ملخص ما نشر في الحلقة السابقة كشفنا عن السيناريوهات الأربعة التي كانت معدة لاغتيال الرئيس السادات وهي: قتله في استراحته بالقناطر وذلك باقتحامها حال وجوده بها.. لكن أعضاء التنظيم صرفوا النظر عن هذا السيناريو لصعوبة تنفيذه حيث الحراسة القوية.. السيناريو الثاني عن طريق تفجير سيارة بوتاجاز تقتحم مقر الاحتفال بعيد الجلاء حال وجوده.. السيناريو الثالث وهو اغتيال الرئيس السادات وهو في طريقه الي جامعة القاهرة لحضور احتفالات الحزب الوطني. السيناريو الرابع والأخير وهو اغتيال الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر 1891 بتفجير طائرة بمنصة العرض العسكري.. لكن تم تعديل الخطة وتم الاغتيال باقتحام العرض العسكري واغتياله بالأسلحة الآلية. واصل تنظيم الجهاد الدموي الارهابي.. قاتل السادات جهوده المكثفة وحركته الدؤوب التي لاتهدأ ولم تستطع أجهزة الأمن علي كافة مستوياتها أن تحس بها وكأنها كانت في غفلة تامة أدخلتها في غيبوبة عميقة.. وقد انصبت تلك الجهود علي سرعة الاعداد القتالي المتقن لعناصر التنظيم والتجهيز الدقيق لعملية اغتيال رئيس الدولة بعد أن تم تحديد ساعة الصفر بيوم 6 اكتوبر 1891 أثناء العرض العسكري احتفالا بذكري انتصارات قواتنا المسلحة الباسلة في اكتوبر 3791 علي قوات الجيش الإسرائيلي الذين زعموا بأنه الاسطورة التي لاتقهر.
وكانت ساعة الصفر قد تحددت من خلال اجتماع قادة التنظيم بالقاهرة يومي 52 و 82 سبتمبر 1891، وقد تواصلت اجتماعات القادة بعد ذلك في تكتم شديد وسرية مطلقة لاسيما لقاءات كل من محمد عبدالسلام فرج القائد الفكري للتنظيم وعبود الزمر قائد الجناح العسكري حيث انفردا بوضع خطة الاغتيال واختيار المجموعة التي يناط بها تنفيذ هذه الخطة. والمكونة من ملازم أول خالد أحمد شوقي الاسلامبولي - مواليد عام 8591 ولم يتزوج وحاصل علي المركز الأول في بطولة الجيش للرماية - وملام أول عبدالحميد عبدالسلام عبدالعال علي - مواليد 3591 متزوج. استقال من الجيش بعد توقيع اتفاقية »كامب ديفيد« وملازم أول مهندس عطا طايل حميده رحيل - مواليد 4591، لم يتزوج وخريج كلية الهندسة - ورقيت متطوع حسين عباس محمد - مواليد 5591 »متزوج« قناص يجيد الرماية -. وبتاريخ 2/01/1891 تسلم خالد الاسلامبولي من محمد عبدالسلام فرج 18 طلقة »عيار 26.7 * 93« من بينها 4 طلقات »خارق خارق« علي كل منها علامة حمراء، كما زوده بكمية من الذخيرة »عيار 9 مللي« وبمجموعة من القنابل اليدوية، وفي مساء يوم 4/01/1891 سلمه محمد عبدالسلام فرج 4 قنابل يدوية شديدة الانفجار، كما تم احضار 31 قنبلة يدوية و 7 قنابل دخان من قيادي التنظيم أنور عكان أمير التنظيم بالشرقية تولي عضو التنظيم القيادي الدكتور محمد طارق ابراهيم - الذي كان مرشحا وزيرا للاعلام بعد نجاح خطة الانقلاب وقتل السادات - حيث تولي نقلها من بلده الجديدة مركز منيا القمح شرقية بسيارته الخاصة. وكان تلك القنابل متحفظ عليها بمحل ترزي قريب من منزل أنورعكاشة حتي صبيحة يوم ارتكاب أحداث المنصة.
في سبيل انجاح خطة الاغتيال محمد عبدالسلام فرج قد اتفق مع المقدم ممدوح محرم حسن أبوجبل علي امداده »بابر ضرب نار« وخزن بنادق آلية وخزنة رشاش قصير، وأوفد إليه الدكتور محمد طارق ابراهيم وصالح جاهين القياديين بالتنظيم حيث قام المقدم ممدوح ابوجبل بتنفيذ هذا التكليف التنظيمي وذلك بتسليمهما الابر والخزانة المطلوبة، حيث سلما الابر والخزانة بدورهما إلي محمد عبدالسلام فرج مغرب يوم الاحد 4/01/1891. وفي مساء نفس اليوم التقي محمد عبدالسلام فرج بمقر اقامته ببولاق الدكرور بكل من خالد الاسلامبولي وعبدالحميد عبدالسلام - عضوا مجموعة الاغتيال - والقيادي أسامة قاسم الذي كان يشرح لخالد الاسلامبولي كيفية استخدام القنابل اليدوية، وقد تسلم خالد خلال هذا اللقاء التنظيمي السري الخزائن والابر والقنابل ووضعها في حقيبته »السمسونايت«. خالد الأسلامبولي يصطحب رفاقه الثلاثة أعضاء مجموعة الاغتيال الي أرض العرض العسكري ليلة 5 أكتوبر ويلحقهم بوحدته العسكرية تحت رئاسته بخطاب مزور توطئة لاشراكهم في طابور العرض العسكري يوم 6 أكتوبر حتي يتمكنوا من وضع خطة اغتيال الرئيس موضع التنفيذ الفعلي. في الساعة العاشرة من الليلة السابقة علي أحداث المنصة الدامية استقل خالد الاسلامبولي وعبدالحميد عبدالسلام سيارة الأخيره »الفيات« من أمام كازينو الميرلاند، حيث التقيا بكل من عطا طايل وحسين عباس بميدان الاسماعيلية بمصر الجديدة، وقد ارتدي جميعهم الزي العسكري حيث توجهوا الي أرض العرض العسكري بمدينة نصر علي مقربة من تجمع آليات وأفراد وحدة خالد الاسلامبولي العسكرية. وقد نزل الثلاثة من السيارة وتركوها بعيدا ثم ترجلوا علي الأقدام الي مسرح العمليات ومعهم خطاب مزور تضمن أنهم ملحقون من اللواء 881 مدفعية، وكان الاتفاق يقضي بأن يدخل الثلاثة - عبدالحميد عبدالسلام وعطا طايل وحسين عباس ويسألون عن وجود خالد الاسلامبولي الذي كان قد ترك مسبقا خبرا في وحدته العسكرية بأن هناك ثلاثة من الجنود الملحقين سيصلون تلك الليلة، وعقب دخول هؤلاء الثلاثة بربع ساعة تقريبا لحق بهم خالد فوجدهم في انتظاره، حيث طلب منهم مخالطة جنود وحدته العسكرية بعد أن مزق الخطاب المزور الذي كان معهم والذي أعده كخديعة لالحاق الثلاثة المذكورين بوحدة خالد العسكرية. وفي صباح يوم الاثنين الموافق الخامس من أكتوبر 1891 عين خالد الاسلامبولي الثلاثة - رفقاءه في مجموعة الاغتيال - خدمة علي السلاح بوحدة العسكرية، وفور أن تلقف الأمر بنزع »ابر ضرب النار« من أحد الضباط المكلفين بالاشراف علي طابور العرض العسكري، كلف خالد عبدالحميد عبدالسلام بتمييز البنادق الثلاث بقطع من القماش، وفي نفس الوقت ترك خالد حقيبته »السمسونايت« أسفل سريره بعد أن أخرج منها القنابل الأربع ووضعها مخفاه داخل خوزته وكلف حسين عباس بحراسة خيمته. وللحديث بقية في العدد القادم بعون الله تعالي.