في منتدي الشباب العربي والأفريقي الذي عقد في أسوان مؤخراً وفي إحدي المداخلات طالب الرئيس السيسي بتجديد الخطاب الإنساني وهي دعوة حق لم يلتفت إليها كثير من الكتاب والصحفيين وأصحاب الرأي رغم أهميتها لمصر بل وللعالم كله. كانت دعوته لتجديد الخطاب الديني دعوة صادقة استجاب لها الأزهر والأوقاف وكل رموز الدين الإسلامي والمسيحي مع تمسكهم جميعاً بالثوابت التي لا يستطيع أحد الاقتراب منها. وجاءت دعوة تجديد الخطاب الإنساني الشامل من سيادته احتراماً للثوابت ورغبة في تجديد واحياء القيم العليا الإنسانية ليس في الإسلام والمسيحية فقط ولكن في كل العقائد حتي الأرضية منها. ولننظر إلي ما قامت به رئيسة نيوزيلندا من مواساة المسلمين والوقوف بجانبهم بعد حادثة المسجدين يوم 2019/3/15 وهو مثل يحتذي للخطاب والفعل الإنساني الرفيع يكشف سوء ما قامت به رئيسة ميانمار تجاه اضطهاد المسلمين في بلادها وتشريدهم رغم أنها حاصلة علي جائزة نوبل للسلام. ولننظر إلي ما تقوم به دولة الاحتلال من قتل الفلسطينيين لأتفه الأسباب بلا رحمة أو إنسانية والمسئولون في هذه الدولة يزرعون الكراهية في نفوس العرب وغير العرب من الذين يبحثون عن السلام ونزع أسباب الكراهية من العالم. كان العالم في القرن الماضي ومصر لديها كتاب عظام يعمقون أنهار الفكر والأدب والدين مثل طه حسين والعقاد الذي كان ينوي أن يضع تفسيراً مبسطاً للقرآن الكريم رغم أنه لم يكن أزهرياً أو حاصلاً علي شهادة من أي معهد ديني. ومن عظماء مصر الحكيم والشرقاوي ومصطفي محمود ونجيب محفوظ ويوسف إدريس اللذان تخللت آراؤهما الفلسفية والإنسانية رواياتهما. والعالم كان به الكثير من الفلاسفة مثل راسل البريطاني وتوينبي وسارتر الفرنسي وأذكر كاتباً مثل هربرت ماركوز انتشرت كتبه في مصر الذي خاطب شباب العالم ولم يعد أحد في مصر يقول للشعب المصري ماذا يدور في العالم من أفكار سوي أفكار وأخبار الفن والكرة والرقص والسينما ومهرجاناتها. لم تعد في مصر سلاسل كتب ذات قيمة للترجمة أو التراث الديني والعربي وانشغل الناس بالأمور التافهة والرياضة رغم أهميتها إلا أنها تستحوذ علي مساحة ضخمة من وسائل الإعلام بكافة أشكالها وأصبحت الثقافة تعني السينما والغناء أما مفهوم الأدب فقد تواري. للرئيس السيسي مبادرات إنسانية وفكرية لا تقل أهمية عن مبادراته للصحة والإسكان وهي مبادرات إنسانية أيضا تؤتي ثمارها علي المدي القريب والبعيد وهي تحتاج كلها إلي من يتعمق ويحلل بكل صدق وشفافية كما تحتاج إلي نشر فكر السيد الرئيس للإخوة العرب بل ولكل الشعوب المحبة للسلام وللأخلاق الإنسانية. أليس من تجديد الخطاب الإنساني ما يقوم به الرئيس السيسي من تكريم الأم المصرية ويقبل رأسها ويديها ويذهب إليها وهي جالسة لتكريمها وهو ما لم يفعله رئيس مصري سابق أو ملك وما لم يفعله وزير أو محافظ أو حتي عمدة قرية.