رغم أن مدينة الفيوم الجديدة كانت الحلم الذي انتظه أبناء المحافظة لسنوات طويلة نظراً لقرب عاصمتهم الأم القديمة من مكان الجديدة لعلها تكون مخرجاً من أزمات الإسكان الخانقة التي كانوا يعانون منها. ورغم إنفاق الملايين التي تزيد علي نصف مليار جنيه علي مباني ومرافق المدينة إلا أن الفيوم الجديدة تحولت إلي كابوس يطارد أهالي المناطق والقري المجاورة التي سبقتها في الوجود بعشرات السنين وتريد هذه المدينة أن تزيل زراعاتهم وأشجارهم وممتلكاتهم أو تعيد بيعها لهم!!! ومدينة الفيوم الجديدة أنشئت طبقاً للقرار رقم 193 لسنة 2000 وتقع علي طريق القاهرةأسيوط الغربي علي بعد 100 كيلو متر جنوبالقاهرة وتبعد عن مدينة الفيوم الأم بنحو 15 كيلو متراً وعن مدينة بني سويف بمسافة 40 كم وتبلغ مساحتها الإجمالية 13502 فدان منها 1669 فداناً مساحة الكتلة العمرانية وهي مقسمة إلي 3 أحياء سكنية بالإضافة إلي المنطقة السياحية والترفيهية والإقليمية والصناعية ومركز المدينة ومنطقة الامتداد الجنوبي وكان من المخطط تنفيذ المدينة علي 4 مراحل حتي عام 2017 ووصلت تكلفتها إلي ما يزيد علي 500 مليون جنيه. 274 نسمة علي الرغم من ذلك لم ينتقل للسكن بالمدينة إلا عدد محدود من الأسر ويقول الدكتور جمال سامي محافظ الفيوم إن التعداد الأخير للسكان كشف أن عدد سكانها الحالي والحقيقي يبلغ 274 نسمة فقط علي سبيل الحصر. ويتفق طارق عبدالجيد والمهندسة فاطمة أحمد ومصطفي محمد حسن من حاجزي المدينة إنهم لم ينتقلوا للإقامة بها حتي الآن بسبب عدم اكتمال توصيل المرافق أو ارتفاع أسعار توصيلها وانتشار السرقات التي طالت كل شيء وحتي الأبواب والشبابيك الحديدية التي يتم خلعها من مكانها بالحوائط علاوة علي عدم وجود طريق مباشر يربط بينها وبين الفيوم العاصمة وقلة عدد سيارات نقل الركاب علي الخط الوحيد الذي يخدمها والأهم هو اشتراطات البناء الصعبة التي تحظر التوسع الرأسي وتقصر البناء علي نسبة صغيرة من قطع الأراضي المخصصة وهو ما لا يراعي أو يتوافق مع احتياجات السكان. إزالة الأخضر واليابس يقول نادي عبدالحميد من أبناء قرية دمو إنه رغم حداثة عهد المدينة وقلة عدد سكانها إلا أنها فتحت أبواب الصراع علي آخره مع جيرانها من جميع الاتجاهات سواء من وضعوا اليد بالطرق القانونية علي أراض كانت في ولاية إدارة أملاك الدولة بالفيوم قبل صدور قرار إشهار المدينة نفسها وقد حصلوا علي عقود بيع رسمي وقانوني من أملاك الدولة وذلك بسبب الرغبة في الاستحواذ علي أراضيهم بدعوي أنها ضمن مدينة الفيوم الجديدة في الوقت الذي قدمت فيه وأثبتت جهات حكومية ما يفيد أن الأرض تم بيعها ببيعات رسمية ومنها أراض ملك جمعية الأرض الخضراء وأراض ملك مواطنين آخرين وقد أزالت منها مساحات بالفعل. وحتي المحاجر الرسمية ملك المحافظة والمؤجرة بمعرفتها بعقود قانونية لم تفلت من جبروت مدينة الفيوم الجديدة وقد شهد أحدها صداماً شهيراً عندما كان يؤجره شقيق عضو مجلس شعب سابق بشكل رسمي وقانوني بحجة أن معدات المحجر تعمل بمكان ملك جهاز مدينة الفيوم الجديدة. يقول طارق العيسوي رئيس جمعية الشباب لتنمية الثروة الداجنة بدمشقين إن الأراضي الزراعية التابعة لجمعية الأراضي الخضراء سبقت إنشاء الفيوم الجديدة ب 15 سنة وهي تقع علي مساحة 810 فداناً وتضم 62 مشروعاً للدواجن تسهم بحوالي 10% من احتياجات السوق المحلي بالفيوم من اللحوم البيضاء. كما تضم ما يقرب من 20 مشروعاً لتربية وتسمين الماشية وإنتاج الألبان وتدعم منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة هذه المشروعات من خلال تنظيم الدورات التدريبية والإرشاد والدعم الفني ويؤكد أن مشروعات الجمعية تتيح فرص عمل دائمة ومؤقتة لأكثر من خمسة آلاف عامل من الرجال والنساء والشباب من أبناء قري هوارة ودمشقين ودمو المجاورة. ويقول الدكتور حلمي عبدالستار رئيس الجمعية المركزية التعاونية للاستصلاح بالفيوم إن الجمعية أنشئت بالقرار رقم 106 لسنة 1986 وتضم في عضويتها مواطنين رأوا التوجه للصحراء وسخروا جهودهم ووضعوا كل مدخراتهم لاستصلاحها وزراعتها وتعميرها وأفنوا فيها عمرهم وهم يرونها الآن علي وشك الضياع وسلبها منهم وقد تم استلامها من إدارة أملاك الدولة الخاصة بالفيوم سنة 1986 بقرار من نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة لاستصلاحها واستزراعها بعقود محدد بها قيمة حق الانتفاع وثمن بيع الفدان بعد إتمام زراعتها وهو ما يعد بمثابة عقد بيع وتم تخصيص مقرر ري لها من بحر حسن واصف وتقسيمها علي الأعضاء الذين قاموا بعمل شبكات للري الحديث وزراعتها وأصبح لها خرائط حوض زراعي رقم 14 قطعة 7 وسجلت بإدارة المساحة بالفيوم وأصبح لها خرائط مساحية ومسجلة السجل العيني بمساحة 810 فدادين ولها صحف وحدات عقارية لكونها أرضاً زراعية ونسدد عنها ضرائب عقارية. كما تم تسجيلها بالمراقبة العامة للتعاون والتنمية بمحافظة الفيوم التي تمثل وزارة الزراعة التي أصبحنا نخضع لها فنياً وإدارياً وتعاونياً حيث نصرف منها جميع المستلزمات الزراعية والأسمدة وغيرها وتتبع كذلك الجمعية المركزية الزراعية التعاونية بمحافظة الفيوم وأقام الأعضاء علي أرض الجمعية عدة مساجد تتبع الأوقاف وديراً يتبع الكنيسة ومخبزاً وكافيتريا ومطعماً وتم توصيل المرافق من كهرباء ومياه شرب وتليفونات للمنازل والاستراحات التي أقيمت للأعضاء والمزارعين والعاملين الذين يتجاوز عددهم خمسة آلاف معظمهم من أبناء القري المجاورة. مذكرات رسمية وكشفت مذكرة رسمية أعدتها المهندسة عنايات طاهر مديرة عام أملاك الدولة السابقة بمحافظة الفيوم للعرض علي وزير الإسكان أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة خصص لها 1300 فدان لإنشاء مدينة الفيوم الجديدة بموجب القرار الجمهوري رقم 193 ولكن الهيئة استغلت 2300 فدان بزيادة ألف فدان علي المساحة المخصصة وقالت طاهر في المذكرة إن المساحة محل الخلاف بين الهيئة والجمعية هي ملك لجمعية الأرض الخضراء وليس لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. وتأججت الخلافات بين الهيئة والجمعية منذ عام 2008 بعدما قامت الهيئة باستلام الأرض بموجب العقد رقم 370 لسنة 2008 بسبب وجود مساحة قدرها 22 فداناً من الأراضي المخصصة للمدينة داخل المساحة المخصصة لجمعية الأرض الخضراء وتمسكت الهيئة بإنشاء طريق لمدخل مدينة الفيوم من أراضي الجمعية التي قامت بشراء 1000 فدان من إدارة أملاك الدولة بالفيوم في عام 1986 بناحية منطقة العزب علي طريق الفيوم بني سويف بعد استيفاء كافة الاشتراطات القانونية ثم قامت الجمعية بتوزيع الأراضي علي الأعضاء وتمت زراعتها بالمحاصيل والفواكه فأصبحت ملكية خاصة للأعضاء ومصدر رزق لهم. ويحتوي ملف مشاكل الفيوم الجديدة مع جيرانها علي سلسلة يطول شرحها تدخل فيها عدد من محافظي الفيوم منذ بداية الألفية الثانية وحتي الآن وكذا عدد من وزراء الزراعة والإسكان والتنمية المحلية وحتي رؤساء وزراء ولكن من دون جدوي. من هذه الملفات تعدي مدينة الفيوم الجديدة علي أراضي جمعية الأرض الخضراء حيث تم مخاطبة وزير الزراعة ومحافظ الفيوم ووزير الإسكان ووزير التنمية المحلية ليتم إزالة تعدي المدينة علي مساحة 128 فداناً وصدر قرار هيئة الاستثمار وتعليمات رئيس مجلس الوزراء بالابتعاد عن الأرض الخضراء وكل ما هو سابق علي إنشاء الفيوم الجديدة ولكن جهاز المدينة واصل محاولاته واستصدر قراراً بتوسعة حيز المدينة من 1300 فدان إلي 13 ألف فدان لتتسع دائرة المشاكل والنزاع مع أطراف متعددة جديدة ومنها محافظة الفيوم ومنشآتها بمنطقة العزب التي تضم مشروع الدواجن التكاملي ومحطة مياه الشرب الجديدة وعدداً من المحاجر وقري دمشقين وهوارة. حتي بني سويف وامتدت مشاكل الفيوم الجديدة والهيئة لتصل إلي قري بني سويف حيث تعاني قرية طما فيوم التابعة لمركز إهناسيا أشد المعاناة حيث تحاول المدينة وهيئة المجتمعات العمرانية التهامها بعد أن قرر الأهالي إقامة منازلهم وتجمعاتهم بالصحراء بعيداً عن الأرض الزراعية وهي قرية تتبعها قري نجيب وإسلام ومبارك ويحدها بحر يوسف من جهة الشرق وطريق أسيوط من جهة الغرب. ولم يجد الأهالي متنفساً لضيق منازلهم إلا الصحراء التي خرجوا إليها ليعمروها وقاموا بالبناء عليها وربطها بأملاك الدولة منذ أكثر من 50 عاماً وأقاموا منازل ومدارس ومساجد وأدخلوا جميع المرافق بها من مياه وكهرباء وتليفونات والآن يهدد جهاز مدينة الفيوم الجديدة حوالي عشرة آلاف مواطن بإزالة منازلهم وطردهم. خارج الولاية وعندما طرحنا مشاكل المدينة الجديدة مع جيرانها علي الدكتور جمال سامي محافظ الفيوم قال: لا تسألني عن مدينة الفيوم الجديدة لأنها خارج ولاية المحافظة التي لا علاقة لها بالمدينة التي تتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان واختيار المنطقة التي أقيمت عليها المدينة خطأ من الأساس لأن جزءاً منها يقع علي مخر سيول ونحن فقط نيسر الخدمات ونطالب بتكثيف الأمن هناك وتشغيل مركز شرطة وخطوط مواصلات وسرفيس وأقيمت مدرسة بالنموذج الياباني ومشاكل المدينة خاصة بمجلس إدارتها وننسق معهم في هذا المجال وقد قابلت وزير الإسكان بعد المشاكل العديدة التي حدثت بين جهاز مدينة الفيوم الجديدة وبعض الأهالي بسبب عدم اعتراف جهاز المدينة بالبيعات القديمة من إدارة أملاك الدولة بالمحافظة لهؤلاء المواطنين وهي بيعات سبقت قرار تخصيص مدينة الفيوم الجديدة بزمان وقد توصلت إلي حل مع وزير الإسكان باعتبار أن تلك الأراضي المنزرعة والحاصلة علي عقود بالبيع خارج ولاية جهاز مدينة الفيوم الجديدة وتخص المحافظة وقد وصل إلي الديوان العام بالفعل خطاب من وزارة الإسكان يؤكد هذا الكلام. أما الدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية فتعهد بالتدخل لدي الوزارات والأجهزة المعنية والمحافظة لحل المشكلة في إطار سياسة الوزارة التي تسعي لتطبيق اللامركزية قولاً وفعلاً والحفاظ علي الرقعة الخضراء وزيادتها والحرص علي مصالح المواطنين ومصلحة الوطن.