أضاف: أن الأزهر يسعى الآن من خلال خطة مدروسة للنهوض بالتعليم الأزهري على كافة المستويات الداخلية والخارجية، فقد أنشأ الإمام الأكبر شعبة العلوم الإسلامية للمساهمة في تنمية الخطاب الداخلي والخارجي على السواء لتخريج متعلمين لديهم التميز، والقدرة على الحوار الإيجابي بعدما ابتلي الأزهر خلال الفترات الماضية بخريجين ضعاف المستوى يقودون عملية الدعوة الإسلامية داخليا وخارجيا فنشأ عن ذلك مشكلة الخطاب الديني المعاصر، وساهم أمثال هؤلاء بجعل الفكر الإسلامي في مرمى الدفاع عن وسطيته واعتداله وتجدده في مواجهة المتغيرات المعاصرة، والمشكلة ذاتها حدثت بين الطلاب الوافدين الذين حضروا إلى مصر وتركوا أهلهم وذويهم وعادوا دون أن يتعلموا المعارف والعلوم الأزهرية ومناهج اللغة العربية ، تاركين ألسنتهم للعامية الشعبية، وكان الحل في تحقيق أقصى درجة من الانضباط عن طريق تنظيم الحضور والغياب ليكون بنسب محدودة غير متجاوزة ، وإنشاء كلية للعلوم الإسلامية يدرس بها الطلاب الوافدون، الذين يمثلون معاني الهجرة النبوية في أرفع درجاتها،وهو المعنى الذي أكده الرسول صلي الله عليه وسلم بقوله " لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية " ، فالعلم وطلبه جهاد ، وأشرف العلوم هي العلوم الإسلامية التي تمثل بوصلة الانضباط في سلوكيات وأخلاقيات الإنسان عامة، والجهاد لا بد أن يستمع الأفراد كالمجاهدين إلى نصائح قادتهم ، وبالتالي كان لزاما على طلابنا الوافدين الانصياع لتوجهات أساتذتهم ومعلميهم الذين يجندون أنفسهم وأوقاتهم، وما يملكون لخدمة تربية أفكار أبناء العالم الإسلامي، الذين يعدون بمثابة الرسل المنطلقين بمبادئ الدعوة في كافة الاتجاهات ، ليرى الناس عدل الإسلام ورحمته في خضم المدنية الحديثة التي لا تعترف سوى بمنطق القوة ، البعيدة عن مفاهيم البشرية والإنسانية ، وهذا أعظم تجليات مبادئ الرسالة المحمدية الواضحة في قوله تعالى لرسوله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". أوضح أن الأزهر الشريف هو المسجد الرابع في الأرض ، أرسل ضوءه في جوانب الأرض منذ عشرة قرون من الزمان حاول الكثيرون التعدي عليه بشتى ألوان الكيد ، لكن إرادة الله في حفظه كانت أقوى من تلك المكائد جميعا ، متوجها بنداء إلى الطلاب الوافدين قائلا: لا تجعلوا الأزهر سخرية في أفواه الناس بضعفكم وتكاسلكم. تحدث د.عبد الله الحسيني رئيس جامعة الأزهر مبينناً أن الهجرة النبوية أسهمت في ترسيخ مبادئ العدل والمساواة ورفض العنصرية والكيل بمكيالين ، فقد أقر الرسول الكريم منذ اللحظة الأولى أن الناس جميعا خلقوا متساويين، لا فرق بينهم سوى ما يميزهم في خدمة غيرهم ..قال صلي الله عليه وسلم " كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى " ، وشرح الرسول التقوى في مفهوم آخر بقوله "العمل بالتنزيل والخوف من الجليل ، والاستعداد ليوم الرحيل "، وما يسود العالم اليوم من الكيل بمكيالين أو عنصرية تضطهد المسلمين وتتعقب أنشطتهم رغبة في القضاء عليهم إلا بسبب غياب مفاهيم التعايش الإنساني الذي يقوم على القيم الأخلاقية بما تحويه من دعوات للتقارب ليكون الجميع عباد الله إخوانا. أشار د. الحسيني إلى أن علوم الأزهر ومعارفه انعكاس واضح للمبادئ النبوية التي تركزت عليها الهجرة النبوية وما تبعها بعد ذلك خلال مسيرة الحياة الإسلامية وحتى عصرنا الحاضر، فالطالب الأزهري أيا كانت جنسيته يتعلم التواضع والرحمة ويبتعد عن العنف الفكري ، فالرسول صلي الله عليه وسلم أقر مبادئ احترام المرأة والعبيد والخدم ، فكانت بيعة العقبة الممهدة للهجرة بمثابة إعلان حقيقي لحقوق الإنسان ، وليست مثل المسوخ التي نراها في الحاضر، فأوضح النبي أن النساء شقائق الرجال ، وأشار إلى كرامة الخدم بقوله "إخوانكم خولكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده ، فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم "، وهذا ما يمكن الرد به عمليا على دعاة الفتنة والبغضاء ضد الأزهر ومعارفه وعلومه وهو حقيقة العلوم التي يتلقاها أبناء الأزهر من مصريين ووافدين . الدكتور محمد عبد الفضيل القوصي نائب رئيس رابطة خريجي الأزهر للشئون العلمية.. أشار إلى أن الرابطة أخذت على عاتقها أن تكون ثمرة من ثمار الهجرة النبوية بمساهمتها في إضاءة الفكر الإنساني عامة بالعلوم الوسطية المعتدلة، ومتابعة جهود أبنائها الخريجين في كافة بقاع الأرض، نظرا، لأن التواصل مطلوب بينهم وبين المصدر الأم في الأزهر، لذلك كانت الدورات التدريبية المتتابعة من الرابطة للخريجين ،واللقاءات المفتوحة مع الإمام الأكبر الذي يعتبر تلك الرابطة مسئوليته الشخصية ويحرص على متابعة شئونها صغيرة وكبيرة، وبحالة من الاستنفار غير العادي نظرا للمسئولية الملقاة على عاتق خريج الأزهر من الوافدين الذين يحاربون ضد جبهة بالغة القوة بين الغربيين الراغبين في تحطيم الوجود الإسلامي بكل ما يملكون من شبهات وافتراءات ،لا تصمد أمام حقائق الإسلام الراسخة الثابتة ، فالطالب الوافد ثمرة طيبة لطلب العلم النافع ، حضر من بلاده قاطعا المسافات الطويلة تاركا الأهل والعشيرة رغبة في الجهاد العلمي ، الذي ينفع الله به ويهدي الضالين ، مصداقا لقول الرسول صلي الله عليه وسلم " لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غابت" ، والطلاب الوافدون في الأزهر وغيرهم يعلمون حقيقة المبادئ الأزهرية في الدعوة السلمية إلى دين الوسطية د. محمد إبراهيم عبد الباعث الأستاذ بجامعة الأزهر أشار إلى أن التذكير بالهجرة من السنة النبوية التي ورد النص عليها بقوله تعالي " وذكرهم بأيام الله " وقوله تعالى " وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك " ، بالتالي تأتي شرعية الاحتفال بالهجرة النبوية التي أسهمت في الفصل بين مرحلتين في حياة الأمة المحمدية ، مرحلة مكة وما لاقي فيها المسلمون من عنت، وعذاب،..ومرحلة المدينةالمنورة التي كانت بمثابة الانطلاقة الكبرى لإقامة بناء أبهر العالم القديم والحديث بقدرته على التمدد المشروع خلال فترة وجيزة ، وهو ما يجب على الأمة أن تستعيده اليوم في ظل التحديات التي تواجهها ،سواء من أبنائها أم من غيرهم ،.. حضر الاحتفالية أسامة ياسين نائب رئيس إدارة الرابطة للشئون الإدارية، وعدد من سفراء الدول الإسلامية بمصر، وجمع غفير من الطلاب الوافدين .