مع إشراقة أول شعاع من شمس اليوم يحتفل عشاق الحضارة والتاريخ والأساطير بتعامد الشمس علي وجه تمثال الملك رمسيس في ظاهرة فلكية نادرة تحدث مرتين تواكب ذكري مولده وذكري توليه العرش وعلي الرغم من مرور أكثر من 33 قرنا من الزمان علي بدء تلك الظاهرة النادرة وما وصل إليه العلم من تكنولوجيا تفوق الوصف والخيال إلا أنه وقف عاجزا أمامها أو حتي الوصول لفك شفرتها مما يؤكد عظمة الإنسان المصري القديم الذي سبق الكون بحضارته الخالدة وعلمه النادر وقوته وصلابته وإرادته الحديدية التي لا تلين.. واليوم تتوجه أنظار العالم كله نحو مدينة أبوسمبل جنوبأسوان ليشاهد عبر جميع الوسائل الإعلامية تعامد الشمس علي وجه الملك رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس بمعبد رمسيس لمدة 20 دقيقة ويتواكب احتفال هذا العام مع الذكري ال 50 لإنقاذ المعبد من الغرق في ملحمة معمارية أخري.. وتبدأ الرحلة بمرور أشعة الشمس من فجر يوم الثاني والعشرين من شهر أكتوبر كل عام حيث تخترق الأشعة مدخل معبد أبوسمبل وتسير بداخلها بطول ستين مترا حتي تصل إلي الغرفة المسماة ب "قدس الأقداس". وتضيئ ثلاثة تماثيل وجه الملك رمسيس الثاني ورع حور أختي وآمون رع. ويظل التمثال الرابع في الظلام. وهو ما يعتبره مؤرخون دليلا علي براعة المصري القديم. لكون التمثال الرابع هو للإله "بتاح" وهو رب الظلام فلا يجب أن يضيء وفي الساعة الخامسة وثلاثة وخمسين دقيقة في يوم الثاني والعشرين من فبراير يتسلل نفس شعاع الشمس ليهبط مرة أخري علي وجه الملك رمسيس داخل حجرته في قدس الأقداس. ثم يتكاثر شعاع الشمس بسرعة ليضيء وجوه التماثيل الأربعة داخل قدس الأقداس.. ويستمر التعامد لمدة عشرين دقيقة. ويحضر هذا الحدث أكثر من أربعة آلاف زائر سنويا. وكانت هذه الظاهرة تحدث يومي 21 أكتوبر و21 فبراير. لكن تغيرت بعد تعرض "معبد أبوسمبل" إلي الغرق عقب بناء السد العالي. حيث تراكمت المياه خلف السد وتكونت بحيرة ناصر.. وفي عام 1964 إلي 1968 قامت الحملة الدولية لإنقاذ آثار أبوسمبل والنوبة عقب تعرضه للغرق علي نقل المعبد عن طريق تفكيك أجزائه وتماثيله. مع إعادة تركيبها في موقعها الجديد علي ارتفاع 65 مترا أعلي من مستوي النهر. وأصبحت الظاهرة تحدث في يوم 22 أكتوبر و22 فبراير وأرجع المؤرخون حقيقة تعامد الشمس علي معبد أبي سمبل إلي أن القدماء المصريين اكتشفوا نقطة شروق الشمس من ناحية الشرق ونقطة غروبها من ناحية الغرب في الحادي والعشرين من شهر مارس ثم تتغير نقطة الشروق متجهة إلي الشمال كل يوم بمقدار ربع درجة تقريبا وبناء علي ذلك اختار القدماء المصريون نقطة في مسار شروق الشمس تبعد عن تكرارها زمن قدره أربعة أشهر ثم شرعوا في بناء المعبد بحيث يكون اتجاه المسار الذي تدخل منه أشعة الشمس من خلال فتحة ضيقة من ناحية الشرق علي وجه رمسيس الثاني وسبب ضيق الفتحة حتي لا تسقط أشعة الشمس في اليوم التالي علي وجه التمثال وهذا يحدث مرتين في السنة. في ال 22 فبراير وهو يوم تتويج "رمسيس الثاني" ملكا. ويوم 22 أكتوبر يوم مولده وتم اكتشاف هذه الظاهرة عام 1874م من قبل المستكشفة الإنجليزية إميليا إدواردز وقد قامت بتسجيلها في كتابها "ألف ميل فوق النيل". وتبقي المعجزة إذا كان يوما تعامد الشمس محددين عمدا قبل عملية النحت لأن ذلك يستلزم معرفة تامة بأصول علم الفلك وحسابات كثيرة لتحديد زاوية الانحراف لمحور المعبد عن الشرق بجانب المعجزة في المعمار بأن يكون المحورمستقيما لمسافة أكثر من 60 مترا خاصة أن المعبد منحوت في الصخر والإعجاز سيزداد إن أدركنا أن تلك الحسابات أجريت علي أسس وأصول فلكية وجغرافية وطبوغرافية ورياضية سليمة منذ نحو 3300 عام. علي الجانب الآخر أنهت محافظة أسوان استعداداتها لاستقبال السياح من مختلف الجنسيات وقام اللواء سعيد حجازي نائب المحافظ بتفقد منطقة السوق وسط المدينة والتي يقام بها حفل التعامد كما تفقد منطقة معبدي أبوسمبل وكلف رئيس المدينة بضرورة الحفاظ علي ما تم تحقيقه من مكتسبات ضمن خطة تطوير المدينة والتي بلغت أكثر من 250 مليون جنيه وكلف رئيس المدينة بتكثيف أعمال النظافة العامة واستكمال أعمال التطوير والتجميل الجارية والتي تضم إنشاء 6 جداريات ونافورات جديدة منها 3 جداريات و3 نافورات في الميادين والمناطق المختلفة بمشاركة الجهود الذاتية وعلي هامش الاحتفال تنظم هيئة قصور الثقافة حفلا فنيا بمشاركة فرق الفنون الشعبية النوبية والواحية وسيتم نقل الحدث علي الهواء مباشرة بجميع القنوات الفضائية. أضاف خيري محمد رئيس غرفة السياحة أن الاستعدادات جرت علي قدم وساق. منذ بداية شهر أكتوبر وحتي الآن. لتأمين الزائرين. وتوفير كافة سبل الراحة لهم.