علي الرغم من أن فبراير أقصر شهور السنة. إلا أننا نستثقل أيامه بل ويسميه البعض "فقراير" لما يمر بهم فيه من ضائقة مالية. وقد لاحظت أنه من أكثر من الشهور التي تتوفي فيه الشخصيات العامة. ففي اليوم الثالث منه عام 1975 توفيت كوكب الشرق أم كلثوم التي لم ينسها عشاقها في مصر والوطن العربي. وتحيي ذكراها وسائل الاعلام وتتحدث عنها في برامج خاصة. كما تذيع لها الاذاعة الكثير من أغنياتها وأحد أفلامها السينمائية الستة التي مثلتها. ومن الفنانين الذين رحلوا عنا في فبراير 2016 "المعلق الرياضي محمود بكر- قاريء القرآن راغب مصطفي علوش - بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة- الكاتب المؤرخ الصحفي محمد حسنين هيكل- الروائي الأديب علاء الديب- قاريء القرآن أحمد محمد عامر- سمير محمد مأمون السباح المصري" وفي 11 فبراير المنصرم توفي الدكتور الفنان فاروق الرشيدي ثم في اليوم العشرين منه توفي الفنان صلاح رشوان. أما الشاعر الغنائي الكبير حسين السيد الذي توفي في 27 فبراير 1983 فقد حلت ذكري رحيله يوم الاثنين الماضي. ولأنه أسعد الملايين بكلمات أغنياته في جميع ألوان الغناء. فإن إذاعة الأغاني خصصت خريطة اليوم لأغنياته في فترات الصباح والظهيرة والفقرة المخصصة لعبد الوهاب - وبعده ساعة ونصف حتي الثالثة عصرا مع أشعاره لليلي مراد - عبد الحليم حافظ- محمد رشدي- وردة - نجاح سلام- عبد العزيز محمود- سعد عبد الوهاب وغيرهم. وكانت السهرة عنه في برنامج "ساعة مع فنان". كما خصصت إذاعة البرنامج العام أيضا الخريطة الغنائية طوال اليوم لكلماته التي شدا بها كبار المطربين والمطربات وفي مقدمتهم الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كانت بداية شهرة حسين السيد معه من خلال أغنية "إجري إجري" في فيلم يوم سعيد حينما تقدم للمخرج محمد كريم وعبد الوهاب ليشترك في الفيلم كممثل. ولكن حاجة الفيلم لأغنية خاصة بأحد المشاهد قدمته لهم كشاعر. واستمع لنصيحة موسيقار الأجيال بالتخلي عن التمثيل والتفرغ لكتابة الأغاني. ولكنه أشبع هوايته كممثل في فيلم "رسالة من امرأة مجهولة" مع لبني عبد العزيز. ومع الفنانة شويكار في الدويتو الشعري التليفزيوني "إنتي مسافرة" الذي قالت ابنته "حامدة" إنه كتبه لوالدتها التي سافرت في منحة لمدة عامين بعد عقد قرانه عليها لتحصل علي الدكتوراه. وقد احتفلت إذاعة صوت العرب بالشاعر الراحل في برنامج "أبي وأنا وسنوات الهنا" الذي قدمه أحمد مبدي واستضاف ابنته الدكتورة "حامدة" أستاذ التحاليل بمعهد تيودور بلهارس للحديث عن حسين السيد الأب. فقالت إنه كان يتمني أن تكون أول أبنائه أنثي ولما ولدت بعد شقيقي حسام وحاكم. كنت الابنة المدللة والأقرب له حتي أنه كتب لي أغنيات "حبيبة أمها - أمورتي الحلوة - أكلك منين يابطة" وقد صححت حامدة حقيقة موطن ولادته في مصر بمدينة طنطا وليس في اسطنبول بتركيا. وأن والدته التركية عاشت مع والده المصري التاجر في هذه المدينة كما روت القصة الحقيقية لكتابته أغنية عبد الوهاب "لأمش أنا اللي أبكي" التي كنا نعتقد كونها تعبيرا عن مشاعر طلاق عبد الوهاب لزوجته الأولي. وقد تفوق حسين في اللغة العربية في مدرسة الفرير وحصل علي البكالوريا. لكنه لم يكمل دراسته بالجامعة لوفاة والده وهو في الثامنة عشر وتوليه تجارة أبيه لرعاية والدته وشقيقتيه. وقد ورثت حامدة موهبة الشعر الغنائي عن والدها حتي أن مقدمة البرنامج الغنائية الذي استضافها كتبت أشعارها. كما ألقت قصيدة سطرتها لوالدها جمعت فيها بعض من اسماء أغنياته مع مشاعر الوحشة والشوق له. فكانت أجمل ختام لسنوات الهنا التي عاشتها في كنفه وهي طفلة وشابة وأم والعلاقة الأبوية الحانية التي جمعتهما معا.