من بين القرارات التي أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسي في الجلسة الختامية لمؤتمر الشباب بشرم الشيخ أن تقوم الحكومة بعمل حوار مجتمعي لتطوير التعليم خلال شهر علي الأكثر يحضره جميع المتخصصين والخبراء لعمل ورقة عمل لاصلاح هذه المنظومة خارج المسارات التقليدية. وبما يتوافق مع التحديات والظروف الاقتصادية التي تواجه الدولة.. علي أن تعرض الورقة خلال المؤتمر الشهري المقرر عقده خلال ديسمبر القادم. هذا القرار يعتبر من أهم القرارات التي أصدرها الرئيس في ختام هذا المؤتمر وأقول إنه من أهم القرارات لأننا سبق أن طلبنا بأن تطوير التعليم ليست سياسة وزير بقدر ما هي سياسة دولة تريد أن تنهض بشبابها المتعلم ليكون عنصر بناء لمستقبل تسير فيه علي أسس سليمة. الرئيس حدد شرطاً لإصلاح المنظومة خارج المسارات التقليدية هو أن يتوافق هذا الإصلاح مع التحديات والظروف الاقتصادية التي تواجه الدولة.. بمعني أن الرئيس لا يريد أن تتحمل الدولة ماليا فوق طاقتها في هذه الظروف الاقتصادية الحرجة التي تواجهها. والدعوة التي أطلقها الرئيس لعمل حوار مجتمعي خلال شهر علي الأكثر بحيث يحضره جميع المتخصصين والخبراء لعمل ورقة الاصلاح تشير إلي أن مصر بها من العلماء الأكفاء والمتخصصين في تطوير التعليم والخبراء ما يمكنها أن تتغلب علي هذه المشكلة.. ولا مانع أن تستعين الدولة بعدد من الخبراء العالميين لطرح رؤيتهم في هذا المجال.. خاصة في المناهج الدراسية.. للاستفادة منها بما يتوافق مع ظروفنا وخصوصياتنا في التعليم.. خبراء من اليابان ومن ألمانيا ومن كندا مثلاً. ولا شك أن الحوار المجتمعي سوف يسفر عن آراء خلاقة تفيد الخبراء والمتخصصين في التوصيات التي ستعرض في مؤتمر الشباب بشهر ديسمبر القادم. إن المشكلة في مناهجنا الدراسية أنها تعتمد علي التلقين والحفظ.. ولا تستثير مواهب الطالب لكي يفكر ويبدع في إجابته.. وهذا التلقين والحفظ هو الذي شجع مراكز الدروس الخصوصية علي أن تستوحش في أعدادها بحيث أصبحت تعليماً موازياً للتعليم في مدارسنا الحكومية وحتي المدارس الخاصة.. وانعكس ذلك علي خريجي الجامعات فأصبح الطالب الجامعي يحفظ المادة ويصمها ليطرح ما حفظه في ورقة الإجابة دون أن يكون له أي دور في الابتكار والفهم. ومناهجنا أيضا بوضعها الحالي هي التي شجعت الطلبة والطالبات علي الغش في الامتحانات واستخدام التكنولوجيا الحديثة في تخصيص صفحات علي المواقع الإلكترونية تنشر الأسئلة بمجرد تسليمها للطلاب في اللجان. يجب أيضا أن يتم عمل دورات تدريبية لمديري المدارس بحيث تضبط حضور الطلاب وغيابهم الكترونياً.. لأننا الآن نشاهد طلاب الابتدائي والاعدادي والثانوي يزوغون من المدارس ليقفوا جماعات في الشارع يدخنون السجائر في منظر لا يليق بهم كطلاب ولا بمدارسهم ولا بأولياء أمورهم وأسرهم. كما يجب عمل دورات تدريبية للمدرسين في العطلات الصيفية لتعويدهم علي تدريس المناهج المطورة التي تعتمد علي تفكير الطالب ولا تعتمد علي حفظه وتلقينه. أما بالنسبة لبناء مدارس جديدة تستوعب الزيادة السكانية.. فالظروف التي تمر بها الدولة حالياً لا تسمح بذلك من الناحية المالية.. ويجب تشجيع رجال الأعمال بطريقة ما للمساهمة في بناء هذه المدارس كنوع من التكافل الاجتماعي. إن منظومة التعليم في مصر هي الأساس إذا تم تطويرها لنهضة هذا البلد من كبوته.. وهو كما قلنا مراراً وتكراراًَ ليست سياسة وزير بقدر ما هي سياسة دولة. والوزير في هذه الحالة عليه أن ينفذ متطلبات التطوير بكل أمانة وصدق.. وفي حالة فشله نقول: لقد سقط في الامتحان.