تعتبر المعاناة من آلام الرقبة من أقسى المشاكل الصحية التى قد يتعرض لها المرء. وقد أشارت الدراسات الحديثة إلى أن أكثر من 90% من سكان الأرض يعانون أو عانوا فى فترة ما من حياتهم من آلام العمود الفقرى والظهر والرقبة ، وذلك بغض النظر عن أعمارهم أو مستواهم أو حتى حالتهم الصحية العامة. ويوضح الأستاذ الدكتور طارق توفيق عبدالحميد استشارى جراحة العظام أن معظم أسباب حدوث آلام الرقبة ترجع إلى العادات اليومية والأوضاع الشائعة الخاطئة التى قد تسبب تقلص العضلات أو التهاب المفاصل أو التهاب الأعصاب بالرقبة مما ينتج آلاماً حادة عن أى من هذه المسببات. ويكون الحل للتخلص من هذه الآلام تجنب العامل المسبب لها مع ممارسة بعض التمرينات والتدليك البسيط، ولكن مع استمرار الشعور بالألم فلابد من استشارة الطبيب المتخصص بشكل سريع. ويشير الدكتور طارق توفيق عبدالحميد إلى أن أغلب أسباب آلام الرقبة تكون بسبب الإهمال أو الجهل بطرق التعامل السليم مع هذا الجزء الهام من الجسم. ويمكن توضيح الأسباب الشائعة للإصابة بآلام الرقبة فى عدة نقاط: -الاستعمال الخاطئ للرقبة .. مثل تثبيت الرقبة في وضع واحد لمدة طويلة مثل الجلوس أمام الكمبيوتر أو التليفزيون بدون تغييروضع الرقبة، ويمتد هذا الأمر عند القراءة أو الكتابة أو المذاكرة والانحناء على المكتب لفترة طويلة، فيجب مراعاة القيام والحركة لخمس دقائق على الأقل كل ساعة مع تمرين الجسم وتحريك الرقبة فى كافة الاتجاهات. ومن الهام أن ندرك أن الوضع السليم للرقبة أن تمثل خطا مستقيما مع العمود الفقرى دون الانحناء للأمام أو للخلف أو لأعلى؛ لذا يجب أن تكون شاشة الكمبيوترأو التليفزيون فى مستوى مباشر أمام العين، واستخدام مسند المكتب عند القراءة أو الكتابة. -ويعتبر العامل الثانى لآلام الرقبة القيام بتحريك الرأس بحركة قوية مفاجئة قد يسبب ألماً شديداً فيحتاج لمتابعة ووقت حتى نتخلص منه، وأيضا طرقعة العنق أو الرقبة يعتبر من العادات الخاطئة بل والخطيرة والتى ينتج عنها آلام حادة وتؤدى للشد العضلى وخشونة فقرات الرقبة والأقراص الغضروفية نتيجة الاحتكاك ببعضها. -ثالثا: يعتبر الاهمال فى تطبيق طرق الوقاية وحماية فقرات وأجزاء العمود الفقرى سببا رئيسيا فى الإصابة بآلام الرقبة، حيث إنه يجب تجنب تماما التواجد أو النوم أو الاستلقاء فى تيار هواء مستمر مثل مواجهة هواء المروحة بشكل مباشر أو استخدام التكييف البارد بشكل مستمر أو الانتقال من درجة حرارة دافئة مثلا داخل الغرفة والخروج إلى الشارع فى الجو البارد أو العكس؛ لذا أيضا يراعى بعد ارتداء الكوفية أو الكرافت وتدفئة الرقبة بشكل جيد أن يتم خلع أى منهما تدريجيا حتى لا تتعرض الرقبة للبرودة بشكل مفاجئ فنشعر بتقلص مؤلم وشد عضلى بها. - ومن جانب آخر يحذر الدكتور طارق توفيق من أن سائقى السيارات يتعرضون كثيرا لآلام الرقبة نتيجة التركيز المستمر لفترة طويلة فى القيادة وعدم تحريك الرقبة وتمرينها وتغيير وضعها، بالإضافة إلى أن فتح النافذة بجوار السائق وتعرض الرقبة لتيار هواء شديد يسبب تقلص العضلات وألماً حاداً عند محاولة تحريكها بعد ذلك. -وضعية الجسم الخاطئة .. إن وضع الجسم له تأثير قوى في حدوث آلام الرقبة اكثر مما يتصور معظم الناس فمثلا في حالة السمنة وضعف عضلات البطن والجلوس لفترة طويلة يحدث تغير في درجة انحناء اسفل الظهر، مما ينتج عنه زيادة انحناء أعلى الظهر للخلف وبالتالي يجعل الرقبة تنحني للأمام للحفاظ على اتزان الجسم مما يسبب إنقاصاً مستمراً لعضلات الرقبة ويعرضها للإجهاد. وكذلك فإن ضعف النظر قد يسبب ألم الرقبة حيث يمد الشخص رأسه للأمام فى محاولة للرؤية ، فتتعرض عضلات الرقبة الخلفية للشد المستمر فيشعر بألم مستمر وحاد. ويضيف الدكتور طارق توفيق عبد الحميد أن النوم للأسف يمثل مشكلة لدى البعض، حيث إن الكثيرين قد يعانون من آلام الرقبة ويشعرون بها فى الصباح بعد القيام من النوم، وذلك بسبب النوم بطريقة خاطئة، كالنوم على وسادة عالية ودفع الرأس والرقبة للأمام اوالعكس كالنوم على وسادة منخفضة وإمالة الرقبة للخلف لفترة طويلة، وكلاهما يسببان إجهاداً لعضلات وفقرات الرقبة، وأيضا النوم على البطن ممنوع تماما لأنه يجهد الرقبة بشدة لتثبيتها لفترة طويلة فى وضع جانبى سواء لليسار أو اليمين؛ لذا يجب استعمال مخدة مناسبة تحت الرقبة أثناء النوم بحيث يكون ارتفاعها مساوياً لارتفاع الرقبة عن الكتف عند النوم على أحد الجانبين. الضغوط النفسية والعصبية .. تعتبر من الأسباب الحالية المنتشرة التى قد تسبب آلام الرقبة والمفاصل والعمود الفقرى، حيث إنه مع ضغوط الحياة اليومية العصرية الحالية اصبح الكثيرون عرضة للوقوع تحت ضغوط خارجية تؤدى لحالة نفسية سيئة او شد عصبى مستمر يكون سببا مباشراً فى ألام عامة بالجسم وخاصة التهاب ألاعصاب وتقلص العضلات وانقباضها. ويضيف الدكتور طارق توفيق استشارى جراحة العظام أن هناك بالطبع أسباباً أخرى عديدة للتعرض لآلام الرقبة المزعجة مثل التعرض لإصابات مباشرة مثل السقوط أو الارتطام أو التعرض لحادث أو الاصابات الرياضية العنيفة. كما أن آلام الرقبة قد تنتج عن استخدام الرقبة فى مهام أخرى غير الاستخدام الطبيعى لها وهى سلوكيات سيئة غيرواعية وخطيرة غالبا، مثل قيام البعض بحمل الأطفال أعلى الظهر وخلف الرقبة ، أو رفع بعض السيدات لأحمال ثقيلة فوق رؤوسهن، أو حتى امساك سماعة التليفون بين الرأس والكتف لانشغال اليدين بعمل آخر .. فجميعها تسبب اجهاد الرقبة والعضلات بشدة وتؤذى فقرات العنق بشكل مباشر وتعوق مرور الدماء إلى الرأس وتسبب آلاماً لا تحتمل فيما بعد؛ لذا فإن الأفضل دائما هو اتباع قواعد الوقاية والحفاظ على الرقبة فى وضع سليم بشكل مستقيم مع العمود الفقرى وتحريكها وتمرينها كل فترة فى الاتجاهات المختلفة وللأمام والخلف واستشارة الطبيب عند الشعور باى ألم عنيف بها أو مستمر لعدة أيام أو التعرض لحادث أو ألم مفاجئ.