اليوم 20 فبراير سنوية أستاذي وأستاذ الأجيال المرحوم عبدالمنعم الصاوي أحد أعلام الصحافة المصرية خلال أوج توهج الصحافة المصرية.. شغل كل المناصب الصحفية والإعلامية والثقافية الكبري.. كان وزيراً للثقافة ثم وزيراً للإعلام.. بل هو الذي أنشأ وزارة الثقافة من العدم عندما كان الذراع الأيمن لثروت عكاشة وتولي نقابة الصحفيين فترتين ورئيساً لمجلس إدارة دار التحرير ورئيساً لتحرير الجمهورية ثم أخيراً.. كتب اسمه في الخالدين حينما قرر إنشاء أول وكالة أنباء مصرية في التاريخ.. استولت عليها الحكومة وأصبح اسمها "وكالة أنباء الشرق الأوسط" حتي اليوم. لعلني كنت أقرب تلميذ وصديق شخصي لعبدالمنعم الصاوي خاصة خلال أسوأ فترة مرت بحياتي حينما انتهت "كورسات الجامعة الأمريكية الصحفية" في نفس الوقت الذي تم فيه مصادرة جريدة "المصري" التي تملكها أسرتي!! خاصة وأسرتي تهاجم النظام في الخارج فكان مستحيلاً أن أعمل بالصحافة.. ولكن الصاوي كان مصراً أن أعمل بالصحافة!! وهذه قصة طويلة أخري!! *** أعود إلي أستاذي عبدالمنعم الصاوي الذي كان أول وأبرز عمل له حادث عادي ولكن تغطية الصاوي للحادث شيئاً غير عادي علي وجه الإطلاق.. أمير سعودي سهر في شارع الهرم حتي الرابعة صباحاً ثم أخذ الراقصة المشهورة في ذلك الوقت وانطلق بسيارته الضخمة.. وفي منتصف كوبري الجلاء ظن أن الكوبري انتهي فانحرف بنفس السرعة فحطم سور الكوبري وسقط في النيل فوق قاعدة الكوبري الحديدية فتحطمت السيارة ومن فيها.. الساعة الرابعة صباحاً ومع ذلك اصطحب الصاوي في بداية شبابه الصحفي اصطحب كارلو زخاري أكبر مصور صحفي في ذلك الوقت وظلا يجمعان المعلومات ويلتقط زخاري الصور.. حتي قرب الظهر ثاني يوم.. كتب الصاوي صفحتين كاملتين 16 عموداً صحفياً!! لا تستطيع أن تترك الصحيفة إلا مع آخر سطر.. أسلوب الصاوي ساحر يشدك شداً.. وهنا تمت ولادة صحفي رائع من نوع خاص.. وفي نفس الوقت سيناريست مبدع ناجح!!.. وبدأت شهرته.. خاصة أنه ابن إحدي القري الصغيرة في الغربية بالقرب من طنطا.. هو العصامي الذي فقد والديه في سن مبكرة جداً وهو الذي كان يهوي القراءة كل ليلة علي أي ضوء وهي التي شكلت عقله بحب كل الناس الذين حوله المحرومين من كل الحقوق البسيطة للغاية.. ضوء كهربائي وماء حنفية وصرف صحي بعيداً عن حفر في الأرض!! تولدت اشتراكية الإسلام لا شيوعية لينين.. طموحه ألحقه بمكاتب زمان التي تعلم اللغات في القاهرة وأصبح يجيد الانجليزية كأحد أبنائها.. وشيء لا بأس به من الفرنسية. في بداية حياته الصحفية أرسلت جريدة "المصري" إلي لندن مراسلاً لها بجوار مراسل صحفي انجليزي "هاري هوبز".. وكانت بطولة العالم في الاسكواش تقام في لندن كل عام.. ثم حدث شيء غريب.. بطل العالم عامين متتاليين عبدالفتاح عمرو باشا سفير مصر في لندن.. في العام الثالث انتزع منه البطولة شاب مصري مغمور اسمه محمود عبدالكريم يسمونه في نادي الجزيرة "بولي" يعني طفل مهمته جمع الكرات خلال المباريات وتنظيف المكان!!.. حاول السفير عمرو باشا المهزوم المستحيل لمنع نشر الخبر دون جدوي.. كان الصحفي الصغير عبدالمنعم الصاوي قد أرسل "للمصري" القصة كاملة بأسلوبه الساحر.. وقامت الدنيا ولم تقعد وتدخل الملك فاروق صديق عمرو باشا دون جدوي.. وزادت شهرة الصحفي عبدالمنعم الصاوي وإلي الغد.. فالقصص لا حد لها.