هل نستطيع تلخيص سر التقدم والحضارة التي نلمسها في كثير من الشعوب حولنا.. أو بعيداً عن حدودنا.. لقد رأيته بعيني ويكمن في العمل والقوانين الرادعة المنظمة لسلوكيات البشر.. الأمثلة كثيرة.. في احدي دول الخليج لم يكد صديقي الإعلامي يسير بسيارته أمتاراً قليلة عكس الاتجاه حتي ظهر له الشرطي وألقي القبض عليه ووضعه في الحجز 4 أيام حتي يسدد غرامة تصل إلي عشرين ألف جنيه.. كانت رادعاً له علي الالتزام بالاشارات وقواعد المرور. ومنها إلي ايطاليا.. إذا ركنت سيارتك في مكان ممنوع الانتظار به.. يحضر الونش المروري في الحال.. يسحب السيارة.. ولا تستعيدها إلا بغرامة 4100 يورو "احسبها كما تريد بالجنيه" بالاضافة إلي ما يطلقون عليه عقوبة الخدمة المجتمعية.. ساعتين كل يوم في رفع القمامة ولمدة أسبوع. *** وعندما عدت إلي وطني الغالي بعد رحلة غربة.. تفاءلت كثيراً بما لمسته من تجميل ميادين حلوان والمعادي ورمسيس وأحياء الإسكندرية.. وقلت في نفسي مصر بخير. ولكن ما هي إلا أيام لاكتشف أننا نعيش في فوضي طاحنة.. وليس مجرد "زحمة يا دنيا زحمة" كما قال عدوية.. يكفي ان تنظروا حولكم.. احتل أصحاب المحلات نهر الطريق وتركيب تندات ومتاريس الحديد علي الأرصفة وأمام العمارات.. تركوا ما تبقي من الشارع المسكين للبلطجية يؤجرون المكان للباعة الجائلين. *** علينا الاعتراف أن الكثيرين للأسف تحولوا إلي وحوش لا يمكن السيطرة عليهم.. هذا هو الأب يمزق أعضاء زوجته بسكين أمام فلذات الأكباد بسبب رفضها بيع ميراثها وتسليم المبلغ له.. وعاطل من بولاق يروع جيرانه مستعيناً بكلب متوحش لاذلالهم والسخرية منهم.. يضاف إلي ذلك حرب السوشيال ميديا وفضائيات بير السلم يديرها نصابون وخلايا تنظيم الإخوان الإرهابي يسعون لغرس اليأس والإحباط في قلوب وعقول البسطاء يعاقبونهم علي صمودهم وتفهمهم ودورهم الشجاع في استعادة الدولة المصرية ممن حاولوا سرقتها وتدمير مؤسساتها. وحدث ولا حرج عن مسلسلات وأفلام وأغان مثل "خليك في كوزك.. لما نعوزك" لصنع أجيال مدمرة.. والمحتويات الهابطة التي تؤذي عقولنا وقيمنا في الميكروباص والتوك توك... الخ. *** الأمثلة السابقة مثل أسلحة فاسدة تركنها تفتك بنا وتحطم الآمال والأخلاق والسلوك في مؤامرة مقصودة.. رغم أننا ندركها بالعين المجردة.. وكذلك من خلال ما نلمسه من تقدم في بلاد عديدة.. قطعت أشواطاً كبيرة نحو الحضارة والتقدم. *** * أخيراً يقول أجدادنا: اللي يطلع علي كتاف الناس مستقبله مرهون علي هزة. واللي يطلع بكفاحه.. حياته قوة وعزة. وينصحنا الإمام علي: صديقك من نهاك وعدوك من أغراك.