جاء الانتماء الوطني كأحد المحاور الرئيسية التي تناولها السيد الرئيس في لقائه الأخير مع الشباب والذي عقد مؤخراً في جامعة القاهرة. وقد استوقفني المعني المقصود بمصطلح "الانتماء الوطني" وتساءلت هل هو يدرس أم يورث. ويأتي الانتماء قبل الولاء.. حيث يقصد به الرابطة الفعلية التي تربط الإنسان بوطنه.. ثم يأتي الولاء الذي يشير إلي الإخلاص الطوعي غير المشروط تجاه هذا الوطن ومن هنا فكلاهما مكملان لبعض. وبالتالي فإننا يجب أن نعمل علي توجيه تلك الولاءات في المجتمع بالشكل والأسلوب الذي يحقق التقدم والتطور لهذا المجتمع ومدي قدرته علي النجاح في جهود التنمية والتطور.. فكلما كان الانتماء لفئة محددة أو كيانات صغيرة كان المجتمع أكثر تخلفاً وزادت فيه الصراعات والخلافات نتيجة الانغلاق الفكري والجمود الذهني وعدم احترام ثقافة الآخر واتباع سياسة الاقصاء.. وهو ما رأيناه إبان حكم الاخوان للبلاد.. والعكس من ذلك في المجتمعات الأكثر تحضراً وتطوراً حين يتجه الولاء عادة إلي الوطن ومؤسساته المدنية والعسكرية.. ففي مصر حالياً نجد رجال القوات المسلحة والشرطة يضحون بأرواحهم ولاء وانتماء لوطنهم.. ولكن يبقي هناك قصوراً في المؤسسات المدنية ينعكس سلباً علي الانتاج والانجاز ويبدو أن ذلك نتيجة حدوث تأثيرات عكسية ساهمت فيها الشائعات وحالات الإحباط التي تصيب بعض شبابنا نتيجة صعوبة المرحلة التي تمر بها البلاد حالياً. وبطبيعة الحال فإن الخطاب حول أزمة الانتماء الوطني يتزايد كلما تفاقمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ولعل هناك عناصر أخري ساهمت أيضاً في التأثير السلبي علي الانتماء الوطني نذكر منها علي سبيل المثال : 1 عدم اهتمام مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة بالشكل الواجب لزرع روح الولاء والانتماء للوطن. 2 ضعف الاهتمام بالمواهب والكفاءات وندرة الفرص المتاحة لهم. 3 عدم اهتمام الخطاب الديني بتحفيز الوازع الوطني لدي الشباب. إن إعادة روح الولاء والانتماء هي مسئولية مجتمعية وليست قاصرة علي رئيس الدولة فقط.. لابد من إيجاد وسائل وأساليب مقبولة نعيد بها هاتين الفضيلتين إلي شبابنا.. ولنبدأ بالأسرة أولاً ثم المدرسة الابتدائية. ثم يتشارك معهم المسجد والكنيسة.. أما إن يصل هذ الطالب إلي المرحلة الثانوية والجامعية ولم يتحقق لديه هذا الارتباط بالوطن فأعتقد أن الأمر سوف يكون أكثر صعوبة. ومن هنا فإننا نري أن الانتماء والولاء بغض النظر عن مفهومهما فكلاهما يعني حب الوطن والتفاني لحمايته ورفعته والنهوض به.. شريطة تهيئة الأجواء للنشء لزرع تلك الروح بداخلهم.. ووجود القدوة في العطاء أمامهم في كل المجالات التي يأملون في العمل بها والوصول إليها. وتحيا مصر