أخشي ألا يستقبل الناس بترحاب ومصداقية ما سوف يسفر عنه اجتماع اليوم لمجلس المحافظين برئاسة المهندس شريف إسماعيل. خاصة ما تم الإعلان عنه من أن هذا الاجتماع بوصفه الأول لمجلس المحافظين في العام الجديد. فإنه سوف يشهد "محاسبة" ولنضع مليون خط تحت كلمة "محاسبة".. من رئيس الوزراء للسادة المحافظين واستعراض "إنجازاتهم".. وتحتها مليون خط آخر. .. الناس في بلادنا لم تعد تصدق أن رئيس الوزراء الحالي يرغب في استخدام أدوات الحسم والضبط وأسس المراجعة الصحيحة عند تقييم أداء المحافظين.. فإن كل محافظ أصبح يمتلك أدواتاً "دعائية" تستطيع أن تجعل من "إنجازاته" عنواناً لنهضة عالمية أممية لا يمكن لموسوعة "جينز" أن تستوعبها.. فيما يري الناس علي الأرض غياباً كاملاً لعدد من المحافظين.. وغياباً نسبياً لآخرين.. وقلة. هم مَن ملأوا مقعد المحافظ بما يستحق من حركة ويقظة وفهم ووعي. وصدق وأداء. .. أهمس في أذن رئيس الوزراء فأقول له "وفر" وقتك ووقت مجلس المحافظين.. و"بلاش" حكاية "المحاسبة" دي.. ويا ريت توجه طاقتك لحركة جديدة شاملة تضخ بها دماء جديدة. وليتهم يأتون من المؤسسة العسكرية.. وتعالج بها أخطاء ما سبق من "حركات". .. وأرجو أن تكون لدي رئاسة الوزراء أداة قياس دقيق وشفاف للرأي العام. تنطق بما في صدور الناس. * الرأي العام في المحافظات والمراكز والمدن والقري والكفور والنجوع. يعاني إحباطات يلصقها بالدولة وكل قياداتها فيما المسئول الأول عن 90 في المائة من هذه الإحباطات يتعلق بأداء المحافظين. ورؤساء القطاعات. والمدن. والقري.. وبالتالي فإن الحديث عما يسمي "إنجازات" يكون في غير موضعه. .. يا سيادة رئيس الوزراء: لا تسأل المحافظين.. فإن كلاً منهم سيحمل إليك ما تنوء بحمله الجبال من إنجازات. لكن واقع حال الناس يؤكد أن التلاحم الحقيقي مع الجماهير. لا يزال حلماً.. وأن مشروعات الصرف الصحي بعضها لا يزال معطلاً. ومضي علي موعد تسليمه سنوات. ولا تزال بطون القري مفتوحة.. وأن مياه الشرب لا تزال في حاجة إلي إحلال وتجديد المحطات القديمة. وسرعة دق آبار ارتوازية للقري غير المستفيدة بمجري النيل. أما محاربة الفساد. فإنها عند بعض المحافظين تعني الانتقام أو الانتقاص من سابقيهم. وملاحقتهم أو ملاحقة مَن كانوا يعملون معهم.. أما الحديث عن الفقراء ومحدودي الدخل. فإن الإجابة في سجلات صناديق الخدمات وتوزيعاتها. ومدي الصلاح أو الفساد في هذه الإنفاقات. وما هو ظاهر القول للتبرير؟!.. وما هي الحقيقة فيما يتم إنفاقه.. ولِمَن؟!.. أما تحسين أحوال المواطنين. فحدِّث ولا حرج.. وأما الرقابة علي الأسواق وضبط الأسعار. فلم يعد لها إلا الله.. ثم رجال الرقابة الإدارية.. أما باقي الأجهزة الرقابية.. سعراً.. وجودة.. وصحة.. فإن المواطن لا يشعر أبداً بتواجدها. بدليل هذا الارتفاع الفلكي لكل الأسعار.. والأدهي أن السلعة الواحدة بنفس الجودة والمصدر والمنشأ. صار لها أكثر من سعر. باختلاف التاجر!! .. لا تسألهم سيادة رئيس الوزراء عن "الإنجازات".. ولكن اسألهم عما يستطيعون رفعه من معاناة. هم في معظمهم أحد أهم أسبابها.