اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    استقرار اسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصرى في بداية تعاملات اليوم    الخوخ ب33 جنيهًا.. سعر الفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 16 مايو 2024    السيسي يصدر قرارا جمهوريا جديدا اليوم.. تعرف عليه    تداول 10 آلاف طن و585 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    إطلاق الكهرباء وتشغيل محطة الصرف بأراضي «بيت الوطن» بالقاهرة الجديدة    أسعار العدس اليوم الخميس 16-5-2024 في الأسواق    قادة بولندا يدينون محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تثبيت رصيف مؤقت على الشاطئ في غزة    حسام زكي: مبادرة السلام العربية تحرج إسرائيل.. ومن المصلحة بقاؤها كما هي    جنوب أفريقيا تعتزم مطالبة محكمة العدل الدولية بإصدار أمر لوقف هجوم رفح    بوتين: نؤيد نظام عالمي متعدد الأقطاب.. المسلمون شاركوا في تطوير وتعزيز استقرار روسيا    محمد صلاح : لاعبو الزمالك على موعد مع التاريخ في مباراة بركان    عبد العال: إمام عاشور وزيزو ليس لهما تأثير مع منتخب مصر    تمتد لأسبوع.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد بدءا من اليوم    ياسمين عبدالعزيز تنشر صورة مفاجئة: زوجي الجديد    تعرف على أسعار الشوفان اليوم الخميس 16-5-2024 في الأسواق    خلال شهور الصيف.. روشتة كاملة للحفاظ على الصحة وتقوية المناعة    توريد 185 ألف طن قمح في كفر الشيخ    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    عمر الشناوي يكشف كواليس إصابته ب «الحشاشين» وأسباب أزمته النفسية في بداياته ببرنامج «واحد من الناس» الأحد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    «سلامتك في سرية بياناتك».. إطلاق حملة «شفرة» لتوعية المجتمع بخطورة الجرائم الإلكترونية    غارات إسرائيلية على منطقة البقاع شرق لبنان    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم الخميس    تشكيل برشلونة المتوقع أمام ألميريا في الدوري الإسباني    شقيقة ضحية «أوبر» تكشف القصة الكاملة ل حادث الاعتداء وترد على محامي المتهم (فيديو)    مقبرة قرعونية السبب في لعنة الفندق والقصر.. أحداث الحلقة 8 من «البيت بيتي»    عالمة آثار: صورة قرطاج على قميص مؤسس فيسبوك ليست بريئة    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    تراجع الوفيات بسبب جرعات المخدرات الزائدة لأول مرة في الولايات المتحدة منذ الجائحة    "في الخلاط" حضري أحلى جاتو    طريقة طهي الكبدة بطريقة صحيحة: الفن في التحضير    روسيا تعلن إحباط هجوم أوكراني بصواريخ أمريكية على شبه جزيرة القرم    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    فوائد تعلم القراءة السريعة    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    رسميا.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya جميع الشعب مباشر الآن في محافظة القليوبية    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    شريف عبد المنعم: مواجهة الترجي تحتاج لتركيز كبير.. والأهلي يعرف كيفية التحضير للنهائيات    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صباح الحرية
سعد سليم - يكتب من نيويورك:
نشر في الجمهورية يوم 28 - 09 - 2018

كلمات قوية ومعبرة وصادقة.. عبارات موضوعية ومركزة وغاية في الوضوح والصراحة تحدث بها الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمة مصر إلي العالم من فوق منبر الأمم المتحدة.. عرض الرئيس رؤية مصر للمرة الخامسة علي التوالي أمام اجتماع الجمعية العامة ال 73 وكانت بمثابة رؤية ثاقبة من أجل استعادة دور الأمم المتحدة المفقود ومصداقية النظام العالمي الغائبة وعبر الرئيس بوضوح وصدق وشجاعة وثقة عن كيفية تصرف الدول الكبيرة صاحبة التاريخ التليد والحضارة الراسخة والتي تدرك دوما التزامها ومسئولياتها تجاه العالم بصفة عامة ومنطقة الشرق الأوسط والعالم العربي والقارة الافريقية بصفة خاصة.
الرئيس السيسي بدء رسائله المباشرة بضرورة العمل الفوري لتجديد التزام ومساهمة الدول الأعضاء في تعزيز مكانة ودور الأمم المتحدة كقاعدة أساسية لنظام دولي عادل وفاعل يقوم علي توازن المصالح والمسئوليات واحترام سيادة الدول ونشر ثقافة السلام والارتقاء فوق نزعات العنصرية والتطرف والعنف وتحقيق التنمية المستدامة.. وهذه القيم هي التي حكمت الرؤية المصرية تجاه الأمم المتحدة منذ أن شاركت في تأسيس هذه المنظمة الدولية قبل سبعة عقود وأيضا خلال عضوية مصر بمجلس الأمن في المرات الست التي تم انتخابها وآخرها عامي 2016 و2017 وهو الدافع وراء اسهام مصر النشط في عمليات حفظ السلام الأممية لتصبح سابع أكبر مشارك في هذه العمليات.
دعا الرئيس لأن يتصارح الجميع وان يعترف بأن هناك خللا يعتري أداء المنظومة الدولية ويلقي الكثير من الظلال علي مصداقيتها لدي كثير من الشعوب خاصة في المنطقتين العربية والأفريقية واللتين تعيش مصر في قلبهما.. وتساءل الرئيس كيف نلوم مواطنا عربيا يتساءل عن مصداقية الأمم المتحدة في الوقت الذي تواجه فيه دول المنطقة مخاطر التفكك وانهيار الدولة الوطنية لمصلحة موجة إرهابية وصراعات طائفية ومذهبية تستنزف مقدرات الشعوب العربية.. وكيف نلوم مواطنا فلسطينيا يتساءل أيضا عن عدم حصول الشعب الفلسطيني علي حقوقه المشروعة في العيش بكرامة وسلام في دولة مستقلة تعبر عن هويته الوطنية وآماله وتطلعاته.. وهل ممكن اعتبار المواطن الأفريقي مغاليا إذا اشتكي من انعدام فعالية النظام العالمي لما تعانيه قارته من نظام اقتصادي يكرس الفقر ويعيد إنتاج الأزمات الاجتماعية والسياسية ولا يتيح آفاقا للتطوير أو التقدم.
ومن منطلق ان مصر صاحبة المصلحة الأكبر في تفعيل دور الأمم المتحدة باعتبارها رئيسا لمجموعة ال 77 والصين والتي تضم غالبية سكان هذا الكوكب نقل الرئيس مطالب هذه الشعوب قائلا: ان الدول النامية لا تحتمل العيش في منظومة دولية لا يحكمها القانون والمباديء السامية التي تأسست عليها الأمم المتحدة فهي دائما عرضة للاستقطاب ومحاولات البعض الهيمنة علي النظام الدولي وفرض توجهاته.
قدم الرئيس الحلول من خلال رؤية مصر لكي تستعيد الأمم المتحدة فعاليتها ودورها من جديد.. فلن يتم تفعيل النظام الدولي إذا كانت وحدته الأساسية وهي الدولة الوطنية القائمة علي مفاهيم المواطنة والديمقراطية والمساواة مهددة بالتفكك.. هذه الرؤية تنبع من خبرة مصرية فريدة لشعب بذل جهدا كبيرا لاستعادة دولته وأنقذ هويته واختار ان تكون الدولة الوطنية القادرة والعادلة بوابة الإصلاح وتحقيق تطلعاته في الحرية والتنمية والكرامة.
حدد السيسي في كلمته أخطر الظواهر تهديدا لعالمنا المعاصر.. وأكد علي ان تفكك الدول تحت وطأة النزاعات الأهلية والارتداد للولاءات الطائفية بديلا عن الهوية الوطنية هو أهم الأسباب.. كما ان النزاعات المسلحة وتفشي ظاهرة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة وتجارة السلاح والمخدرات تعد سببا مهما لتهديد الأمن العالمي.
ومن هذا المنطلق نوه الرئيس إلي أن منطقتنا العربية تعد أكثر بقاع العالم عرضة لمخاطر تفكيك الدولة الوطنية وبالتالي خلق بيئة خصبة للإرهاب والصراعات الطائفية لذلك فالحفاظ علي قوام الدولة وإصلاحها أولوية أساسية لسياسة مصر الخارجية في المنطقة العربية.. ونوه الرئيس مجددا انه لا مخرج من الأزمة في سوريا والكارثة التي تعيشها اليمن إلا باستعادة الدولة الوطنية والحفاظ علي سيادتها وسلامة مؤسساتها وتحقيق التطلعات المشروعة لمواطنيها.. فمصر ستظل في طليعة الداعمين للحل السياسي وترفض أي استغلال لأزمات الأشقاء في سوريا واليمن كوسيلة لتحقيق الاطماع والتدخلات الاقليمية أو كبيئة حضانة للإرهاب والتطرف والعنف.
بصراحة ووضوح لفت الرئيس السيسي انتباه العالم إلي انه قد مر عام علي تبني الأمم المتحدة لمبادرة الحل الشامل للأزمة الليبية دون تحقيق أي تقدم في تنفيذها وهو ما يستوجب منا جميعا تجديد التزامنا بالحل السياسي وفقا لما تضمنته عناصر تلك المبادرة.. فلا مجال لحلول جزئية في ليبيا أو سوريا أو اليمن.. فالأزمات الكبري تحتاج لمعالجات شاملة ان أردنا تجاوز استنزاف البشر والموارد.
لم ينس الرئيس مشاكل القارة الأفريقية في رؤية مصر باعتبارها ستتولي رئاسة الاتحاد الأفريقي في دورته القادمة في 2019.. فقد أكد الرئيس علي أهمية الالتزام بإيجاد حلول سلمية مستدامة للنزاعات الدولية والتي هي أساس نشأة الأمم المتحدة.. فبالرغم من ان هناك جهودا للمنظمة الدولية في نزاعات عديدة مثل جنوب السودان وافريقيا الوسطي ومالي إلا ان هذه الجهود مازالت قاصرة ولم تسفر عن إيجاد تسوية نهائية لهذه النزاعات.. أيضا لابد أن تكون هناك مساعدات لهذه الدول كي تستطيع إعادة تأهيل مؤسساتها وإعادة البناء والتنمية دون التدخل في شئون هذه الدول وانتهاك سيادتها وتجنب فرض نماذج مستوردة للحكم أو التنمية.
وفي رسالة أكثر قوة ومن منطلق تسوية النزاعات كدور أساسي ومبدأ هام للأمم المتحدة.. أكد الرئيس ان القضية الفلسطينية تقف دليلا علي عجز النظام الدولي عن إيجاد الحل العادل المستند إلي الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة والذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.. فالمطلوب هو توفر الإرادة السياسية لاستئناف المفاوضات وإنجاز التسوية وفقا لهذه المرجعيات فلا مجال لإضاعة الوقت في سجال.. وكرر الرئيس أن يد العرب لاتزال ممدودة بالسلام وشعوبنا تستحق أن تطوي هذه الصفحة المحزنة من تاريخها.
التنمية الشاملة والمستدامة لم تغب عن رؤية مصر أمام الأمم المتحدة بوصفها الشرط الضروري لنظام عالمي مستقر وهي أفضل السبل للوقاية من النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية.. فتمويل التنمية دون شرط ودعم الجهود الوطنية لحشد هذا التمويل يأتي ضمن ما تم الاتفاق عليه في إطار الأمم المتحدة حول خطة 2030 للتنمية المستدامة وعلينا تنفيذ تعهدات هذه الخطة.
لم يخف علي الرئيس أن يطرح ثلاث قضايا هامة وأساسية تمثل أولويات ضرورية لتطبيق مباديء الأمم المتحدة وتمثل الحديث الجاد عن تفعيل دورها وإعادة مصداقيتها.
أولي هذه القضايا تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والمنظمات الاقليمية وأشار الرئيس إلي التجربة الناجحة للشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي ووصفها بأنها نموذج يحتذي في اقتسام الأعباء والاستفادة من المزايا النسبية لكل طرف لمواجهة التحديات المعقدة في قارتنا.. لذلك فإن مصر تتطلع لتفعيل هذه الشراكة عبر برامج ذات مردود ملموس علي القارة لإحياء سياسة الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية.
القضية الثانية وهي الأكثر أهمية وخطورة وهي مكافحة الإرهاب.. والذي تتبناه مصر نيابة عن العالم وأطلقت العملية الشاملة سيناء 2018 من خلال استراتيجية أمنية وايديولوجية وتنموية ونستطيع أن نبني علي هذه التجربة وأن نستفيد من الخبرة المصرية وان يتم التعاون لدعم مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.. لأن حجم التمويل والتسليح والتدريب ووسائل الاتصال التي تحصل عليها الجماعات المتطرفة تشير إلي أنه لابد من بناء منظومة عالمية لمكافحة الإرهاب حيثما وجد ومواجهة كل من يدعمه بأي شكل.
القضية الثالثة التي تضمنتها رؤية مصر هي ضرورة معالجة القصور الكبير في تعامل المجتمع الدولي مع قضايا حقوق الإنسان.. فلا مجال لاستعادة مصداقية الأمم المتحدة طالما استمر الملايين يعانون من فقر أو يعيشون تحت الاحتلال أو يقعون ضحايا لعمليات إرهابية أو صراعات مسلحة.. فحماية حقوق الإنسان لن تتحقق بالتشهير الإعلامي وتسييس الآليات وتجاهل التعامل المنصف مع كافة مجالات هذه الحقوق ولكنها تتحقق بوجود آليات حاكمة في هذا الملف.
مصر تمتلك أساسا دستوريا راسخا لحماية حقوق الإنسان بأشمل معانيها وهناك قفزات ملحوظة في مجال تمكين المرأة والشباب.. ومصر عازمة علي أن تجعل قضية التمكين الاقتصادي للمرأة إلي جانب قضايا الشباب والعلوم والتكنولوجيا والابتكار في طليعة أولوياتها خلال رئاسة مجموعة ال 77 والصين كنموذج عملي لتطبيق التزامنا بمفهوم شامل للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بأوسع معانيها.
حقيقة جاءت رؤية مصر واضحة ومعبرة عن رغبة أكيدة في استعادة مصداقية العمل الدولي متعدد الاطراف ودور الأمم المتحدة كقاطرة له.. كما أن مصر تؤمن بأن المنظمة قادرة علي تجاوز التشكيك في جدواها ومصداقيتها من خلال استعادة مبادئها السامية والعمل وفقا للأولويات التي تعكس طموحات الشعوب وثقتها في مستقبل قائم علي السلام والتعاون واحترام الآخر.
هذه هي مصر التي عادت قوية.. بعد أن حققت نجاحات متتالية علي كافة المستويات سياسيا واقتصاديا وتنمويا وأمنيا وأصبح العالم كله يتطلع لأن يستمع إليها ويتحاور معها ويستفيد من تجاربها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.