لأول مرة.. توافق أسبانيا علي تدريس الدين الإسلامي في مدارسها بعد زيادة عدد الطلاب المسلمين بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية.. 25 سنة مرت علي أول اتفاقية بين أسبانيا والمنظمات الإسلامية فيها كانت ترصيدا لهذه الخطوة التي قررت أسبانيا تطبيقها بعد أن وصلت نسبة الطلاب المسلمين إلي 6% وأصبح تدريس الدين الإسلامي للطلاب المسلمين أمراً إلزامياً بحكم القانون الأسباني. غير أن هذه الخطوة تواجهها عقبات خطيرة أهمها هو هذه المناهج ذاتها التي تعتبر الخطوة الأولي لتعريف الأوروبيين بشكل علمي سليم علي الدين الإسلامي بشكله الوسطي المعتدل الصحيح. والأزهر هو المؤسسة الدينية الوحيدة التي تستطيع وضع هذه المناهج بتلك الصفات.. ليس تحيزاً ولا إنكاراً للجامعات الإسلامية في العالم ولكن لأنه الحاضن الحقيقي لكل الآراء الفقهية بجميع مذاهبها.. ومنبع دراسة العقيدة والتوحيد والفلسفة الإسلامية بكل توجهاتها.. والحافظ للغة العربية بكل تخصصاتها من نحو وبلاغة وأدب.. وأي توجه آخر سيؤدي إلي مشاكل خطيرة وتشدد ديني إلي الحنيفية السمحاء للدين الإسلامي. ولكن الأزهر ليس له تواجد حقيقي لدي الجهات الإسلامية في هذه الدول.. ووزارة التعليم هناك تتفاوض مع منظمات معظمها آسيوية عرفت الإسلام من بعض المدارس الدينية السلفية وهي مدارس لا تعرف الأحكام الفقهية الصحيحة في معظم القضايا ولا تعرف كيفية التطبيق المناسب لهذه الأحكام والتي تختلف باختلاف الأعراف والتقاليد والأمكنة والأزمنة وهي أحكام تتسع لها منظومة الفقه الإسلامي بآرائه واجتهاداته المتعددة ومصدرها القرآن والسنة. لذا كان توجه "الجمهورية" إلي الأزهر لمعرفة مدي استعداده لمثل هذه الخطوة وكيفية الاشتراك في وضع هذه المناهج وهي اللبنة الأولي لكل المناهج الإسلامية في مدارس أوروبا وكيفية إقناع الأوروبيين بضرورة التفاوض مع الأزهر قبل المنظمات الإسلامية الضاربة بجذورها هناك أو علي الأقل مساعدتها في التعريف بالأحكام الصحيحة. سنتبني القضية الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر الأسبق ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب يقول إن هذا الخبر مهم جداً وأتمني أن يكون صحيحا وسوف تتبناه اللجنة الدينية بمجلس النواب وأطالب الأزهر والأوقاف بالتواصل مع هذه الجهات لتدبير أساتذة متخصصين في العلوم الشرعية المختلفة فقهية وعقائدية ولغوية. ولابد من تدخل الأزهر لإنجاز هذه المناهج لأن المؤسسة الدينية الإسلامية الأولي في العالم.. ولابد أن نبين أن الدين الإسلامي يتفق مع كافة الشرائع السماوية في أمور كثيرة أهمها النواحي الأخلاقية ليعرف الأوروبيون أن الإسلام ليس غريباً عنهم. أضاف أن هذا الخبر يأتي في وقت غاية في الخطورة.. حيث تكثر العمليات الإرهابية في أنحاء العالم والتي ينسبونها زورا إلي الإسلام. وبعضهم شباب أوروبي يدين بالإسلام. قال إننا في اللجنة الدينية بمجلس النواب ستكون لنا وقفة مهمة مع مثل هذا التوجه بمجرد اطلاعنا من الجهات المعنية علي خطة هذه المناهج وعلي الشروط الخاصة بها.. ولابد من التنسيق بين المؤسسات الدينية في مصر وعلي رأسها الأزهر الشريف للتواصل مع السلطات في أسبانيا والجهات المهتمة بالتعليم هناك وعلي رأسها وزارة التعليم لإبداء النصح والمشورة والتحقق من أن هذه المناهج الإسلامية تتفق مع صحيح الدين. الأزهر وأوروبا الدكتور حامد أبوطالب أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو لجنة الحوار الديني بالأزهر يقول إن هذا الأمر يأتي في وقت غاية في الخطورة حيث تتكاثر التيارات الإلحادية في أنحاء العالم وامتد تأثيرها للدول الإسلامية.. وحيث ينتشر الإرهاب المسلح بشكل ملحوظ في أوروبا والعالم الإسلامي ثم يتم إلصاقه بالإسلام زورا.. فقد حان الوقد لتعرف أوروبا الدين الإسلامي علي حقيقته وأتمني أن تكون أسبانيا هي القاطرة الأولي التي تسير وراءها كل دول أوروبا في هذا الاتجاه. أضاف ان الأزهر عقد عدة اتفاقيات مع فرنسا وألمانيا لإرسال أئمة وخطباء إلي هناك لينتشروا في المراكز الإسلامية بدلاً من بعض المنظمات المتشددة التي تسيئ للإسلام أكثر مما تنفعه.. وأعتقد أن خططا وضعت في هذا الأمر ويجري التنفيذ. ذكر أن أسبانيا لم تعقد اتفاقيات مع الأزهر في هذا الخصوص ولكن سوف يسري عليها ما يجري مع بقية دول الاتحاد الأوروبي. والأزهر له علاقات جيدة مع معظم هذه الدول. قال إنني أعتقد أن مناهج الإسلام في أوروبا فرصة هائلة للأزهر الشريف تحدث لأول مرة وسوف تحقق هدفين.. الأول هو التواصل مع الأقليات الإسلامية هناك عن طريق مصر وهو التدريس لجميع الطلاب المسلمين من كافة الأعمار.. وهؤلاء معظمهم معلوماتهم خاطئة خاصة في النواحي الفقهية الخاصة بالعيادات والمعاملات.. كما أنه يحقق هدفاً آخر وهو التواصل مع الجهات الأوروبية في ناحية من أهم النواحي وهي التعليم.. وهذه فرصة حقيقية لتطلع المؤسسات التعليمية في أسبانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخري علي المناهج الشرعية الصحيحة سواء الفقهية أو العقائدية. اللغة العربية أشار إلي أن الكوادر المتخصصة في اللغة الأسبانية موجودة في الأزهر ومستعدة لإجراء الحوار مع الجهات المختصة في أسبانيا لوضع هذه المناهج.. وأعتقد أن المؤسسات التعليمية هناك سوف تفاجأ بشمولية الإسلام لكافة نواحي الحياة وبإعطائه حلولاً معتبرة لكافة المشاكل التي تعاني منها الإنسانية.. كما أن ضمن هذه المناهج أيضاً يمكن تعليم الطلاب المسلمين اللغة العربية من المتخصصين في الأزهر الشريف. ذكر أن علاقة الأزهر بالاتحاد الأوروبي متميزة ومعظم هذه الدول يريدون التواصل مع الأزهر كما أن جولات شيخ الأزهر في بعض هذه الدول أعطت انطباعاً خاصاً ومتميزا لعلماء الأزهر حيث طرح قضايا عديدة وتحدث عن الإرهاب بشكل موضوعي وبين الأسباب الحقيقية له وشرح بعض المسائل التي يهتم بها الأوروبيون ورأي الإسلام فيها مثل حقوق المرأة والطلاق والزواج في الإسلام وغيرها.. وأعتقد أن كل هذه الجولات جعلت الأوروبيين يرغبون بشكل أكثر في الانفتاح علي الأزهر ورأوا أنه يمثل الديانة الإسلامية في أبهي صورها بعيداً عن التشدد والغلو والتطرف الذي لا يعرفه الإسلام خاصة بعد ظهور التطرف في الشباب الأوروبي المسلم. ذكر أن بعض المنظمات التي تصف نفسها بالإسلام في هذه الدول يسيئون للدين بخطاب همجي بعيد عن الإسلام الوسطي الصحيح وتخاطب كل الأوروبيين كأنهم أعداء وهي لغة أعطت انطباعاً سيئاً للإسلام وللشعوب الإسلامية كما لشيخ الأزهر الدور الأكبر في محو هذا الانطباع بندواته وجولاته وحديثه للأوروبيين عن الإسلام الصحيح. ذكر أنه لابد من التواصل عن طريق الجهات المختصة أولاً ثم يتم التنسيق مع الأزهر لتزويد المؤسسات التعليمية في أسبانيا بالمناهج والمدرسين. ولكن هذا يحتاج أيضاً لدراسة المجتمع الأسباني دراسة سيكولوجية واجتماعية ومعرفة معظم المشاكل التي يعانيها الناس هناك لتزويد هذه البلاد بالحلول الإسلامية الواقعية عن طريق هذه المناهج التي لو طبقت بشكل صحيح لخلقت كوادر إسلامية تخدم مجتمعاتها وتكون قدوة صالحة للإسلام في كل أوروبا. 60 جامعة الدكتور أحمد زارع وكيل كلية الإعلام بالأزهر يقول إن الأزهر يقيم علاقات مع 60 جامعة في العالم وهي علاقات ثقافية وعلمية.. فنحن متواجدون فعلاً ولكن ليس علي المستوي التعليمي التمهيدي أو الإلزامي.. غير أن الأزهر مستعد لهذه الخطوة بمجرد طلب الأسبان ذلك. وهي خطوة جيدة ستساعد الأقليات الإسلامية في أوروبا بمعرفة دينها من قبل المتخصصين في كل مجال.. كما أنها ستقوم بتعريف شباب هذه الأقليات بالأزهر الشريف وأهميته بالنسبة للعالم الإسلامي. وأعتقد أن أواخر القرن الماضي شهد وضع بعض مناهج الدراسات الإسلامية في جامعات ألمانية عن طريق الأزهر. ذكر أن فضيلة الإمام الأكبر قال إن خدمات الأزهر لا تخص المسلمين فقط بل تخص البشرية كلها باعتباره جامعة عالمية يتقبل كل الآراء ويناقشها ويدعو إلي الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة دون أن يجبر أحداً علي اعتناقه لأن هذا في الأساس لا علاقة له بالدين. قال إننا سنتواصل إعلامياً مع كل ما يخص هذه القضية التي يمكن أن تجري فيها مناقشات مستفيضة باعتبار كلية إعلام الأزهر مسئولة عن وضع منهج إعلامي يناسب هذه المرحلة.