بعد عشر سنوات من الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس نجحت الجهود المصرية المكثفة في رأب الصدع بينهما والتوصل إلي اتفاق نهائي للمصالحة, وأنهت بذلك عقدا كاملا من الخلافات الحادة التي دفع ثمنها الشعب الفلسطيني وحده في كل من الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة. الطرفان ناقشا كل بنود المصالحة بالتفصيل واتفقا علي تنفيذها مع تحديد مهلة شهرين لحل الملفات الشائكة العالقة بين الحركتين, والتي تشكل تحديا حقيقيا يتوقف علي تجاوزها نجاح المصالحة من عدمه. وبموجب الاتفاق تتسلم السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة الخاضع حاليا لسلطة حماس أول ديسمبر المقبل علي أقصي تقدير, وتبدأ في ممارسة سلطاتها الكاملة مجددا علي القطاع, مع نشر ثلاثة آلاف عنصر من الشرطة الفلسطينية التابعة للسلطة في غزة وعلي الحدود المشتركة مع مصر ودولة الاحتلال. كما تتولي السلطة الفلسطينية الإشراف علي المعابر بين القطاع وإسرائيل بحلول الأول من نوفمبر المقبل, بينما قد يستغرق تسليم معبر رفح وقتا أطول. ولأول مرة منذ عشر سنوات سيقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس( أبو مازن) خلال الأسابيع القليلة المقبلة بزيارة غزة. اتفاق المصالحة شمل قضية عشرات آلاف الموظفين المدنيين الذين وظفتهم حركة حماس في غزة خلال السنوات العشر الأخيرة, وتم الاتفاق علي حلها بحلول فبراير المقبل, حيث من المقرر أن يتقاضي الموظفون50% من رواتبهم من السلطة أو ما يعادل ما تدفعه حماس لهم الآن لحين التحقق من مؤهلاتهم المهنية. ومن المقرر أيضا إلغاء كافة الإجراءات العقابية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد قطاع غزة, ودفع ثمن المحروقات الخاصة بالكهرباء. وتناقش الحركتان( فتح وحماس) الموعد المحتمل للانتخابات الرئاسية والتشريعية وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية المسئولة عن مساعي السلام مع إسرائيل والمتعثرة منذ فترة طويلة. أما التحديات التي يواجهها الاتفاق والتي سيتعين علي السلطة الفلسطينية إيجاد حلول مناسبة ومقبولة لها في أقرب وقت ممكن لضمان نجاح المصالحة فتتمثل في معاناة أكثر من مليوني فلسطيني هم سكان القطاع جراء الحصار الإسرائيلي الخانق برا وبحرا وجوا, إضافة إلي البطالة وندرة الكهرباء والماء, والوضع الاقتصادي الصعب المترتب علي الحصار الطويل.وتبقي مسألة السيطرة علي الأمن في القطاع من أكثر القضايا إلحاحا وحساسية, في ضوء وجود جناح عسكري لحركة حماس يضم آلاف المقاتلين, وما إذا كانت الحركة ستقبل تسليم أسلحتها للسلطة الوطنية, وهي أكثر النقاط الشائكة إثارة للجدل, خاصة مع تصريحات متكررة لمسئولين كبار في حماس أكدوا فيها أن هذا الأمر ليس مطروحا للنقاش, بينما حذر أبو مازن من أنه لن يقبل ولن يستنسخ تجربة حزب الله في لبنان.