غالبية المجتمعات في بلاد العالم تضع سعادة الأمة التي تنتمي إليها فوق كل تقدير سواء كانت راغبة في نظام الحكم السائد. أو حتي غير راغبة. علي الأقل لا تضع هذه المجتمعات العقبات الكأداء في طريق النظام الحاكم. لانها تؤمن أن بيديها عملية التغيير في حال سيطرة المصالح السلطوية لا الأفكار البناءة،سيطرة مباشرة علي أعمال هذا النظام. هذه المجتمعات تكون واقعية بما فيه الكفاية إذ تدرك أن مصالح الأمة وكل فرد هي الغاية التي تسعي إليها وبالطرق السلمية. ولكن في مصر فإن الأمر مختلف تماما حين يسعي البعض إلي جعل شكل المصالح هي التي تقرر العمل السياسي حتي لو تتطلب الأمر اتخاذ كل السبل للوصول إلي السلطة وقد يبدو غريبا. إننا نشاهد ونري دعوات للعصيان المدني والتمرد وأخري للتجرد وربما سينتهي بنا المطاف إلي التشرد ودعوات أخري بعدم الوفاء ببعض الالتزامات تجاه الدولة أو بقطع الطرق نتيجة اختفاء فتاة أو زوجة ثم يتضح أنها كانت برفقة حبيب أو صديق. نعلم جميعا أن هناك التزامات اجتماعية متزايدة علي الرئيس والحكومة وعلينا جميعا أن نبحث عن حلول لها لا أن نضع العقبات. لا الكهرباء ولا الماء أو الصرف الصحي ولا أي خدمة كانت علي ما يرام طوال عشرات السنين لكنها مطالب برزت هذه الأيام وبعد الثورة تحديدا.. النظرة الواقعية إلي الموقف الحالي تؤدي بنا إلي الخروج بنتيجة وهي أن المطالب لا يمكن تحقيقها إلا إذا كانت ضمن حدود القانون وتعتمد علي الأساليب السلمية للحصول عليها لأن تاريخ المجتمعات يظهر أنه ليس هناك فئة سياسية أو دينية تمكنت ولمدة طويلة من تحقيق مطالبها بوسائل الغضب إذ رأت أنها قادرة علي أن تفعل ذلك دون تعريض نفسها لخطر أكبر وبالتالي تعريض المجتمع إلي التفسخ والتمزق إما مؤقتا أو بصورة دائمة.