كل عام وأنتم بخير.. اقترب موسم الحج وبدأ سباق المصريين المحموم علي السفر لأداء المناسك سواء علي نفقة القادرين من هواة تكرار السفر في هذه الرحلة الايمانية المباركة.. أو من هؤلاء الذين أدمنوا استغلال المال العام ولا يكفون عن التحايل للسفر علي نفقة الدولة أو نفقة جهات عملهم وهم للأسف كثيرون ولم تعد تجدي معهم نصيحة ولا توعية ويجب علي الحكومة أن يكون لها قرار حاسم لوقف هذا السفه الانفاقي الذي يتستر وراء الحج. في هذا الوقت من كل عام يجدد علماء الإسلام دعوتهم للمسلمين القادرين ماديا الذين يحرصون علي السفر سنويا لأداء مناسك الحج والعمرة بالتبرع بنفقات سفرهم للفقراء واصحاب الحاجات خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الحج وحاجة الفقراء والمحتاجين في المجتمع إلي من يسهم في اطعامهم وعلاجهم وتخفيف معاناتهم بسبب الغلاء الفاحش الذي نواجهه.. ولكن للأسف لا تجد هذه الدعوات ايضا صدي عند كثير ممن يمتلكون المال حيث يحرص هؤلاء علي السفر بأية وسيلة لزحام ضيوف الرحمن الذين لم يسبق لهم اداء الفريضة ويعسرون عليهم أداء المناسك في يسر وسهولة والعودة إلي أهلهم سالمين غانمين. بالتأكيد.. الحج رحلة إيمانية يستهدف صاحبها الاجر والثواب ونحن لا نشكك في نوايا من أدمنوا القيام بهذه الرحلة.. لكن تعلمنا من شريعتنا الاسلامية أن هناك اولويات وأن الحج مطلوب من المسلم مرة واحدة في العمر. ولو اشتاق الإنسان إلي هذه الرحلة وطال به العمر فليكن هذا علي سنوات متباعدة وأن توجه نفقات الحج العمرة إلي الفقراء وقد اجمع علماء الاسلام الثقات علي أن التبرع لأعمال الخير ومساعدة الفقراء والمرضي غير القادرين اكثر اجرا وثوابا وقربا إلي الله من حج التطوع وتكرار العمرة حيث سقطت فريضة الحج عن اصحابها بمجرد أدائها لمرة واحدة. لقد أضح علماء الإسلام أن التطوع بالنوافل الذي يحبه الله ورسوله ويقرب الانسان من خالقه يجب أن تسبقه أداء فريضة الزكاة ولذلك فإن كل من يتطوع بالحج أو العمرة ويبخل بإخراج الزكاة المفروضة عليه كلها أو بعضها. فحجه وعمرته مردودان عليه. وأولي من انفاق المال في الحج والعمرة أن يطهره أولاً بالزكاة. كما أن الزحام الشديد الذي يشهده موسم الحج كل عام ويعرض حياة بعض الحجاج للخطر خاصة المرضي وكبار السن يأتي نتيجة حرص البعض علي تكرار الحج وهذا يسبب بدنيا ونفسيا لبقية ضيوف الرحمن الذين يؤدون الفريضة لأول مرة ويضاعف من تكلفة الحج عليهم والله سبحانه وتعالي لا يقبل النافلة إذا كانت تؤدي إلي فعل محرم. *** علينا أن ندرك أننا كمصريين نعاني من "فوبيا الحج والعمرة" وإذا كانت التوجهات الدينية الصادقة تدفع كثيرا من محدودي الدخل إلي الادخار لسنوات من اجل هذه الرحلة وبهدف قضاء الفريضة.. فيجب أن نعترف صراحة بأن رحلات الحج والعمرة لكثير من القادرين تسيطر عليها الوجاهة الاجتماعية وهو الامر الذي يفقدها أهدافها ومقاصدها الشرعية ويحرم كثيرا من القائمين بها من الأجر والثواب رغم ما أنفقوا من أموال وما بذلوا من جهد بدني لأداء المناسك. سألت العالم الأزهري الكبير د. نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية الاسبق عن حكم الشرع في تكرار السفر لأداء مناسك الحج واهمال الفقراء واصحاب الحاجات الذين يحيطون بنا من كل جانب فقال: هؤلاء يفتقدون البصيرة الدينية وقد بحت أصواتنا للتنبيه بأن رعاية الفقراء والمحتاجين اولي من تكرار الحج والعمرة وللأسف لا يلتزم بهذه الفتوي او تلك النصيحة إلا أقل القليل من القادرين. *** ترشيد الحج والعمرة لا يحتاج إلي قرارات من الحكومة حتي لا تتهم بمعاداة الاسلام ومنع الناس من أداء عباداتهم الدينية.. لكنه يحتاج إلي وعي ديني مجتمعي يشعر القادرين بمعاناة المحتاجين. والفيصل هنا هو فتاوي وتوجيهات العلماء الذين اكدوا في عشرات الفتاوي أن مساعدة الفقراء أكثر ثوابا وعطاء من حج التطوع أو تكرار العمرة. لذلك أناشد القادرين الذين يحرصون علي اداء مناسك الحج كل عام ان يعيدوا حساباتهم وان يقدموا الاموال التي ينفقونها في رحلات الحج التطوعية إلي الفقراء والمرضي وأصحاب الحاجات لأنهم بذلك يسهمون في حل مشكلات عديدة أولها مساعدة الفقراء والمحتاجين. والفيصل هنا هو فتاوي وتوجيهات العلماء الذين أكدوا في عشرات الفتاوي أن مساعدة الفقراء أكثر ثوابا وعطاء من حج التطوع أو تكرار العمرة. لذلك أناشد القادرين الذين يحرصون علي أداء مناسك الحج كل عام أن يعيدوا حساباتهم وأن يقدموا الاموال التي ينفقونها في رحلات الحج التطوعية إلي الفقراء والمرضي وأصحاب الحاجات لأنهم بذلك يسهمون في حل مشكلات عديدة: أولها مساعدة الفقراء والمحتاجين وهذا أمر مهم للغاية وواجب ديني واجتماعي.. وثانيها: تخفيف حدة الزحام في الحج واعطاء الفرصة لمن لم يسبق لهم أداء الفريضة لكي يؤدوها في سهولة ويسر.. وثالثهما: توفير العملات الاجنبية التي تنفق خلال هذه المرحلة. يقول د. علي جمعة مفتي الجمهورية السابق: الشخص الواحد ينفق علي رحلة حجة التطوعي الآن آلاف الدولارات وهي تكفي لعلاج عدة مرضي من الفقراء أو تزويج فتاة لا يستطيع والدها تجهيزها وهنا يكون علاج المرضي الفقراء أو تزويج الفتيات الفقيرات أفضل وأكثر أجرا وثوابا لصاحب المال من أداء الحج نقلا أو تطوعا لأنه انقذ حياة إنسان أو خفف معاناته. ورسم البسمة من جديد علي شفاة أسرته أو ساعد فتاة فقيرة علي العفاف.