** لن تنهض أمة إلا بتلاحم شعبها. ولن تحدث تلك الملحمة إلا بتفعيل دولة القانون وتحقيق العدالة الناجزة. وفي مقاله الأسبوع الفائت. كتب عميد الكتَّاب المصريين أستاذنا محمد العزبي تحت عنوان: "خواطر إعلامية باردة وساخنة".. وفي الفترة التلغرافية بنهاية المقال توقف الأستاذ عند عبارتين للرئيس خلال حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية قائلا: من أفضل ما قال الرئيس "صمت المصريين يؤلمني.. لا كلامهم. وقوله أيضا: لا أحد علي رأسه ريشة" الأمر الذي يضع نواب الشعب وحملة الأقلام أمام مسئولياتهم في التصدي لأعداء هذه الأمة العظيمة - داخليا وخارجياً - فالرئيس يبعث برسائل غير مباشرة لأرباب القلم لمساندة البلاد في مواجهة من يتربصون بها وعندما يؤكد في عبارته التالية علي المساواة في تطبيق القانون فلا أحد فوق المساءلة فانه يحث مجلس النواب علي ممارسة مهامه وتفعيل قراراته ضد أصحاب النفوذ ورموز الفساد باعتباره صاحب الحق الأصيل في مراقبة أعمال كافة أجهزة الدولة وإذا كان رأي أصحاب الأقلام - استشارياً - إلا أنه لا غني عنه لكشف المسكوت عنه ووضع الحقائق أمام القيادة السياسية فواقع الحال أن الصحافة إذا ما التزمت بالموضوعية والنزاهة وتصدت للمحسوبية والفساد فسوف تكون بحق - سلطة رابعة - تدعم سلطات الدولة الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية. ** أقول ذلك تعقيباً علي المليارات الطائرة من وزارة المالية إلي البنك المركزي والمقدرة بنحو 32 ملياراً. علي إثر الأزمة الناشئة بين لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ووزارة المالية في أعقاب مناقشة الحساب الختامي للموازنة وعدم الاشارة إلي المبلغ المذكور ضمن إيرادات الموازنة لعام 2014-2015 والذي يمثل جزءاً من المنح التي حصلت عليها مصر من الدول العربية والأجنبية وفي بيانها الإنشائي الثلاثاء الفائت أكدت وزارة المالية عدم صحة ما جاء في بيان اللجنة البرلمانية ومن جانبها أكدت لجنة الخطة والموازنة أن وزارة المالية لم تتمكن من تفسير اختفاء هذا المبلغ حيث لم تظهر تلك المليارات في الحسابات المخصصة لسد عجز الموازنة كما ذكرت وزارة المالية من قبل وأما لماذا تحركت اللجنة البرلمانية الآن بعد مرور أكثر من عام علي مناقشة الميزانية..؟ فالسبب يكمن في "بيان عاجل" تقدم به النائب محمد أنور السادات لوزير المالية في أعقاب عقد مجلس النواب أولي جلساته يوم العاشر من يناير عام 2016 لإعادة عرض الموازنة التي رفض الرئيس اعتمادها في نوفمبر عام 2015 بناء علي أحد تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي أشار إلي اختفاء عشرات المليارات من موازنة الدولة وبحسب بيان اللجنة البرلمانية السابق علي بيان وزارة المالية أن اللجنة رصدت العديد من التجاوزات الأخري لوحدات الجهاز الإداري للدولة تصب جميعها في خانة إهدار المال العام. آخر الكلام : تفجرت أزمة المليارات الطائرة بين البرلمان ممثلا في لجنته المتخصصة "لجنة الخطة والموازنة" والحكومة ممثلة في وزارة المالية منذ حوالي شهرين عندما اكتشفت اللجنة البرلمانية عدم وجود سبعة عشر تقريراً من تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات ضمن التقرير الخاص بالحساب الختامي للموازنة بالمخالفة للائحة البرلمان الداخلية بضرورة وجود تلك التقارير مع الموازنة وخلاصة القول ان محاصرة الفساد في كافة أجهزة الدولة يبدو عملا شبه مستحيل ما لم تتم الاستعانة بتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات ودعونا نستشهد بمثالين أولهما التقرير المشترك بين الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات الذي رصد إهدار المال العام في أراضي الدولة بما قيمته أربعمائة وأربعون ملياراً وثانيهماً التصريح العلني لمسئول الضرائب بأن هناك ما قيمته ثلاثمائة وخمسين ملياراً تهرب ضريبي سنوياً لكبار المسئولين فقط وعندما يخرج علينا نائب وزير المالية بالأمس القريب لينفي ما جاء في بيان لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان - جملة وتفصيلا - موضحا عدم قانونية بيانها لأن الجهاز المركزي لم يشارك في مناقشة الملاحظات علي الحساب الختامي لموازنة عام 2014-2015 فالمؤكد أنه يستخف بعقول الشعب. لأنه يعلم تماماً أن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات مازال قيد المحاكمة..!