في الوقت الذي تسعي فيه العديد من مؤسسات الدولة لمكافحة التطرف والإرهاب والتصدي للأفكار الظلامية نجد هناك بعض الجهات لا تقوم بدورها الفكري والثقافي وفي مقدمتها قصور الثقافة المنتشرة بالمحافظات المختلفة حيث تراجع دورها- كما يؤكد المثقفون - بشكل واضح في برامجها لمواجهة الإرهاب ربما لعدم وجود برامج لديها أو لوجود مشكلات إدارية ومالية تقف عائقا نحو تحقيق أهداف المثقفين الطموحين الذين يريدون تغيير مفاهيم الشباب خاصة بالقري والنجوع لأنها الأخطر.. في السطور التالية نرصد مظاهر القصور في نشاط قصور الثقافة ورؤية بعض المثقفين في النهوض بها: إعادة تقييم د.عبد المنعم سعيد المفكر السياسي وعضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب يؤكد وجود قصور واضح في دور قصور الثقافة في مواجهة التطرف والارهاب.. ويقول: يجب إعادة النظر في البرامج التي تقدمها قصور الثقافة. فإذا كان كل مسئول بالدولة يقوم بعمله كما ينبغي ما كان للإرهاب وجود في مصر. وقصور الثقافة كانت قائمة علي دعم الشعراء والأدباء والفنون علي مستوي المحافظات وولد من رحمها القوي الناعمة إنما مثلها مثل مؤسسات الدولة المختلفة من مراكز الشباب والأندية التي تراجع دورها ومركزيتها لاعتماد دعمها علي الحكومة في الوقت الذي يجب أن يكون لها دور هام في مواجهة الإرهاب بالفكر وينبغي أن يكون لها دور في مواجهة الفكر الظلامي وتتفاعل مع الشباب لمنع استقطابهم نحو الفكر الإرهابي ويجب مواجهة أوجه القصور في القيام بدورها فلم نعد نسمع الآن عن مولد أديب أو شاعر أو موسيقي من قصور الثقافة لذا عليها إعادة تقييم خريطتها الثقافية. دور غائب يوافقه الرأي الدكتور محمد نجيب التلاوي أستاذ النقد الأدبي الحديث وعميد كلية الآداب جامعة المنيا سابقاً موضحاً أنه رغم انتشار قصور الثقافة في المدن لكن عملها غائب خاصة بالنجوع والقري التابعة للمدن كما أن الأندية الريفية لم تقم بدورها كما ينبغي حيث يجب مزاولة أنشطة قصور الثقافة خارج أسوارها والتواصل مع المدارس خاصة بالمرحلتين الإعدادية والثانوية بشكل منظم بالتعاون مع الإدارات التعليمية بتنظيم ندوات والأنشطة الفنية بأنواعها المختلفة والثقافية وهذا يحتاج لتكثيف جهودها لمكافحة التطرف ومواجهة استقطاب العقول. ويعترض التلاوي علي تعيين موظفين بقصور الثقافة غير متخصصين وغير مهيئين لإدارة الفكر الثقافي مما يتسبب في حدوث الكثير من المشكلات بين قصور الثقافة والفنيين الطموحين. فالمترددون علي قصور الثقافة من الأدباء والفنيين يلمسون المشاكل الإدارية التي تقف عائقا في طريق تحقيق طموحهم الثقافي والفني. فالفن له رسالة ومهمة معينة ليس عملا روتينيا لذا لابد من وضع إستراتيجية مركزية من الهيئة العامة لقصور الثقافة نفسها وليس اجتهادات من قصر وقصر مع السماح بمسافة لحرية التنفيذ مشيداً بالعمل خلال شهر رمضان حيث هناك تكريس في الجهود في شهر واحد بينما من المفترض أن يكون طوال العام. فكل قصر به مبدعون ومثقفون قادرون علي التواصل مع المدارس والجامعات لنشر الوعي الثقافي السليم. مهرجانات تجوب المحافظات الشاعر أشرف عامر رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة يقول: الهيئة تعمل جاهدة علي مواجهة كل ما هو متطرف وظلامي لإبشعال أي شمعة للإضاءة ضد أوجه الظلام المختلفة. وقصور الثقافة تعمل في شتي المجالات بعمل أنشطة تناسب جميع الفئات العمرية من الشباب والأطفال والمرأة والكبار من خلال إقامة عروض مسرحية ومهرجانات القصور المختلفة لأندية وإقامة مثل هذه الأنشطة يعد في حد ذاته مواجهة للتطرف. فإقامة عرض مسرحي ومهرجان أندية الأدب والمسرح ومؤتمرات ثقافية بجميع المحافظات وعلي مستوي العالم والقارة الأفريقية مواجهة حقيقية لمحو الأفكار الظلامية. مثل عقد مؤتمر الشعر بالأقصر ومؤتمر الشباب والمرأة مؤخرا وإقامة عرض فني بتقديم فرقة فنية عروض فن الرسم. ويشير عامر إلي إقامة مسابقات للطلاب وحفلات علي مستوي المدارس لتكريم الفائزين بالأنشطة الثقافية وتنمية مهاراتهم واكتشاف مواهبهم كل ذلك أوجه عمل للهيئة لمواجهة ظلام الإرهاب والتطرف والفقر والجهل. وقد ننجح كثيراً ونفشل أحياناً نتيجة لوجود أوجه قصور بأحد قصور الثقافة مثل موافقات الحماية المدنية وعمل صيانة كاملة لها ولكن لدينا قدرة علي تصحيح أخطائنا بالإعتراف بها أولاً والعمل علي حلها. ويؤكد أن هناك مقومات ضد الإصلاح لكل أوجه مؤسسات الدولة ولكن إرادة الإصلاح بدأت تسري في عروق دماء المصريين كما أننا نحارب الإرهاب بالقري والنجوع فلسنا غافلين من إنها بؤر ملتهبة تفرخ العديد من المتطرفين حيث أننا نصل للقري والنجوع والساحات العامة والأندية بعمل فرق شعبية وأمسيات شعرية كل هذه الأنشطة لمواجهة الفكر الظلامي حيث إنه لا يواجه إلا بالفكر وهذا دورنا لذا أقمنا عروضا ثقافية بجنوب الوادي والمحافظات النائية. ندوات ومؤتمرات ويوضح مصدر مسئول بقصر ثقافة روض الفرج أن الهيئة تعمل علي مواجهة التطرف والإرهاب بشكل مستمر خاصة عند وقوع أعمال إرهابية بعقد ندوات مستمرة لتوعية الشباب والأطفال ويتم عمل ورش بجميع الأنشطة المختلفة خاصة وأن الهيئة تعمل بشكل فعال لمواجهة قضية التطرف والإرهاب والأفكار الظلامية. من خلال كل الأنشطة التثقفية التي ترفع الوعي لدي المواطنين خاصة الشباب والأطفال ولرفع الذوق العام والحس الفني لهم. ويضيف أنه يتم إقامة ندوات تنمي المشاعر وتزيد من المواطنة والانتماء للوطن والاعتزاز به علاوة علي تنظيم المسابقات الأدبية والفنية لاكتشاف المواهب الشابة في المدارس التابعة للقصر لتنميتها ورفع وعيها. فضلا عن زرع حب الوطن فيها من الصغر. من أجل القضاء علي الأفكار الظلامية. وعدم السماح لها بتشويه تلك العقول الصغيرة من براعم مصر خاصة وان الأنشطة تحرص علي خلق الشخصية المصرية القادرة علي تحمل المسئولية ومواجهة الجهل والظلام.. لذا لقب القصر بقصر ثقافة العاصمة نظراً للمجهود الواضح في تنمية ونشر الوعي الثقافي لدي جموع المواطنين بالمنطقة خاصة طلاب المدارس. آفة مجتمعية أما الشاعر الدكتور مصطفي عبد المنعم محاضر مركزي بوزارة الثقافة يري أنه يجب مواجهة قضية التطرف بتضافر جهود كل مؤسسات الدولة فهو آفة المجتمع المصري وعلي الحكومة أيضاً دور بالقضاء علي البطالة لأنها المدخل لتكوين إرهابي والتواصل والإحتكاك المباشر مع الشباب وإستقطابهم بأفكار تحي المواطنة وتحياء الانتماء للوطن باكتشاف مواهبهم ومهاراتهم. فلا ترتقي أمة إلا بثقافة شبابها. علي أن يكون ذلك باستمرار وليس في وقت معين وعلي قصور الثقافة القيام بذلك. ويوضح عبدالمنعم أن جهود الهيئة ملموسة ولكن تحتاج لانتعاش والتركيز علي مواجهة الفكر المتطرف وأن يكون ضمن برامجها وأولوياتها وذلك بعمل مهرجانات مخصصة لهذا الغرض لإفراز المواهب علي مستوي الجامعات والأندية والتجمعات الشبابية بجميع المحافظات والقري والنجوع بمشاركة جميع الوزارات وليس أسبوعا فقط.. مثل أسبوع شباب الجامعات. نشر التراث د.صالح عطية مطر أستاذ البلاغة والنقد الأدبي جامعة قناة السويس يشير إلي الجهود الواضحة لهيئة قصور الثقافة فهي ساعدت علي نشر الكتب بأرخص الأسعار بنشر الوعي الثقافي وإعادة نشر التراث بشكل كبير وأيضاً إصدار مجلة الثقافة الجديدة التي تخاطب جميع المستويات الثقافية باحتضان الشباب بنشر العلم والتراث السليم والوسطية الإسلامية الصحيحة ولكن الأمر يحتاج لعقد مزيد من الندوات لنشر الفكر الثقافي بشكل مألوف وندوات كثيرة في شتي المجالات. ويستكمل مطر حديثه قائلاً ان في عدم الإقبال من المواطنين لحضور الندوات والأمسيات وكل أنشطة قصور الثقافة وهذا دور وسائل الإعلام ونحتاج لتوعية بالنجوع والقري لأنها الأخطر . وهيئة قصور الثقافة قادرة علي نشر الثقافة العامة ولكن الموارد تحد من انتشارها وهي ثورة تنويرية لإضاءة عقول الشباب ومحو الظلام ودعمها ضرورة أمنية لمكافحة التطرف ومواجهة الإرهاب.