لست معنياً بتفاصيل ما حدث.. وصدق الروايات أو كذبها.. ومن هو صاحب الحق ومن هو علي باطل.. لكن الحقيقة الثابتة عندي أننا جميعا مصريون لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات.. ونخضع لسلطة القانون.. لا فرق في ذلك بين مسلم ومسيحي أو طبيب ومهندس أو صحفي ومحام.. فالكل أمام القانون سواء. توقفت كثيراً أمام قضيتين شهدتهما الساحة المصرية خلال هذا الأسبوع.. لكننا دائما نصوب خارج الشباك ولا نحرز أهدافاً.. ونميل إلي الخروج عن النص رغم أننا نطالب بذلك كل يوم.. نطالب أن تكون مصر دولة السيادة فيها للقانون وحده دون غيره وليس علي أساس ديني أو عرقي أو قبائلي أو وظيفي أو مهني. استفزتني طريقة وأسلوب التعامل مع وفاة المواطن المصري مجدي مكين في قسم الأميرية.. وأكرر هنا.. لست معنياً بتفاصيل ما حدث.. وكيف توفي مكين وما هي ظروف وملابسات هذه الواقعة؟.. وهل مات بشكل طبيعي أم بأسلوب آخر؟.. ولكنني أتوقف أمام احتشاد الأشقاء المسلمين من أبناء مصر الأوفياء خلف هذه القضية.. وحديث المستشار نجيب جبرائيل وأتمني أن يظهر للدفاع عن أي مواطن بغض النظر عن ديانته.. وأيضا وجود الكنيسة في المشهد رغم ان مكين مواطن مصري من الدرجة الأولي يخضع لقوانين الدولة المصرية ولا تعامله الدولة علي أساس ديني فمصريته محل فخر لأسرته ولنا جميعا. هل نناقض أنفسنا ونصر علي نفس التعاطي مع مشاكلنا وأزماتنا.. فنحن الذين نطالب يومياً بدولة القانون السيادة فيها للقانون وحده.. ونحن الذين نردد دائماً الدين لله والوطن للجميع. لكننا سرعان ما ننسي ما نقوله ونطالب به.. فالأصل في قضية وفاة "مكين" والحكم هو القانون النيابة والمحاكم "القضاء" وهو المنوط وحده بالفصل في حقيقة ما حدث وما جري. ليس مطلوباً من المواطن المصري المسلم عندما يتعرض لحادثة أو أزمة أن يطالب بتدخل الأزهر أو المؤسسات الإسلامية.. وعلي نفس الطريقة لا يجب أن يتخندق الأشقاء المسيحيون في معسكر واحد وعلي مستوي مصر ويناشدون الكنيسة التدخل في القضية وإعادة الحق للمواطن المسيحي.. الأصل في الموضوع ان المسلم والمسيحي مواطنان مصريان يخضعان لنفس القانون الذي يحكم الدولة ولا مجال أو حساسية في هذا الأمر علي الإطلاق. مصر هي ملك المواطن المصري سواء المسيحي أو المسلم ولا يجب أن ننقاد إلي دعوات الفتنة والنفخ في النار فالأقباط مواطنون مصريون من الدرجة الأولي ولم ولن يكونوا أقلية يشاركون أشقاءهم المسلمين بناء الوطن علي الحلوة والمرة فلا يمكن ان ننسي ما قاله قداسة البابا شنودة رحمه الله ان مصر وطن يعيش فينا.. وليس وطنا نعيش فيه.. ومازالت كلمات قداسة البابا تواضروس متعه الله بالصحة ترن في أذني عندما قال وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن.. وإذا أردنا ان نصلي فلنصل في مساجد إخوتنا المسلمين.. هذا النبل والوطنية والتجرد لا يمكن أن يشوهها أحداث فردية. عقب ثورة 30 يونيو العظيمة وعقب فض اعتصام رابعة الإرهابي تعرض الإخوة المسيحيون لحرق وتدمير أكثر من 50 كنيسة في مختلف أنحاء مصر ورغم ذلك تحملوا عن حب ووطنية وتقدير للظرف الذي يواجه هذا البلد وما يخطط له فكان ذلك كل تقدير واحترام جميع المصريين الشرفاء. لا يمكن ان نقبل ان يتعرض أي مواطن مسلم أو مسيحي لظلم.. وأيضا لا يجب أن نفسح الطريق أمام الفتنة التي يحاول أعداء مصر تصديرها لنا.. لقد فشلت كل المؤامرات والمخططات التي تلعب علي وتر الفتنة الطائفية بفضل وعي ووطنية المسيحيين قبل المسلمين فمصر لها خصوصية فريدة بين الدول في علاقة أقباطها ومسلميها وهو نموذج يحتذي به بين دول العالم فهذا محمد ومينا يدافعان عن الوطن ضد الإرهاب الأسود في سيناء.. وجرجس وأحمد يستشهدان في سبيل الله وان تبقي مصر وحدة واحدة لا تفقد حبة رمل واحدة.. وهذا ليس جديدا علينا فها هو البطل فؤاد عزيز غالي وكمال سدراك أبطال حرب أكتوبر إلي جانب أشقائهم من الأبطال المسلمين دافعوا عن أرض مصر وقاموا بتحريرها من العدو واستعادتها لحضن الوطن من جديد. لا يجب أن يتم "تديين" أي قضية يتعرض لها مسلم أو مسيحي ولابد ان يطالب المسلم قبل المسيحي بحق المواطن القبطي والجميع يجب أن يخضع لسلطة القانون فلا مجال لنعرات أو شعارات دينية.. فنحن أبناء وطن واحد ومصير واحد نحلم جميعا أن نري مصر في مقدمة الدول وان نرسم ملامح مستقبلها. حتي وان اخطأ فرد في حق مواطن "مسلم أو مسيحي" فهذا تصرف فردي لا يعبر عن مؤسسة وطنية.. وعلينا جميعا دون مزايدات انتظار التحقيقات والقانون هو سيد الموقف فنحن في دولة القانون ولا سبيل للقضاء علي الفتن ما ظهر منها وما بطن سوي القانون.. وعلينا ألا ننساق وراء الدعوات المشبوهة والشائعات والأكاذيب وندرك ان مصر تواجه تحديات وأخطاراً من كل صوب وحدب. أتمني أن نلغي من قاموسنا تديين الأزمات والمشاكل ونحيلها لسلطة القانون وحده ولا نكرر ظاهرة الاحتشاد والحشد علي أساس ديني أو طائفي وأن نقول هذا مسلم وهذا مسيحي الأفضل كلمة مصري. نقابة الصحفيين الأمر الثاني.. هو نقابة الصحفيين وما يجري بداخلها ومحاولات تحويل قضية جنائية إيواء مطلوبين للعدالة إلي قضية حرية رأي وتعبير.. فقد خسر الصحفيون الكثير أدبياً ومعنوياً ومادياً بسبب هذا المجلس "الحنجوري" ومزايداته وتفرغه الكامل لقضايا ليس للصحفيين علاقة بها من قريب أو بعيد.. وهنا اسأل المجلس الموقر ماذا فعلتم لأعضاء الجمعية العمومية؟ فأحوال الصحفيين أصبحت لا تسر عدواً أو حبيباً سواء الاجتماعية أو الاقتصادية وبدلاً من ان تبحثوا عن حلول لهذه المعاناة تفرغتم للدفاع وإيواء من ليس لهم علاقة بالنقابة من حملة المؤهلات المتوسطة. من الصعب ان تمنح مبتدئاً قيادة كيان عظيم ومهم في حجم نقابة الصحفيين.. فبعض أعضاء المجلس علاقتهم بالمهنة أقل ما توصف بأنها سطحية ولم تشهد أي إنجازات مهنية علي الإطلاق.. وهدفهم الوحيد هو إطلاق الدعوات الحنجورية وحب الزعامة.. والثورجية الذين ابتلينا بهم عقب ثورة 25 يناير. السؤال: ماذا حصد الصحفيون علي مدار ما يقرب من عامين؟.. بالطبع السراب والوهم و"الحنجوريات" والنضال الكرتوني ضد من؟.. ضد وطن يقاوم ظروفا قاسية وأعضاء جمعية عمومية ظروفهم تصعب علي الكافر. للأسف الشديد.. وصلت الأمور بالصحفيين إلي أصعب الأحوال ونال هذا المجلس بسياساته وتوجهاته وانحيازاته للأقلية من أصحاب الأجندات من رصيد الصحفيين الأدبي والمعنوي والمادي وفي اعتقادي ان السبب فيما وصلت إليه الأمور في النقابة هو غياب احترام القانون .لا أدري ما هي مصلحة نقابة الصحفيين في إيواء مطلوبين للعدالة؟.. وما هو السر في معاداة الدولة ونظامها وما سر شجاعة وحماس السيد خالد البلشي حامي حمي الحريات والديمقراطية الكرتونية للصدام مع الدولة؟.. فاذا كان لا يحتاج لمساعدات أو تحسين الحياة ولديه ثروة هائلة من الدولارات "الأخضر" واليورو والدرهم والريال والليرة فزملاؤه يحتاجون توفير سبل الحياة الكريمة لهم. لا أدري هل هذه قناعات السيد النقيب.. وهل مؤمن بما يفعل؟.. أم انها ضغوط بعض أعضاء المجلس أصحاب السطوة والجبروت؟ في اعتقادي ان نقابة الصحفيين تحتاج لحركة تطهير كاملة تقطع علاقتها بالأجندات السياسية.. فالنقابة ليست حزباً سياسياً أو مكتباً للارشاد.. وليست أيضا منظمة حقوقية مشبوهة بل هي كيان وطني عظيم له رصيد تاريخي يفتخر به جميع أعضائها الذين ليس لهم علاقة بما يحدث من مزايدات داخل جدران نقابتهم بعد أن فقدوا كل شيء وقامر بهم بعض أعضاء المجلس في رهان خاسر. علينا ان نتصرف.. ونعيد النقابة إلي أصحابها من أعضاء الجمعية العمومية.. ونطهرها من العناصر التي عليها عشرات علامات الاستفهام.. وأبرزها علاقات دولية بمؤسسات غريبة وشاذة.. واستعادة النقابة ليست بالسلبية ولكن بالمشاركة الفعالة.. فالانتخابات ليست ببعيدة.. وأثبتت التجربة وتمخضت عن نتائج بين أيدينا.. لابد للكبار وأصحاب العقل والكياسة والقامات ان يعودوا لقيادة العمل النقابي بشكل يحقق طموحات وتطلعات الصحفيين ويعيد لهم الاعتبار من جديد فهم ليسوا أقل وطنية من أحد ولا يمكن ان يستدرجوا لمعارك وهمية تطغي عليها المصالح الشخصية والأجندات السياسية والشعارات الحنجورية بلا عائد ولا طائل. ليس منطقياً أن نزيف الحقائق ونزعم ان قضية إيواء مطلوبين للعدالة هي قضية حرية رأي وتعبير أو انها رسالة إرهاب لكل صاحب رأي مستقل كما ادعت 17 منظمة مشبوهة تصفي حساباتها مع الدولة التي تستعد لإصدار قانون الجمعيات الذي يقضي علي كل مصادر التمويل المشبوهة.. السؤال الحقيقي الذي يجب أن نقدمه لأعضاء مجلس النقابة: ماذا فعلتم للصحفيين وأين البرامج التي تقدمتم بها عند الترشح؟.. وهل حافظتم علي القيمة الأدبية والمعنوية للأعضاء والمكانة الوطنية للنقابة؟.. وأين الكياسة والقدرة علي إدارة الأزمات بلا خسائر؟.. ولماذا تنحازون إلي فصائل سياسية بعينها؟.. وهل النقابة حزب أو منبر سياسي للاحتشاد مع أو ضد.. الصحفيون في حاجة إلي من يقدم لهم شيئا يوفر لهم الحياة المهنية والمعيشية الكريمة تساعدهم علي تلبية احتياجات أساسية وليسوا في حاجة إلي "حنجوريات" وبطولات كرتونية وصراخ وعويل هم في حاجة إلي تدريب وتأهيل.. في حاجة إلي المساهمة في حماية مصر من المؤامرات والمخططات بنشرهم للوعي وشرح ما يحدث لمصر ويستهدف أمنها واستقرارها وبقاءها ووجودها. القلة التي تقود دفة النقابة بالصوت العالي والشعارات المسيئة كشفت عن انتماءاتها وتأجيجها واشعالها للموقف ورغبتها المريضة في إبعاد النقابة العريقة عن أعضائها الحقيقيين.