بين الحين والحين تثور خلافات سياسية فى المنطقة الإسلامية من العالم، وهى خلافات لا مكان لها فى الوطن الذى يحكمه الدين الخاتم باعتباره شريعة الناس والذين يقيمون فى هذا الوطن، وأى خروج عليه يعتبر خروجا على الشرعية التى يجب ان يحميها ولاة الأمر ويمنعون عنها أى عدوان وذلك انطلاقا من قول الله تعالى: ((ان الدين عند الله الإسلام)) وقوله سبحانه: ((ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين)) وهذه حقيقة ربانية يجب أن يؤمن الناس جميعا بها وأى خروج عليها هو خروج على أمر الله سبحانه وتعالى. صحيح ان الخلاف سنة بشرية، وقد اختلف المسلمون الأوائل حتى فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم، لكن النبى حسم الخلاف بالاحتكام إلى كتاب الله تعالى، فهذا الكتاب هو الحكم بين الناس وهو الذى تفسره السنة النبوية الشريفة بحيث تفصل مجمله وتخصص عامه وتشرح ما خفى على عقول العامة منه. ومن هنا يمكن القول بأن كتاب الله تعالى هو الفيصل عند الاختلاف والطريق إلى كتاب الله يمر عبر السنة النبوية الشريفة، وهذا لا يتنافى مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين فى خطبة الوداع: ((لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى ابدا: كتاب الله وسنتى وفى احدى الروايات يقول رسول الله بالنسبة للكتاب والسنة آمراً المسلمين: ((عضوا عليهما بالنواجذ)) والنواجذ هى مقدمة الاسنان من الفم التى تقبض على الطعام وتؤدى به إلى الأضراس لتطحنه ويكون صالحا لتغذية الجسم لما يديم عليه الحياة. فالكتاب والسنة هما الفيصل عند كل اختلاف وهما لم يتركا شاردة ولا واردة فى الحياة إلا وبينا حكم الله فيها. ان الاختلاف من طبيعة البشر ولكن الاحتكام إلى الحق واجب ينبغى أن يخضع له الجميع ولا يفلت منه بأية حجة مهما تكن طبيعتها ولا مكانتها بين الناس. ونحن نقرأ فى القرآن الكريم: ((فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله ورسوله)) وهذا هو الحماية الحقيقية للحركة الاجتماعية عند الاختلاف. الاختلاف اذن من طبيعة البشر ولكن الواجب عند الاختلاف هو الاحتكام إلى تعاليم الله وأوامره التى جاء بها القرآن الكريم ووردت فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم.