ميليس زيناوي.. رئيس الوزراء الأثيوبي شخصية متقلبة المزاج.. كل يوم هو في حال غير الحال.. ينتقل بسهولة من موقف وتصريحات إلي نقيض نفس الموقف وتلك التصريحات غير عابئ بتداعيات كلامه الحاد وغير المسئول والذي بالتأكيد لا يقدر ولا يستطيع أن يتحمل نتائجه الوخيمة عليه وعلي بلاده وشعبه. زيناوي يخرج علينا بين الحين والآخر بتصريحات هوجاء.. رعناء لا يدرك عواقبها ويبدو أنه كل همه أن يكون بطلاً شجاعاً في نظر الشعب الأثيوبي متصوراً أن هذا الكلام يمكن أن يجعل شعبه يلتف حوله ويهتف بحياته. والغريب أن هذا الرجل لا يساير العصر ولا يدرك أن زمن العنتريات في الكلام والتصريحات العنيفة قد انتهي.. وأن أحوال الدنيا والعلاقات بين الدول أخذت شكلاً آخر ومنحي جديدا يعتمد في الأساس علي المصالح المشتركة وتوافق هذه المصالح لخدمة الطرفين دون مغالاة أو استفزاز من هذا الطرف أو ذاك. فلا يزال زيناوي يعيش حقبة انتهت من زمن عندما كانت التصريحات والكلام والتهديدات هي لغة الحوار بين رؤساء الدول.. وإن كان أي من صاحب هذه التصريحات قادراً علي تنفيذ ما يقول ولكنها كانت فقط حرب الأعصاب والتخويف بالكلام فقط وليس بالأفعال علي الأرض. مؤخراً أطلق علينا رئيس الوزراء الأثيوبي قذائف كلامية.. أصابت القاهرة بالدهشة والاستغراب.. فكبار المسئولين في مصر وعلي رأسهم الرئيس مبارك يؤكدون دائماً علي علاقة مصر الطيبة والقوية بأثيوبيا وأن مصر لا تساند أي قوة داخل أي بلد عربي أو إفريقي. المسئولون المصريون أبدوا دهشتهم الشديدة من تصريحات زيناوي لوكالة "رويترز" للأنباء والتي اتهم فيها مصر بالسعي للجوء إلي عمل عسكري ضد بلاده بسبب الخلاف علي مياه النيل.. وأكد أن مصر تدعم جماعات متمردة ضد نظام الحكم في أديس أبابا. وادعي رئيس الوزراء أن مصر لا يمكنها أن تكسب حرباً مع أثيوبيا علي مياه نهر النيل وقال أنا لا أخشي أن يغزو المصريون أثيوبيا فجأة فلم يعش أحد ممن حاولوا ذلك قبلا ليحكي نتيجة فعلته ولا أعتقد أن المصريين سيختلفون عمن سبقهم.. وهم يعلمون ذلك!! طبعا كلام كبير أوي.. من حد صغير أوي.. ومؤكد أن هذا الرجل لم يكن في وعيه الحقيقي ولم يدرك أن ما قاله كان من الممكن أن يتسبب في نهاية تاريخه في منصبه وربما في حياته. فلم يخلق بعد من يتحدث بهذا الاستخفاف عن مصر والمصريين وأقوي من هذا الرجل عدة وعتادا لم يجرؤ أحد منهم أن يتحدث بهذا الأسلوب وتلك الطريقة الفجة والوقحة.. فليست أثيوبيا أو غيرها التي يخرج منها مسئول يقول إنه إذا غزا المصريون بلاده فلن يعيش منهم أحد.. وتلك الاتهامات التي وجهها زيناوي لمصر دون وجه حق مثل دعم جماعات متمردة في بلاده وأن مصر ستلجأ لعمل عسكري ضده. ويبدو أن الرجل يعيش حالياً في حالة مروعة من القلق والخوف والتوتر.. بعد اللعبة التي قادها عندما استبق نتائج الحوار وسارع بالتوقيع علي اتفاق إطاري غير مكتمل حول اقتسام مياه النيل.. دون موافقة مصر والسودان. وسعي إلي إعادة توزيع مياه النيل وتقليص حصة مصر من المياه بل وفكر ومن معه في بيع مياه النهر لمصر بدعوي أن بلاده ودول النهر الأخري تعرضت للظلم في توزيع مياه النيل بموجب اتفاقية 1929 بين مصر وبريطانيا وأعطوا مهلة لمدة عام لكل من مصر والسودان وبورندي والكونغو للانضمام للاتفاقية الجديدة. ولأن الدول الموقعة لتلك الاتفاقية الإطارية دبت الخلافات والانقسامات بينهم الآن بالإضافة إلي قدرة مصر علي احتواء أزمة حوض النيل حتي أنه اختفي الحديث عنها حالياً في وسائل الإعلام إلي جانب التحركات المصرية الدءوبة مع الدول والمنظمات المانحة لإقامة سدود في أثيوبيا. هذه العوامل وغيرها أزعجت زيناوي وبثت الفزع والرعب في أوصاله.. فأراد بتصريحاته إحياء الخلافات من جديد مع مصر وإثارة الرأي العام الأثيوبي والعالمي ضدها. ولأن مصر تتفهم تماماً حالة القلق والتوتر الذي يعيشها رئيس الوزراء الأثيوبي فقد كان رد الفعل هادئا عاقلاً متزناً للغاية من جانب المسئولين.. ولأن زيناوي لا يعني ما يقوله.. وإلا كان حسابه عسيراً علي كل ما نطق به لسانه ضد مصر والمصريين والمؤكد أنه ندم الآن علي هذه التصريحات ويتمني لو لم تكن قد صدرت منه.. لأنه يعلم تماماً أن ثمن هذه التصريحات سيكون باهظاً جداً لو أخذتها مصر علي محمل الجد أو أنه قادرا علي تحمل تبعات ما قال.. لكن مصر دائماً أكبر من ترهات بعض المسئولين سواء أكانوا عرباً أو أفارقة أو أجانب لأنها واثقة كل الثقة أنها قادرة علي رد الصاع صاعين لمن يتجاوز حدوده أو ينسي من هي مصر؟ ومن هم المصريون؟ والغريب أن مصر تركت أثيوبيا تبني سدوداً علي النيل حتي وصل عددها إلي سبعة سدود حتي الآن وهي تبني حالياً منشأة جديدة للطاقة الكهرومائية تتكلف 4.1 مليار دولار وتسعي أثيوبيا إلي زيادة توليد الطاقة من 2000 ميجاوات إلي 10 آلاف ميجاوات خلال الخمس سنوات القادمة وافتتحت 3 سدود خلال العام الماضي فقط. وتركت مصر هذه السدود تقام في أثيوبيا عندما علمت وتأكدت أنها لن تؤثر علي حصة مصر من مياه النيل والتي يبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنوياً. لكن هذا الأمر لم يمنع من مراقبة مصرية سودانية لبناء سدود علي النهر ومواجهة اتفاقية من شأنها تقليل حصة مصر من المياه واتخاذ الإجراءات القانونية الدولية لوقف أي استخدام للمياه في أغراض غير توليد الطاقة تؤثر علي حصتها. لذا فإن خيار الحرب غير وارد علي الاطلاق علي الأقل حالياً بين مصر وأثيوبيا وأن سياسة مصر تستند علي الحوار والتفاوض والتشاور والاستعانة بالقانون الدولي. لكن الدوافع التي تحرك زيناوي لإعلان العداء مع مصر كانت تدور في رأسه فقط.. وربما أصابه الغرور فهو رجل الولاياتالمتحدةالأمريكية في منطقة القرن الإفريقي وينفذ سياساتها هناك بدقة.. لكن يبقي في النهاية حقائق علي الأرض تقول إن أثيوبيا والتي تبلغ تعداد سكانها 67 مليون نسمة تعد واحدة منا أشد دول العالم فقراً وأنها تواجه موجات قحط شديدة وأن مصر ضخت مؤخراً استثمارات مصرية هناك لمساعدة الشعب الأثيوبي علي العيش والتنمية.. وهناك دول كثيرة تساند جماعات في أثيوبيا مصر بعيدة تماماً عن هذا العبث.. لكن أثيوبيا بها انقسامات وقوميات وأعراق وتفكك داخلي لا حصر له.. ومغامرات زيناوي في الصومال وتهديده بغزو إريتريا.. كلها كانت فاشلة.. ولا تصلح هذه الطريقة مع مصر لأنه عندما تقرر مصر عقابه لو واصل تجاوزاته فسيكون العقاب أقسي مما يتصور! نقطة نظام ** إذا أردت أن تطاع.. أؤمر بما تستطيع أنت تنفيذه فقد انتهي عصر الأوامر والقرارات والعشوائية غير المدروسة والصادرة عن انفعالات وقتية وضيق أفق.. لأن رد فعل الصادر بحقهم القرار ربما تكون عنيفة ومفاجأة وغير متوقعة لأصحاب القرار..! ** لم يعد الحديث عن الخوف من فتنة طائفية في مصر.. الآن تحول الحوار إلي صدام ينذر بكارثة وشيكة بين المسلمين والأقباط بعد أن ازدادت شحنات الغضب والسخط في النفوس يقابلها سوء تصرف وإجراءات غير مدروسة بعناية من جانب الحكومة وأجهزتها التنفيذية.. الحلول أصبحت صعبة!! ** اقتحام المتظاهرين الأقباط لمبني محافظة الجيزة.. مؤشر أكثر خطورة يدل علي حالات الإنفلات والفوضي التي سيطرت علي الشارع المصري في الآونة الأخيرة وعدم احترام القانون ومؤسسات الدولة. ** الطلاب وأولياء الأمور يرفضون قرار منع المحمول في المدارس: نوع جديد من الفوضي في مؤسساتنا التعليمية يشارك فيها للأسف الآباء والأمهات تشجيعاً للأبناء الذين انفلت عيارهم ولم يعودوا يحترمون مدرسيهم! ** الإدارة الأمريكية محبطة : لأن مصر رفضت السماح للمراقبين الدوليين لمراقبة الانتخابات البرلمانية.. ربنا يكتر إحباطات الأمريكان لأنهم أحبطونا في كل شيء..!! ** جولة الرئيس مبارك في منطقة الخليج الأسبوع الماضي كانت مهمة للغاية في هذا التوقيت وزيارته لقطر كانت الأكثر أهمية حتي تعود قطر للحظيرة العربية ولا تغرد خارج السرب كما عودتنا مؤخراً. ** ضجة المصري حول نتيجة مباراته مع الزمالك كانت مفتعلة وسخيفة استغلها الإعلام الأحمر لينفخ في النار.. وباءت محاولات الجميع بالفشل الذريع.. وذهب الأهلي يلملم جراحه بعد إقالة البدري واستبداله ببدري آخر!!