للمملكة العربية السعودية جهود كبيرة جداً في مكافحة الإرهاب. وحين نعلم أن فرع تنظيم القاعدة بجزيرة العرب. هو أخطر أفرع الشبكات الإرهابية. وأن زعيمه الآن. هو السعودي قاسم الريمي. ندرك علي الفور ما تواجهه المملكة في الداخل من خطر هذه التنظيمات. إلا أنها رغم كل ما يحاك لها نجحت إلي حد كبير جداً في القضاء علي هذا التنظيم في الداخل السعودي. فلم يجد إلا أن ينقل ويدير إرهابه من اليمن. أولي الأسباب في نجاح المملكة. هو أن الجهات الأمنية تأخذ بأعلي الأسباب العلمية في مراقبة الإرهابيين. كما أنها تقوم ببرنامج فكري. اسمه المناصحة. أطلقه الأمير نايف بن عبد العزيز. رحمه الله. كما أنها تقوم بعمليات تنسيقية كبيرة مع دول الجوار في هذا الشأن ومنها مصر والدليل. إفشال محاولة اغتيال الرئيس السيسي. التي كانت ستتم في الحرم المكي. السعودية تعمل بمنهج واضح في مكافحة الإرهاب. يقوم علي تفتيت الهيكل. وهو الدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية المختلفة. والثاني هو المقاومة الفكرية. وتصحيح الأفكار. وهي لها منهج خاص في المقاومة الفكرية. وهو برنامج "المناصحة" الذي يشرف عليه. مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية للتخلي عن فكر التطرف والتكفير. تقوم فكرة المركز علي تقديم برنامج مكثف يرتكز علي القضايا الشرعية والفترات التعليمية. وتوضيح الأمور السياسية والتاريخية بالإضافة إلي لقاءات للعائدين من التطرف مع العلماء الشرعيين في جو مفتوح وترفيهي هدفه التهيئة النفسية لإعادة الثقة إلي الشخص المتطرف. حتي يندمج في المجتمع لبناء حياته. برامج المناصحة ليست شرعية فقط. بل تتداخل معها الاجتماعية والنفسية والإرشادية. والبرامج ليست فقط في أثناء فترة السجن أو بعد انتهاء المحكومية. إنما تمتد لمتابعته ودعمه بعد خروجه إلي الحياة العامة بعد أن يكون قد هيّئ ببرامج ودروس التخطيط للحياة ومهارات التواصل مع المجتمع لأنه يواجه 3 أمور قاسية هي نظرة المجتمع. والصعوبات المادية كالبحث عن وظيفة والزواج. والتأقلم مع أسرته ومجتمعه. كما أن البرامج ليست منصبة علي المستفيد. بل تمتد إلي أسرته وحتي أسر غير الموقوفين والمستفيدين. برنامج المناصحة نجح في إعادة وتصحيح مفاهيم 92% ممن خضعوا له. ولو نظرنا إلي عدد من عادوا إلي أفكار التنظيم مقابل من اندمجوا في الحياة العامة وباشروا حياتهم بشكل طبيعي. فذلك مؤشر علي جدوي البرنامج. أما في مصر فقد أطلقت الأجهزة الأمنية. المنوط بها مقاومة التنظيمات الإسلامية. ما يسمي بتصحيح المفاهيم والمراجعات. وبدأت تلك الخطة عام 1965. وساعتها بقي حوالي 180 عضوًا فقط لم يتخلوا عن الفكر المتطرف. وهم من تسببوا فيما بعد في احداث العنف التي واجهت الدولة المصرية. الخطة المصرية تقوم علي حصر كافة محاور عمل التيارات الإسلامية لتكوين تصور واضح عن هذه التيارات. وكشف هيكلها الإداري. وتكوينها الفكري. وقوتها العددية. وانتشارها الجغرافي. ومراكز نشاطها. ومصادر تمويلها. وطبيعة علاقاتها ببعضها البعض أو بغيرها من التيارات مما يوضح عوامل قوتها و ضعفها ومراكز القوي والمفاصل الأساسية لها. ثم جمع مكثف للمعلومات عن هذه المحاور باستخدام آليات متعددة لجمع المعلومات مثل الاستدعاءات والاختراقات والمراقبات والمداهمات والتحقيقات. ثم تفريغ المعلومات في ملفات. تمهيداً لتكوين تصور واضح عن التيارات المختلفة. ومن ثم تصنيف هذه التيارات وتحديد السياسة الأمثل للتعامل معها. إما استئصالها أو إضعافها. بسياسة تقوم علي تجفيف الروافد البشرية والمالية والفكرية التي تغذيها وتكفل لها الاستمرار والبقاء. في الفترة الأخيرة. حدث تطابق طبيعي في مواقف البلدين في مكافحة الإرهاب. وجاءت زيارة ولي العهد. الأمير محمد بن سلمان لدعم النقاش حول منع التدخلات الخارجية في الشأن العربي. ووقف تمويل الجماعات الإرهابية وكذلك الخطاب الديني المتشدد. واستمرار التشاور والتنسيق بين مصر والسعودية في كل المجالات. إن أهم محور في التنسيق المصري السعودي في مكافحة الإرهاب. هو إنشاء مراكز متخصصة. ومراكز فكر. لتدارس الظاهرة. وطرح الإشكاليات والحلول. وهذا ما اتضح بإنشاء مركز "اعتدال" الذي افتتحه الرئيس السيسي. والملك سلمان. والرئيس الأمريكي ترامب في الرياض منذ شهور. ما سيحدث عقب زيارة ولي العهد. سيكون كالتالي من ناحية مقاومة الإرهاب: استثمار مركز الثقل السعودي الديني. والتنسيق مع الأزهر لمقاومة الإرهاب. وثانياً استخدام دور المملكة المحوري في دعم الاستقرار بالعراق وسوريا. ومقاومة الخطط القطرية الرامية إلي نشر الإرهاب. وفق مبدأ تفتيت الدول بالمنطقة العربية. ودعم الإصلاحات الاقتصادية والسياسية بمصر والمملكة. واستخدام آليات الاقتصاد لمقاومة الإرهاب. وتطوير الكيان السعودي والمصري لمقاومة التطرف. كما يشمل تطوير أجهزة الردع في البلدين. في الختام. فإن مصر والسعودية هما عمودا الأمة العربية. وإن ما يجري الآن من التنسيق في مكافحة الإرهاب له أهمية كبيرة في ظل خطط رامية إلي تطوير البلدين. پ