من عوامل النجاح في الحياة تحدي المعوقات والصعوبات التي تواجه الانسان وتعترض سبيله في الوصول الي هدفه والتي يمكن أن تحبطه وترغمه علي التراجع عن تحقيقه. هذا التحدي الذي لو تواجد في طبيعة كل انسان لما عاش فقيرا يندب حظه وحاله المتردي. ولآمن بأن العمل هو فرصته الوحيدة التي تمكنه من أن يحسن حياته. ويستغني به عن مد يديه الي الناس حتي ولو كانوا والديه. وعلي شاشة التليفزيون شاهدت هذا الأسبوع نماذج مشرفة أنبأت عن أنه كما يوجد شباب يرفض أعمالا يري أنها تحط من قدره ولا تلائم تخصصه. فيجلس متكاسلا علي المقاهي يحتسي الشاي والقهوة ويلعب "الطاولة" أو يتصل بالانترنت بهاتفه المحمول ليتواصل مع أصحابه علي "الفيس بوك". فانه توجد نماذج تتحدي الظروف التي تعيش فيها وتعمل أعمالا تتطلب قوة جسدية. مثل الفتاة السكندرية "مني" التي ظهرت صورتها علي "تويتر" وهي تجر "موتوسيكل" مخصص للبضاعة التي تشتريها وتوزعها علي المحلات في المنطقة ما بين "الأنفوشي" وحتي العطارين. وهي مسافة كبيرة تتطلب قوة واصرارا علي مواصلة السير تجر الموتوسيكل بالبضاعة منذ الثامنة صباحا وحتي اذان العشاء. بينما في نفس صورتها كان يجلس شباب علي المقهي مشغولين إما باللعب أو بالهاتف. هذا الجمع في الصورة بين هذين النقيضين جعل المذيع اللامع "عمرو أديب" يكلف فريق اعداد برنامجه "كل يوم" للبحث عن هذه الفتاة حتي عثروا عليها. وتم الاتصال بها هاتفيا في حلقة يوم الاثنين الماضي لتحكي قصتها. فيتبرع لها تأثرا بكفاحها رجل أعمال بكل ما تحتاجه من بضائع. كما وعدها عمرو بشقة من الاسكان الاجتماعي. وتبرع لها رجل أعمال آخر بشهادة بنكية قيمتها مائة ألف جنيه لتحصل منها علي عائد شهري تدبر به شئون حياتها. ولم تكن هذه الفقرة "شو" اعلامي ولكنها قصة كفاح لنموذج ومثال يحيا بيننا يجب تشجيعه واتخاذه قدوة. نموذج آخر عهدته أنا بنفسي من الاسكندرية أيضا لفتاة حصلت علي الثانوية العامة هذا العام بتفوق ألحقها بكلية الطب البيطري. ووقفت درجة واحدة بينها وبين الالتحاق بكلية الصيدلة في جامعة عروس البحر. ولم تستطع أسرتها الحاقها بها في أي جامعة اقليمية أخري. وهي تعمل بائعة في محل قبل الالتحاق بالكلية وتواصل عملها فيه يومين اسبوعيا هما اجازتها من المحاضرات. ويبدو أن قوة بحر الاسكندرية خاصة في أيام الشتاء والنوات المشهورة هناك هي التي تمنح هؤلاء الفتيات القدرة علي تحدي كل صعوبات الحياة ولا يخجلون من أي عمل مهما كان متواضعا لأن العمل عبادة. أما ما يجب أن يخجل منه الشباب فهو التكاسل والجلوس علي المقاهي والاعتماد علي الأهل في دفع "المشاريب" وما يليها. أما أكبر نموذج للتحدي فهو المواطن الدمياطي "ابراهيم حمدتو" بطل افريقيا في تنس الطاولة الذي مثل مصر في البرازيل في أولمبياد المعاقين بيديه المقطوعتين نتيجة حادث وهو في سن العاشرة. ومازال يمسك بالمضرب بأسنانه منذ ستة وعشرين عاما. وقد عاش حياته متحديا الاعاقة ونجح في عمله "معاونا" باحدي المدارس. وفي حياته الأسرية أب لثلاثة أبناء هو قدوتهم في التفوق والتحدي. وزوجة أحبته ورفضت الاقتران بغيره. فكان تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي له بجائزة الابداع في المؤتمر الوطني الأول للشباب التي يفخر بها ووعده في المؤتمر بأن يحصل علي ميدالية في أولميباد عام "2020". وأعتقد أن حمدتو قادر علي الوفاء بوعده لأنه بالفعل أكبر نموذج للتحدي ليس لأنه بطل رياضي فقط. ولكن لأنه كان يعمل خطاطا وهو فاقد اليدين.