لم يكن يوم أمس ذكري استعادة الكرامة والعزة فقط.. بل ذكري يوم تجسدت فيه قدرات الانسان المصري المذهلة وعبقريته الفريدة.. عندما يتسلح بالعلم والارادة ويستحضر تاريخا عريقا من الانجازات التي لا تزال وستبقي تذهل العالم. كيف حطمنا اسطورة خط بارليف.. كيف تجاوزنا الساتر الترابي بخسائر لا تزيد عن خسائر حادث مروري.. كيف خدعنا العدو وفاجأناه بهجوم كاسح في "عز الظهر" مخالفين كل القواعد العسكرية التي كانت معروفة في ذلك الوقت. حتي نتعرف علي حجم الانجاز نتوقف طويلا امام تصريحات قائد عسكري روسي بعد زيارته لجبهة القتال واطلاعه علي الساتر الترابي وعلي بعض تحصينات خط بارليف.. وقتها قال ان هذه الموانع لا يمكن اجتيازها الا بقنبلة نووية.. ويبدو ان مقولته كانت صادقة.. فقد حطم المصريون هذه التحصينات بقنبلة العقل المصري النووية. الخداع الاستراتيجي.. احد دروس الانتصار.. اخبار مسربة من القوات المسلحة عن ارسال ضباط لتأدية العمرة.. أخبار عن احتفالات وتكريمات وحالة استرخاء كامل لقواتنا المسلحة فيما كانت الاستعدادات علي قدم وساق لساعة الصفر. وتجلت عبقرية العقل المصري في الانتصار علي الساتر الترابي بمضخات المياه.. فكرة عبقرية في بساطتها غابت عن جهابذة المخابرات الاسرائيلية.. وتجلت عبقرية العقل المصري في القضاء علي خط بارليف بجنود مشاه مسلحين بقنابل يدوية واسلحة خفيفة.. وتجلت العبقرية المصرية في تحييد مضخات النابالم المنتشرة بطول القناة والتي كانت كفيلة بتحويل المجري المائي الي جحيم بمجموعة من الضفادع البشرية. نصر اكتوبر ليس حدثا عابرا ولا ينبغي له ان يكون.. فهو انجاز "صنع في مصر" بأيد مصرية وعقول مصرية وإرادة مصرية.. لينهي في ستة ايام اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر.. نصر أكتوبر حدث معاصر لا يزال الكثيرون من شهوده احياء.. فهو ليس تاريخا قديما تحيط تفاصيله الشكوك والمبالغات.. فهل نتعلم دروسه ونأخذ بها؟ ارادة الانتصار كانت هي كلمة السر في الانجاز المعجز.. فهل نستعيدها.. هل يسترجع الانسان المصري روح اكتوبر فيتحدي بالارادة والعلم والعزيمة الصعاب التي تواجهنا الان.. في السادس من اكتوبر كانت ملحمة الالتحام بين الشعب وجيشه الباسل.. كان كل شعب مصر جنودا في المعركة.. يقدم العون لقواته في الخطوط الامامية بالعمل والانتاج والصبر علي المتاعب الاقصادية.. تحمل في صبر ثمن النصر فكان حقا له ان يفتخر به.. فهل تتكرر الملحمة الان؟