لا يهدف اتفاق المصالحة الذي تم التوصل اليه الاسبوع الماضي بين حركتي فتح وحماس برعاية مصرية فقط الي تخفيف الصدع الذي دام عشر سنوات بين الطرفين بل عمل ايضا علي إحياء آمال آلاف الفلسطينيين وتطلعهم الي حياة افضل داخل قطاع غزة. ولهذا يبدو اتفاق المصالحة وكأنه شريان الحياة بالنسبة لمليوني فلسطيني يسكنون القطاع حيث هرع المئات إلي الشوارع حاملين أعلاما فلسطينية ومصرية علي أنغام الأغاني الوطنية ورددوا هتافات تعبر عن الوحدة. الاتفاق هو مجرد خطوة مبكرة في عملية أطول يمكن أن تضع حدا للانقسام داخل غزة والذي زاد من البؤس والمعاناة بالنسبة إلي سكان القطاع الذين يحتاجون إلي وظائف ومساعدات في جميع مجالات الحياة. وفقا للاتفاق. تتسلم السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة الذي كان خاضعا لسلطة حركة حماس بحلول الأول من ديسمبر كحد أقصي وقال مسئولو فتح ان الجانبين اتفقا علي ان السلطة الفلسطينية ستتولي المسئولية عن معابر غزة الحدودية بداية شهر نوفمبر المقبل مما يسهل حركة نقل البضائع والاشخاص. وبموجب الاتفاق أيضا يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإلغاء كافة الإجراءات العقابية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد قطاع غزة والتي تضمنت خفض رواتب الموظفين وخفض إمدادات الكهرباء للقطاع الذي يعاني بالفعل من نقص في الطاقة بسبب الحصار الإسرائيلي. يذكر انه منذ ان سيطرت حماس علي قطاع غزة فرضت اسرائيل ضوابط مقيدة علي الحركة والتجارة زاعمة انها تفعل ذلك بسبب المخاوف والتهديدات الامنية. وازدادت المعاناة منذ عدة اشهر حين طلبت السلطة الفلسطينية من اسرائيل خفض امدادات الكهرباء الي غزة وطالبت حماس بدفع حصتها من التكلفة تاركين سكان غزة في معاناة حقيقية حيث كانت تصلهم الكهرباء ساعات قليلة فقط في اليوم .. كما خفضت الرواتب التي تدفعها للموظفين الحكوميين بالاضافة الي توقف إمدادات الأدوية. وجاء الاتفاق كطوق نجاة لسكان الاقليم حيث حدد مهلة تمتد الي شهر فبراير المقبل ليتم دمج الموظفين الذين ينتمون الي السلطة الفلسطينية في غزة مع موظفي الادارة في حماس البالغ عددهم نحو 45 ألف مدني وعسكري . ونص الاتفاق علي ان يتم تشكيل لجنة لدمج آلاف من رجال الأمن الفلسطينيين مع قوات الشرطة في حماس بما يضمن وحدة الاجهزة الامنية والشرطية وتبعيتها لوزارة الداخلية ولتفادي أي فراغ أمني. يقول باسل إلينا صاحب مطعم في غزة - حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية - ان لديه امل كبير رغم فشل جميع جهود التفاوض السابقة واضاف ان الشهر الماضي هو اسوأ ما مر به من حيث الوضع الانساني حيث أُجبر علي دفع 8 آلاف دولار شهريا لوقود المولدات لضمان استمرار أعماله وان ذلك يعد انجازا من اجل الحفاظ علي توظيف 36 شخصا. وذكرت شبكة اخبار بي بي سي البريطانية علي لسان إحدي المدرسات في غزة تدعي أمل انها تريد أن تري حرية الحركة داخل وخارج غزة - إلي الضفة الغربية ومصر وإسرائيل لأغراض طبية وللتعليم واضافت أمل "مثل هذه الخطوات ستجعلنا نشعر بأن المصالحة جدية بالفعل". لهذا يمكننا ان نشهد تحسنا في الحالة الإنسانية في غزة اذا نُفذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية بطريقة صحيحة وفعالة وبدون أي تراجع من الاطراف الموقعة علي الاتفاق.