** لا تتوقف العدالة الاجتماعية عند البرامج الحمائية لمحدودي الدخل. ورفع المعاش. وزيادة أعداد الأسر المستفيدة من برامج "تكافل وكرامة" و"الضمان".. ولا حتي رفع الإعفاء الضريبي لأصحاب الدخول المتدنية. أو زيادة المقررات التموينية.. الأهم من كل ذلك أن يشعر المواطن بالمساواة. وأنه يحصل علي فرصة متساوية مع باقي المواطنين. سواء في العلاج أو في التعليم. أو الإسكان.. والأهم عندما يتقدم إلي وظيفة فلا تقل "حظوظه" في الحصول عليها عن أي متقدم آخر.. وأن تكون المفاضلة للأفضل فعلاً. ولمن يستوفي الشروط ويفيد العمل. علينا أن نعترف أن الوظائف أصبحت نادرة في القطاع الحكومي. حيث تكتظ الوزارات والهيئات والشركات بالعاملين الذين يفوق عددهم المطلوب لأداء الوظيفة.. وبالتالي لم يعد أمام الباحثين عن عمل سوي الدخول في منافسة شديدة.. وللأسف تكون الأفضلية لأهل "الحظوة" وللأقارب ولأبناء العاملين. فالكل أصبح يسعي "للتوريث" في ظل "الشُّح الوظيفي". ولم يعد هناك من يتذكر أن ثورة يناير كان "التوريث" أهم أسبابها.. فلماذا العتاب علي الرئيس السابق حسني مبارك؟!! نعم.. كل موظف أو موظفة يسعي لتعيين ابنه أو ابنته معه.. ولو كانت مؤهلاته لا تناسب طبيعة العمل.. ويعتمد علي أنه خدم الوزارة أو الشركة أو المؤسسة لأكثر من 30 عاماً ومن حقه أن يعين "الوريث" فتلك أقل مكافأة.. وهو لا يدري أنه يخل بأهم مبادئ الدستور وهو: "تكافؤ الفرص بين الشباب" خاصة في ظل معدل بطالة يصل إلي حوالي 13%!! .. وإذا كان أي باحث عن عمل قد فقد الأمل في الوظيفة "الميري" التي تحولت إلي الحلم المستحيل. لأنه في الغالب لا يحصل عليها سوي من كان له "ظهر". فلم يعد أمامه سوي القطاع الخاص بشركاته ومصانعه ومؤسساته.. وفي هذه الحالة يصطدم بأن الأفضلية لخريجي الجامعات الأجنبية والخاصة. وأن فرصته ضئيلة. حتي لو كان متفوقاً. وتخرج في الجامعة الحكومية بامتياز. ولكنه لا يستطيع أن يجاري الآخرين في اللغات التي يتحدثون بها بطلاقة.. وربما في المظهر و"الشياكة". فغالباً من يتخرج في الجامعات الأجنبية هم أبناء الأثرياء. وكبار المسئولين وبالطبع دائماً لهم الأولوية في الشركات والبنوك الخاصة.. فأين العدالة الاجتماعية؟!! لا يتبقي أمام خريج الجامعة الحكومية سوي القبول بأي عمل حتي لو كان في غير تخصصه. أو يسعي لافتتاح مشروع صغير. فيصطدم بالروتين والعقبات رغم كل التصريحات الوردية التي تتحدث عن مساعدة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر. صحيح أنه توجد وظائف في مصانع خاصة. لكنها تحتاج إلي تدريب وإعادة تأهيل.. كما أن المشروعات القومية الكبري استوعبت أكثر من 3 ملايين عامل.. ولكن المشكلة مازالت قائمة في ظل وجود ملايين من العاطلين يتزايدون كل عام. وينضم إليهم جيوش من خريجي المدارس الفنية والجامعات الحكومية والمتسربين من التعليم.. وهؤلاء لابد من البحث لهم عن حلول.. قد يكون الاهتمام بالاستثمار المحلي والأجنبي أهمها.. ولكن حتي يتم افتتاح مشروعات استثمارية تكون المشكلة قد تفاقمت.. وتكون العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص قد تحولت إلي مجرد شعارات جوفاء تزيد من إحباط الشباب. لماذا لا يتم استحداث جهاز للتوظيف يقوم بتجميع كافة الوظائف المتاحة سواء في الحكومة أو القطاع الخاص؟!.. ولا يتم التعيين إلا من خلاله. وتكون له فروعه في كل المحافظات. ويُلحَق به مراكز تدريب وإعادة تأهيل تضمن توفير كافة المهارات والاختصاصات المطلوبة. ويتم فيه تسجيل كافة المواطنين الطالبين للوظائف. وتُعْطَي الأولوية للخريج الأقدم والأعلي تقديراً. والأصلح والأكفأ للوظيفة بعد تلقيه التدريب الذي يؤهله لشغلها. دون النظر لاسمه ولا لعائلته. ولا لقرابته للمسئولين. وبشرط أن يتوافر فيه حُسن الخُلق والسمعة.. وقد يضمن ذلك بعضاً من العدالة. حتي يتم إصلاح التعليم. ويصبح خريج الحكومة في مستوي نظيره من الجامعات الأجنبية. كما كان في الماضي.. وحتي يتم إصلاح النفوس وينتهي الفساد والرشوة والمحسوبية من المجتمع.. ولا يسعي كل موظف لتوريث وظيفته لابنه. أو يحجز المسئول الكبير الوظيفة لابنه في البنك الاستشاري أو الشركة متعددة الجنسيات أو الهيئات الدولية حتي قبل أن يتخرج في الجامعة!! في ظل نُدرَة الوظائف الحكومية.. وسوق عمل خاص يحتاج إلي مهارات فنية لا تتوافر في طالبي العمل.. وحتي تتحقق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الشباب في الفرص.. فالأمر يحتاج لإنشاء جهاز أو مؤسسة أو هيئة. مُلحَق بها مراكز تدريب وتأهيل تكون بمثابة "بنك للوظائف" في كافة المدن بالمحافظات.. وتكون الوحيدة المسئولة عن التشغيل.. فإذا لم تستوعب كافة العاطلين علي الأقل سيعرف كل منهم دوره. وسيكون هناك رضاء بدلاً من اليأس والإحباط!! بعد رحيل فاروق .. لا استغناء عن جيل الأساتذة!! ** بقدر الحزن الشديد من أبناء "الجمهورية" علي فقد الزميل العزيز الأستاذ "فاروق عبدالعزيز" مدير التحرير. رئيس قسم الأخبار. عميد محرري الطاقة بمصر.. بقدر ما كان الفراغ الذي تركه في دولاب العمل بعد وداعه. سبباً في تغيير العديد من الشباب لرأيهم في التخلي عن كبار السن من الصحفيين. وعدم الاستعانة بهم.. فقد عرفوا قيمة الرجل "رحمه الله".. وأيقنوا أنه لا استغناء عن أصحاب الخبرة. أصاب الكثيرين من الشباب بعد ثورة يناير نوع من العقوق الذي يحزن. ليس في الصحافة وحدها. ولكن في كل المجالات.. حيث اعتقدوا أن كبار السن يأخذون مكانهم ويقضون علي فرصهم. ويقفون عقبة أمام تقدمهم.. والحمد لله أن الأمور هدأت.. وأن وداع "الحاج فاروق" كان سبباً في إعادة رشدهم. تفخر "الجمهورية" بوجود كوكبة من الأساتذة الذين يعتبرون "العمود الفقري" ورمانة الميزان.. بل ونجوم الشباك الذين تجتذب مقالاتهم القراء بما لديهم من وعي وخبرة وحب للوطن ووقوف بجانب الحق والدفاع عن مصالح الشعب والحفاظ علي وحدة الأمة.. هؤلاء أعطوا للجريدة رصانتها. ونقلوا إلي الأجيال الشابة قواعد العمل الصحفي وأساسياته.. وسقوهم من أفكارهم ما يجعل "الجمهورية" تظل صحيفة الشعب وثوراته. وتعبر عن آلامه وآماله وطموحاته. كان جيل الأساتذة بمثابة "الأسطوات" الذين ينقلون أصول المهنة وتقاليدها للأشبال الصاعدة أو "الصبيان".. ولا ننكر أننا تعلمنا منهم الكثير.. وكان أبناء جيلي بمثابة "بلية" أمام هؤلاء "الصنايعية" في مهنة البحث عن المتاعب. حافظ الأساتذة علي استمرار مدرسة "الجمهورية" بما أخذوه من أساتذتهم.. ونقلوه إلي تلاميذهم. ومن الغبن ألا نتذكرهم إلا عندما نودعهم.. أو نتحمس لهم عندما تنفلت أخلاق البعض. ليتطاولوا علي قيمتهم وقدرهم.. اصحوا.. لن نتحدث عن بعضهم فهم كثر.. نتعلم منهم وندعو لهم بطول العمر والعطاء. يوجد من هؤلاء الأساتذة من نتعلم منهم عن بُعْد.. حيث لم تسعفهم أوقاتهم أو صحتهم علي الحضور يومياً.. ولكنهم يقدمون خبرتهم وتجاربهم من خلال الكتابة.. أو حينما نتصل بأحدهم لأخذ المشورة منه. أو مدنا بفكرة أبواب جديدة أو موضوعات صحفية. ومن هؤلاء الأستاذ "محمد العزبي" جوهرة تاج "الجمهورية" والأستاذ "عبدالرحمن فهمي" فارس الكلمة النبيل. الذي يعلمنا الإخلاص والأدب. والأستاذ "محمد فودة" الكاتب المتجدد دائماً. والأستاذ "محفوظ الأنصاري" "برنس الصحافة". والأستاذ "عبدالعال الباقوري" الكاتب والمؤرخ. وحامي حمي القومية العربية.. والأستاذة "زينات إبراهيم" التي تعطينا الأمل بما تكتبه. ونشعر أن الغد سيكون أفضل.. والأستاذ "سيد البابلي" أحد أهم كتاب العمود في الصحافة العربية.. والأستاذ "حسن الرشيدي" صاحب الأسلوب البسيط السهل الممتع. الذي يصل إلي قلوب كل فئات الشعب. والأستاذ "رياض سيف النصر" خبير التنمية المحلية وصديق المحافظين. والأستاذ "علي هاشم" المتألق دائماً بكتاباته المتميزة التي تتناول هموم المواطنين. .. وهناك من يسعدوننا بكتاباتهم وبحضورهم بيننا كل يوم.. بل إنهم يداومون من الصباح الباكر ويأتون إلي العمل قبل الشباب.. وعلي رأسهم الأستاذ "محمد أبوالحديد". فهو مازال يمارس العمل الصحفي كالهواة. ويحرر صفحة أسبوعية من أولها لآخرها. ويكسب قارئاً جديداً كل خميس. ويجلس في الركن الهادئ. مع أنه كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة.. ومثله الأستاذ "ناجي قمحة" الذي كان يحرص علي كتابة الافتتاحية التي تعبر عن رأي الجريدة.. ولا يمكن أن تتخيل الجريدة بدون الدكتور "أحمد المنزلاوي" "جبرتي الجمهورية". ومعلوماته الغزيرة. والأساتذة "محمد عمارة" رجل النقابات الأول.. و"ليلي حلمي" خبيرة التأمينات والمعاشات. و"آمال حسن" صاحبة باب "عيد ميلاد سعيد" ومن لا يحب الكابتن محمود معروف من الأهلاوية قبل الزملكاوية.. وكذلك الكابتن "جمال هليل" صاحب البصمات في عالم "الكورة والملاعب".. أما "صالح إبراهيم" فلا غني عنه في الديسك المركزي. وليت الشباب يتعلمون من إخلاصه والتزامه.. و"عبدالوهاب اليرقاني" الذي يتابع الوكالات. وينبه مدير التحرير حتي لا يفوته أي خبر.. و"كمال عبدالجابر" الذي يقدم الفتاوي القانونية للقراء.. و"زياد السحار" أمين صفحات الرأي. الذي يتحمل عبء تجهيزها للنشر.. و"عادل غيث" دينامو قسم الحوادث. لابد أن ننحني احتراماً للأستاذة "ناهد المنشاوي" فهي ثروة تعتز أي صحيفة بوجودها. لأنها من القلائل الخبراء في عالم الأسرة والسكان ولها مساهمات دولية. والمسئولة عن الصفحة المتميزة التي تنفرد بها "الجمهورية" عن السكان وأحوالهم. وكيفية علاج الانفجار السكاني.. والأستاذ "صلاح عطية" أفضل محرر سياحة وطيران في الشرق الأوسط. وعميدهم.. والأستاذ "فكري كمون" المحرر الفني صاحب العلاقات القوية بكبار الممثلين والمخرجين والمنتجين. ويتصل بهم في أي وقت لتميزه بالصدق والأمانة. وكذلك الأستاذة "ليلي حسني" التي تقدم منذ سنوات فوازير رمضان بالراديو والتليفزيون والناقد الكبير "حسن سعد" و"محمد صلاح".. كل هؤلاء فوق الستين. فهل يمكن الاستغناء عنهم يا شباب؟!! هناك أيضاً من لهم بصمات واضحة. لكنهم لا يتحدثون. يكتسبون احترام الجميع مع أن حقهم مهضوم. فالأستاذ "أحمد البرديسي" لا يعرف قيمته سوي من يتابع الكتب التي يقوم بعرضها كل يوم خميس. مع أنه رئيس تحرير سابق للبروجريه. إلا أنه لا يستنكف أن يقوم بعمل الأخبار الخارجية. ويترجم الإنجليزية والفرنسية.. ومثله في المهارة والتميز الأستاذ "مصطفي غزال" الذي يمكن أن يوضع مع العمالقة.. وله تجربة قد تكون فريدة في هذه الأيام. حيث إنه افتتح "مدرسة" تضم عدداً من الشباب ينقل إليهم خبرته كواحد من أفضل وأمهر من يقوم بالتحرير والصياغة "الديسك مان" في الصحافة العربية. حتي إنهم كانوا يتخاطفونه في الخليج. خاصة الإمارات. ثم بعد عودته في المجلات الاجتماعية بمصر.. فهو قادر بمفرده علي تحرير صحيفة أو مجلة كاملة وبموضوعات وعناوين شيقة تجذب القراء.. ووجوده مع "البرديسي" كصمام أمان. يعطينا الاطمئنان علي العدد الأسبوعي.. وهناك الأساتذة "مني نشأت" و"بثينة عبدالحميد" و"ماهر عباس" و"محمد الشرقاوي" و"عبدالوهاب عدس" و"مدبولي عتمان" و"صلاح حامد" و"سوزان زكي" و"عصمت حامد" و"نجوي البسيوني" و"سميرة صادق" و"ثناء البطل" و"السيد نعيم" و"هدي مراد" و"مصطفي عمارة".. وكل منهم قادر علي إصدار صحيفة بمفرده. هؤلاء الأساتذة وغيرهم. ثروة حقيقية تفخر بهم "الجمهورية" وتتباهي بهم علي غيرها.. فهؤلاء كبار الكتاب عندنا.. فمن ينافسنا؟!! لا يمكن الاستغناء عن الكبار ولا خبرتهم.. وتعتز الجريدة بجيل الوسط.. أما الشباب فهم المستقبل.