق المكاسب، وقالت المصادر للأخبار ان خياراتنا التفاوضية محددة، ا فيما وصف سفير إثيوبيا بالسودان الآثار السلبية المتداولة في الإعلام بأنها غير حقيقية. أكدت مصادر قريبة من أعمال اللجنة الثلاثية لتقييم سدالنهضة الإثيوبي أن مصر لا يمكنها سياسياً ولا أمنياً دفع إثيوبيا لوقف مشروعها ببناء السد والذي يري فيه الشعب الاثيوبي نهضة كبيرة لبلاده، إلا أن هناك تفاوضا الآن علي أن يتم تعديل بعض المواصفات الخاصة بالسد وتقليلها بحيث لا تؤثر سلباً علي كميات المياه الواردة إلي بحيرة السد العالي،ومشاركة مصر لإثيوبيا في تشغيل السد ووضع لجنة مصرية دائمة لمراقبة عملية التشغيل وتصرفات المياه، كما حدث في خزان أوين بأوغندا. وأضافت المصادر أن لجنة الخبراء الثلاثة التي تضم مصر والسودان واثيوبيا لدراسة آثار السد والتي انتهت من دراساتها توصلت إلي مجموعة من الآثار السلبية للسد علي الأمن المائي المصري والسوداني، مؤكداً أن السد الذي يقام علي النيل الأزرق سيخصم من حصة مصر في مياه النيل بحوالي 12 مليار متر مكعب سنويا . وأوضحت المصادر أن قرارات اللجنة غير ملزمة لإثيوبيا، بينما هناك التزام أدبي من الدول الثلاث لتوصيات ونتائج هذه اللجنة. وتابع المصدر أن التقرير حدد آثار السدود علي الوارد لمصر من مياه النيل الأزرق الذي يمد مصر ب85٪ من حصتها المائية، وأيضا تم تحديد توقيتات وكميات هذه المياه الواردة وقواعد التخزين والتشغيل للسد وكيفية التعامل مع هذه القواعد خاصة في حالة انخفاض معدلات سقوط الأمطار وتعرض البلاد للجفاف وورود فيضانات منخفضة وغيرها من التغيرات المناخية التي قد تؤثر علي الوارد لمصر من مياه النيل وبما يحفظ في نفس الوقت حقوق مصر المائية التاريخية. وأشار إلي أن الرؤية المصرية في أعمال اللجنة الثلاثية ارتكزت علي دعم العلاقات بين دول حوض النيل وفي إطار العلاقات الأبدية والأزلية بين مصر وإثيوبيا والتعاون القائم بين البلدين علي المنفعة المشتركة لصالح شعوب البلدين خاصة إثيوبيا ومصر، لتحقيق التنمية. ؛كما أوصت ان الدراسات المقدمة تشير إلي أن القدرة التخزينية لسد النهضة تقدر بنحو63 مليار متر مكعب ومساحة البحيرة تصل إلي 1680 كيلومترا، وارتفاع السد يصل إلي 140 مترا وطوله 1800 متر وقدرة محطاته الكهربائية تقدر بنحو5 آلاف و250 ميجاوات ويبعد بنحو20 كيلومترا عن الحدود السودانية، و120 كيلومترا عن خزان "الرصيرص" السوداني.وان السد يمثل خطرا حقيقيا علي دولتي المصب مصر والسودان . وكشف الدكتور علاء الظواهري، عضواللجنة الثلاثية لتقييم سد النهضة الإثيوبي، أحد الخبراء في مجال هيدروليكا وهندسة الري، عن العديد من المفاجآت وهي أن اللجنة التي مضي علي اجتماعاتها أكثر من عام فوجئت قبل خروج تقرير اللجنة الثلاثية ، بأن إثيوبيا اتخذت قراراً بتحويل مجري نهر النيل الأزرق، مؤكداً أن القرار كان متوقعا أن يؤخذ في شهر سبتمبر القادم وليس مايوالحالي . وأضاف الظواهري أن التقارير أكدت أن إثيوبيا تسعي لبناء 4 سدود علي النيل الأزرق منذ 2009-2010 وهي ''بيكوأربوا، ومندايا، وكارادوبي، وبوردر'' وبعد الثورة تحول سد بوردر إلي ما يسمي بسد الألفية ومساحته الاستيعابية 63 مليار متر مكعب، وبعدها بشهر تحول إلي ما يسمي ب ''سد النهضة'' ويستوعب 74 مليار متر مكعب، لافتاً النظر إلي أن إثيوبيا أعلنت أن 2025 سيكون تم بناء 4 سدود علي النيل الأزرق بطاقة استيعابية 200 مليار لتر مكعب، وحينما حدث تخوف من ذلك تم تشكيل لجنة ثلاثية لإثبات عدم وجود ضرر علي مصر. وأشار الظواهري إلي أن تقارير إثيوبيا التي أعطتها للجنة الثلاثية ضعيفة ولا يمكنها أن توضح أي شيء بصورة متعمدة، وفي تشكيل اللجنة الثلاثية كان سببها هو(دراسة سد النهضة تحت الإنشاء) وهي كلمة عليها مآخذ لأنها أمر واقع، لكن الجانب الإثيوبي يعطي تطمينات مستمرة لكن الفعل كان مخالفا، وكان ينبغي أن يكون هناك رد عنيف علي ذلك مضيفاً: أطالب من الدولة أن تعلن غضبة علي الأقل مما حدث من توقيت تحويل النهر الأزرق ''. واكد الظواهري أنه بعد تحويل مجري النهر ستتمكن إثيوبيا من بناء سد بصورة سريعة جدا حتي تتمكن من التخزين لذلك ينبغي علي المسئولين في مصر أن تتخذ خطوات سريعة تجاه ذلك منها دفع إثيوبيا بالاعتراف بحصة مصر التاريخية، وأن يتم شق قناة في منطقتي ''البر أكوبو'' و''نشار'' لزيادة المياه الواصلة للنيل بحيث تصل لنسبة 4 مليارات متر مكعب لمصر والسودان، واستكمال مشروع قناة ''جونجلي '' في بحر الغزال، وأن تتفق مصر والسودان علي موقف سياسي موحد. وأشار الظواهري إلي أن القوانين الدولية تقول إن إثيوبيا لم تتخذ خطوات يمكن إدانتها وهي أن نهر النيل نهر دولي ودولة المنبع عليها ألا تصيب دولة المصب بالضرر، وعند بناء أي سدود أوتغيرات لابد من إخطار دولة المصب، وإثيوبيا لم تخطر مصر ببناء سد، ولم تثبت عدم التسبب للضرر في مصرو بالتالي ينبغي علي الدبلوماسية المصرية استخدام القانون الدولي لأنه في صفها، والتفاوض مع إثيوبيا لبناء سد بسعة 14 -20 مليار متر مكعب وليس 74 مليار متر مكعب حيث سيولد مرة ونصف الطاقة الكهربائية التي تحتاجها إثيوبيا وضخ استثمارات مصرية مباشرة للزراعة في إثيوبيا مؤكداً أن الثلاثة بدائل هذه هي الحل. وقال الظواهري للخروج من أزمة اقامة سد النهضة والسدود الإثيوبية الأخري علي النيل الأزرق يجب الاتفاق بين الدول الثلاث مصر واثيوبيا والسودان علي انشاء سدود متوسطة بطاقة اقل لتوليد الكهرباء واقل خطرا وتأثيرا. وقال الدكتور الظواهري انه اذا كانت تريد اثيوبيا عدم الاضرار بمصر ببنائها سد النهضة يجب عليها مد فترة ملء السد الي 25 سنة بدلا من 6 سنوات بملء يمثل الحل الوحيد حتي لا يكون هناك ثأثير علي مصر مشيرا الي ان هذا الامر قد يكون مستحيلا . موضحا أن اعمال اللجنة الثلاثية ليس لها علاقة باستكمال مشروع السد الذي يعد قرارا سياسيا بحتا غرضه كسب الوقت وكسب الشرعية الدولية خاصة أن توصيات اللجنة أيا كانت هي مجرد رأي استشاري غير ملزم لأي حكومة من الحكومات . وقال الهندس احمد ابوالسعود عضواللجنة الفنية لتقييم اثار السد ان اثيوبيا مستمرة في بناء السد وقامت بعمل اكتتاب شعبي لجمع الاموال للمساعدة في تمويل بناء السد الذي تعتبره مشروعها القومي للخروج من الازمة الاقتصادية. وقال ان الخطر الحقيقي علي مصر هو خلال فترة ملء السد الاثيوبي ولواعتبرنا ان الفترة هي 6 سنوات فهذا يعني استقطاع 15 مليار متر مكعب كل سنة وطالبنا في تقريرنا بزيادة فترات الملء لتقليل الاثار . واضاف ابوالسعود ان من الاثار السلبية لسد النهضة انه مبني علي التربة البركانية التي تتكون في معظمها من البازلت وهوسهل التفتيت يمثل خطورة كبيرة علي إثيوبيا في حالة انهيار السد كما يمثل تهديدا مباشرا للسودان نظرا لارتفاع منسوب الأراضي الإثيوبية كثيرا عن الأراضي السودانية. واضاف انه عند تشغيل السد سوف يؤثر علي السد العالي وكمية الكهرباء المولدة من السد . وقال اننا وضعنا مجموعة من الحلول منها اذا كان الهدف الاساسي لاثيوبيا من انشاء السد هو توليد الكهرباء فيمكن انشاء سدود صغيرة ومتوسطة .. وكذلك ضرورة تشكيل لجنة بمشاركة الدول الثلاث من مصر والسودان واثيوبيا تكون مهمتها الاشراف علي السد في حالة تشغليه ووضع مجموعة برامج لتشغيل السد .