أرسل لي صديق رسالة علي الإيميل تتحدث عن الأمانة والضمير وهما شبه غائبين في بلادي مفادها ان شخصا عربيا اعتاد ان يشتري سلعة معينة من محل عادي في بلاد الغرب وفجأة وجد منها نوعين وقالت له البائعة هذا بسعر وذاك بسعر آخر فقال لها ولكنهما نفس الصنف فقالت له هذا بالسعر القديم والآخر بالجديد فبأي سعر تريد؟ فبادرها قائلا: أهو نفس الصنف وبنفس الجودة قالت له هو.. هو.. فاستغرب قائلا لها لو كنت مكانك لخلطت الاثنين وبعتهما بالسعر الجديد كي استفيد فما كان منها إلا ان نهرته وغضبت منه ورفضت البيع له رغم اعتذاره واستفسرت منه ما إذا كان مسلما أم لا.. فقال لها أنا مسلم فردت بامتعاض للأسف تعلمنا من دينكم الأمانة وذكرته بحديث النبي "ص" "من غشنا فليس منا". أقول ذلك بمناسبة صدور القرار الجمهوري بإنشاء هيئة سلامة الغذاء بعدما فاض الكيل وتعبت أكباد وقلوب المصريين ولم تعد المعدة تهضم الزلط كما هو شائع نتيجة تناول الطعام الفاسد في المطاعم بما فيها الشهيرة وحتي الفنادق سبع نجوم وسألت صديقي هل ستنجح تلك الهيئة المزعومة في القضاء علي تلك الظاهرة التي انتشرت في كافة ربوع المحروسة أما ستضاف إلي سابقاتها من القوانين علي الرف؟ فبادرني بقوله بالطبع لا؟ فنحن في دولة تعشق القوانين والهيئات واللجان المنبثقة عن لجان وهكذا فقلت له فعلا.. البلد الذي تكثر فيه القوانين يكثر فيه الفساد طالما تلك القوانين لم تفعل أو يتم تطبيقها بالطريقة الصحيحة والدليل ان المرتش أو اللص يسرق وهو يعلم "ديتها كام سنة سجنا ويطلع" ليخرج لسانه للجميع بعدما فاز "بالنهصيبة" حيث سيعمل مشروعا أو يضعها في البنوك لتدر عليه فوائد يقتات منها وأولاده ومن بعده ليعيش كالملوك كما ان غالبية هذا الصنف من الناس في بلادي يغسلون أموالهم المسروقة في أعمال البر والتقوي وموائد الرحمن أو يطهرها بالزكاة أو بزيارة بيت الله الحرام وهو يعلم تماما انه بيضحك علي نفسه وليس علي الله. قلت لصديقي هل زرت دولا غير مصر قال بالطبع.. قلت له هل لاحظت عند دخولك أي سوبر ماركت أو مول كبير وجود سلات بها بضائع مكتوب عليها غير صالحة؟ قال نعم لاحظت ذلك فعاودت بسؤال آخر.. هل وجدت ذلك في مصر؟ ضحك وقال لم ولن يحدث. فقلت له عندك حق لأن عندنا يقومون بعمل تخفيضات بها تغري الزبوت الذي ينقض عليها توفيرا للنفقات وهذا لاحظته في مولات شهيرة ورفضت ألا نخدع بها ففيها السم القاتل فقال بالفعل ولكن "ملعون أبوالفقر" قلت له ألم تعلم مصدر البضائع الموجودة في السلات التي تشاهدها بالخارج؟ قال لا.. قلت له ان هناك جهات رقابية تأتي لتأخذها وتعدمها بعد التأكد من سلامة كافة السلع فقال لي أما عندنا فقد يذهب بها المسئول إلي الأسواق ليبيعها لحسابه فضحكت قائلا ممكن فكل شيء في بلادي شبه "غلط" والغالبية "شمال" وليس "بيمين" وربنا يجعلنا من أهل اليمين وربنا يهدي الجميع فالهداية في صالح العباد والبلد فقال لي ساخرا.. صراحة ما نحن فيه نستحقه لأننا "وحشين" و"شمال" فلا الرقيب يراقب ولا المفتش يقوم بواجبه والحكومة "نايمة في العسل" و"سيبانا ناكل في بعض وكل واحد منا حاطط ايده في جيب الآخر" فقلت له عندك حق.. نتساهل ولكن أين دور الدولة وانه لابد من تشديد الرقابة بالفعل وليس بالكلام؟ وعموما نحن في انتظار تفعيل قانون سلامة الغذاء لأن أعداد المرضي بمئات الآلاف والأمراض الخبيثة انتشرت بيننا والضحايا باتوا بالآلاف وذنبهم في رقبة الحكومة التي اكتفت بإنشاء الهيئات واللجان والقوانين المفسرة للقوانين وفي النهاية شوية ضمير مننا ومن التجار ومن الحكومة المركب ستسير. ..وأخيرا: * أتمني ألا تغلق الصيدليات أبوابها أمام المرضي من بعد غد الأحد. * رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس النواب يعترف بأن زداء الحكومة ضعيف وبعدين! * وهناك طلبات احاطة كثيرة حول قوائم الانتظار للماضي في المستشفيات الحكومية.. طبعا من الأغذية الفاسدة. * أخيرا هيئة المفوضين أنصفت أصحاب المعاشات.. المهم التنفيذ! * قانون جديد لمواجهة بلطجية السياس في الشوارع.. نكتة! * تقرير شركاء من أجل الشفافية يؤكد ان التموين الأكثر فسادا.. طبيعي!! * برافو وزير قطاع الأعمال يسرح 37 مستشارا بشركة واحدة.. يعني ان الوزارة بها المئات!! ويعني ايضا ان الحكومة التي انكرت كثرة المستشارين بها بالآلاف "فيه فساد أكثر من كده"! * هيئة الرقابة الادارية.. حامية البلاد من لصوص الدولة.. ألف شكر.. نريد المزيد. * ترامب يغازل مصر تماما مثلما فعل أوباما بداية عهده.. هل يستمر؟ أشك!