تغلغل سرطان الفساد في كل مفاصل الهيكل الإداري والخدمي للدولة وبلغت فاتورة الفساد بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية نحو 50 مليار جنيه سنويا وأكد خبراء الاقتصاد انتشار الفساد بهذا الشكل ارهق موارد الدولة وقلص الاستثمارات وافقد المستثمرين الأجانب الثقة في الاقتصاد كما أدي إلي تدني كفاءة الاستثمار العام واضعاف جودة البنية التحتية. كما يؤثر سلبا علي العدالة في توزيع الدخول لصالح الفئات الأكثر قوة علي حساب الفئات الفقيرة مطالبين بضرورة العمل علي مراجعة القوانين واللوائح التي تحارب الفساد وتدعيم الأجهزة الرقابية بكوادر بشرية مؤهلة لمكافحة الفساد وتفعيل مشاركة المجتمع المدني في الرقابة الشعبية لمواجهة الفساد. يري الدكتور منير الجنزوري مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن الاقتصاد المصري دفع ثمن الفساد المتفشي في جميع قطاعات الدولة والتي تطورت آلياته لدرجة من التقنية والتنظيم ليصبح اقوي من أجهزة المكافحة والرقابة عليه مطالبا بضرورة محاربة الفساد والقضاء عليه لتحقيق التنمية المستدامة مشيرا إلي أن رغم الأرقام الكبيرة التي تصدرها الجهات المختصة عن حجم الفساد في مصر وتأثيره علي الاقتصاد المصري إلا أن تكلفته الحقيقية ليست مادية وإنما تكلفة ثقة. ويضيف الجنزوري انه لا توجد ثقة من قبل المستثمرين في الاقتصاد المصري.. وأن 100% من تكلفة الاستثمار تهدر في الفساد الأمر الذي يؤثر علي اقبال المستثمرين المصريين والعرب والأجانب حيث إنه هناك فساد داخل أجهزة مكافحة الفساد لعدم تفعيل القوانين موضحا أن اقوي أنواع الفساد منتشر بالمحليات بالإضافة إلي صدور قرارات وقوانين اقتصادية خلال العشرين عاما الماضية لخدمة فئة معينة ضالة هي الفئة التي كانت مسيطرة علي مقاليد الحكم والحياة السياسية والاقتصادية في ذلك الوقت مشيراً إلي أن الأموال التي حصلت عليها هذه الفئة الضالة بالفساد كان من الممكن الاستفادة منها في ايجاد مشروعات جديدة تخلق فرص عمل جديدة مطالبا بتغيير وتعديل تشريعي لتغليظ عقوبة الفساد لتصبح اعدام ومصادرة كل اموال كل شخص يثبت عليه الفساد بحكم قضائي وتفعيل قانون من أين لك هذا؟ علي الا تستغرق مدة محاكمة الفاسدين 6 شهور وذلك لأن التشريعات الحالية تشجع الفاسدين وتعاقب المبلغين. يتفق معه في الرأي الدكتور محيي عبدالسلام خبير التمويل والاستثمار ويضيف أن الفساد داخل مؤسسات الدولة يؤثر علي عوامل التنمية الاقتصادية ويؤدي إلي تدني كفاءة الاستثمار العام واضعاف جودة البنية التحتية كما يؤثر سلبا علي العدالة في توزيع الدخول لصالح الفئات الأكثر قوة علي حساب الفئات الفقيرة لذلك لابد من ضرورة وجود إجراءات لمواجهة هذا الفساد مشيرا إلي أنه رغم وجود العدد من الهيئات والجهات الرقابية في مصر إلا أنه لا يوجد تحديد واضح لاختصاصاتها وبالتالي لابد من ضرورة العمل علي مراجعة القوانين واللوائح التي تحارب الفساد وتقوية الأدوار الرقابية وإعداد كوادر بشرية هائلة لمكافحة الفساد وتفعيل مشاركة المجتمع المدني في تكوين رقابة شعبية قادرة علي مواجهة الفساد. ويري حسن البنا وزير مفوض تجاري سابق أن الحكومة ليست لديها خطة واضحة لمكافحة الفساد في جميع مؤسسات الدولة.. وأن أهم الأسباب الرئيسية لانتشار الفساد خلال العشرين عاما الماضية هو وجود مجموعة من التشريعات التي تم سنها يترتب عليها تقنين نظام الفساد أو مزاولته وبمقتضاها يحصل المستثمرون ورجال الأعمال دون وجه حق علي حقوق المواطن العادي وترتب عليها ضعف الأجهزة الرقابية وعدم استقلاليتها أو استقلالية رؤسائها بصفة خاصة بالإضافة لتغول السلطة التنفيذية علي كل من السلطة التشريعية والقضائية وضعف كل منهم وغياب السلطة التشريعية عن الساحة ما ترتب عليه عدم وجود رقابة متبادلة بين السلطات الثلاثة وبالتالي استحواذ السلطة التنفيذية علي مفاصل الدولة وغياب الرقابة واستفحال الفساد مشيراً إلي أن فاتورة الفساد حرمت المواطن المصري مع ربع الموازنة العامة للدولة كنتيجة أولي للفساد المتفشي في الفترة الماضية المتمثلة في اهدار المال العام والاختلاسات والاهمال في القطاع الحكومي من خلال الجهاز الإداري العام للدولة وشركات القطاع العام والأعمال والهيئات العامة الاقتصادية والخدمات. ويضيف البنا أن القضاء علي الفساد يحتاج إلي الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مع ضرورة وجود رقابة متبادلة بين السلطات الثلاثة لتدعيم الديمقراطية التي يتم من خلالها استبعاد سيطرة الأجهزة التنفيذية علي الرقابة وكذلك استقلالية الأجهزة الرقابية للدولة ودعم دورها لمكافحة الفساد والا يكون كل سلطة في جزيرة منعزلة عن الاخري مع ضرورة تقنين حرية الافصاح والشفافية وتداول المعلومات بالإضافة إلي حرية تداول التقارير الرقابية ونشرها بوسائل الإعلام وعلي الرأي العام ووجود دور فعال لجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني وتفاعلها مع المواطن من جهة ومع الأجهزة الرقابية من جهة أخري لاكساب محاربة الفساد حقها الرئيسي بالمجتمع الآن كما يجب توعية المواطن المصري عبر وسائل الإعلام المختلفة أن الفساد يترتب عليه حرمانه من ربع موازنة الدولة وبالتالي يكون المواطن هو خير رادع للفساد..