لم يكن أحد يتصور أن البيئة الأزهرية التي اتهمت كثيرا بالتشدد واحتضان المتطرفين دينيا والمتجمدين فكريا تنظم مهرجانا فنيا وإبداعيا يحضره كبار المسئولين بالأزهر كالذي انطلق في قاعة المؤتمرات بالأزهر منذ يومين ويختتم اليوم ويشهد كل صور الابداع الغنائي والتمثيلي والمسرحي والأدبي ليؤكد أن أزهر اليوم يختلف عن أزهر الأمس. وأن الذين يتطاولون علي الأزهر ويتهمونه بالجمود والتطرف واحتضان المتطرفين غابت عنهم حركة التغيير والتطوير الذي تشهده كل قطاعات الأزهر منذ سنوات ونتمني أن تتواصل لكي يصل الأزهر الي الصورة التي يتطلع إليها كل مسلم وكل محب للأزهر وغيور علي اسمه وسمعته ومكانته. لقد سبق وانتقدت كثيرا من الأوضاع التي تحتاج الي تقويم داخل الأزهر بهدف الإصلاح وبدافع الغيرة علي هذه المؤسسة العريقة التي تربيت فيها وافتخر بحملي شهادات عليا منها.. لكن فرق كبير بين نقد أزهري غيور علي مؤسسته ويعلم حقيقة ما يدور بداخلها.. وما يكتبه المتطاولون من سفاهات وما يغلفون به انتقاداتهم بمطالب تنم عن حماقة فكرية لا علاقة لها بالنقد الموضوعي الهادف من قريب أو بعيد. بالتأكيد.. الأزهر في حاجة الي مزيد من جهود علمائه والقائمين عليه وفي حاجة الي احتضان كل أبنائه لكي يحقق طموحات المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ولكي تكون له القدرة علي مواجهة جحافل المتطرفين والتكفيريين داخل مصر وخارجها وحماية شبابنا من أفكارهم المسمومة.. لكن لا بد أن نعترف جميعا بأن الأزهر يسير في طريق الإصلاح والتطوير ولا يخشي التجديد والتحديث. فقد تغيرت مناهجه التعليمية وتغيرت أنماط التفكير الديني به وأصبح الآن أكثر انفتاحا علي الآخرين فكريا وثقافيا. رغم السهام المسمومة التي لا تزال توجه الي الأزهر فلم ترتفع مكانة هذه المؤسسة العريقة في نفوس المصريين في أي عصر كما ارتفعت هذه الأيام. ولم يحظ آداء شيخ للأزهر برضا المصريين والعرب والمسلمين في العقود الأخيرة كما حظي أداء د. أحمد الطيب شيخ الأزهر. ولم يكن للأزهر مكانة في نفوس العرب والمسلمين خارج مصر مثل مكانته الآن فشيخ الأزهر ورفاقه من العلماء يحتفي بهم في كل مكان يذهبون إليه ويتم استقبالهم بحفاوة تفوق حفاوة استقبال رؤساء دول. ودعوات الزيارة تنهال علي مشيخة الأزهر من مختلف دول العالم لاستقبال شيخه والاحتفاء بعلمائه. مما يؤكد أن الأزهر يتقدم القوي الناعمة لمصر التي يجب دعمها واستغلالها الاستغلال الأمثل لإضافة المزيد الي صورة مصر العربية الإسلامية المتسامحة التي تقود مسيرة التنوير والتسامح الديني في العالم. إلقاء الغبار علي وجه الأزهر وعلمائه وتشويه صورة كفاحه وعرقلة جهود إصلاحه كما يفعل بعض الحمقي الذين يتسترون وراء لافتات مشبوهة وشعارات زائفة لن يفيد إلا أعداء مصر وخصومها هنا وهناك. شعارات المغرضين والمخربين الذين يرمون الأزهر وشيخه وعلماءه بكل النقائص ويريدون فرض سطوتهم عليه تافهة ومخططاتهم مكشوفة وهم مع كل هجمة علي الأزهر وفي أعقاب كل حملة تشويه يخرجون منها منكسي الرؤوس حيث يلتف الشعب أكثر حول الأزهر وتتداول في وسائل الإعلام علي ألسنة كتاب ومثقفين ومواطنين بسطاء عبارة "إلا الأزهر".. مما يؤكد أن الشعب هو الحارس الأمين للأزهر والمساند والداعم لكل جهود الإصلاح به. أتمني أن يراجع المتربصون بالأزهر أنفسهم وأن يتوقفوا عن حماقاتهم ضد هذه المؤسسة الكبري التي يفتخر بها كل مصري وكل عربي وكل مسلم. يجب أن يدرك الذين يحملون أحقادا وضغائن للأزهر وعلمائه أن هذه المؤسسة العريقة أحد أهم مكونات الدولة المصرية العريقة. وأن المساس به وإلقاء الغبار عليه تمثل أبشع صور الخيانة للوطن. علي كل صاحب هوي أن يكف يديه عن الأزهر ويترك شأنه لأصحابه. وهو قادر علي رسم خطاه وتصحيح أخطائه والتخلص من العناصر غير القادرة علي أداء رسالته.