في عام 1800م أجري محمد علي أول تعداد في مصر حيث بلغ العدد 5.2 مليون نسمة وقد جري تنفيذ تعدادات لفترات متفرقة كان أبرزها عام 1850م كان عدد السكان 5.4 مليون نسمة وفي عام 1882م بلغ العدد 3.6 مليون نسمة ثم اتخذت مصر أسلوب التعدادات الدورية كل 10 سنوات من 1857م إلي 1947م ثم استؤنفت عام 1966م واستمر كذلك حتي الآن وخلال تفحصي للبيانات والتقارير التي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء "وهو من الأجهزة المصرية التي تلقي احتراماً محلياً ودولياً" صدمتني نسب وأرقام بالغة الخطورة لهذا المجال أبرزها أن عدد سكان مصر بحلول 2017م 6.94 مليون نسمة وسوف يصل إلي 6.118 مليون بحلول 2030م وأن عدد المواليد خلال النصف الأول من هذا العام قارب المليون وأن الكثافة السكانية التي نتفوق بها علي الصين حيث تبلغ هناك حوالي 900 في الكيلو المتر المربع بينما هي 2000 لنفس الوحدة في بلدنا الذي يبلغ إجمالي مساحته مليون كيلومتر مربع بينما يعيش 84% من السكان علي مساحة 7.7% من المساحة الكلية لمصر. وأن هناك قفزات في عدد السكان خلال التعدادات التي جرت منذ منتصف القرن الماضي وحتي أوائل القرن الحالي وتزداد الصدمة تأثيراً إذا قورنت معدلات الزيادة السكانية والتي بلغت 51.2% في المتوسط مع معدلات تواضعت بشدة منذ عام 2011. 2012. 2013 لم تتجاوز 2% وبدأت في الزيادة بنسب ضئيلة في الأعوام التالية.وإذا كان الاقتصاديون استقروا علي أن القضية السكانية لا تمثل مشكلة إذا ما كانت معدلات التنمية تماثل ثلاثة أضعاف معدلات الزيادة السكانية ولنا أن نتصور حجم الفجوة الاقتصادية وتوابعها علي مستوي المعيشة وتكاليف الحياة وأسعار السلع والخدمات وغيرها لابد أن يعلم الجميع أن ما نعيشه من أزمات متلاحقة يرجع إلي سبب رئيسي وهو ارتفاع معدلات الزيادة السكانية وانخفاض معدل التنمية وإذا كانت الدولة تجتهد قدر طاقتها في زيادة في تحقيق طفرات اقتصادية في المجالات المختلفة بهدف الارتقاء بمعدل التنمية إلا أن الزيادات المتتالية في عدد السكان تلتهم كل ما يتحقق تنموياً الحكومة تتقشف.. كيف ؟ بقلم:دكتور محمود وهيب السيد أعلن السيد رئيس مجلس الوزراء . بعد الاجتماع الأسبوعي للحكومة . التقشف وتخفيض نفقات الوزارات بنسبة عشرين بالمائة. وكذا تخفيض البعثات الدبلوماسية بالخارج للوزارات بنسبة خمسين بالمائة رئيس الوزراء رفع شعار لن نتقاعس أبدا ووجه الوزارات بتقديم جميع الخدمات للمواطنين مؤكدا ان الإجراءات التقشفية لن تؤثر أبدا علي أداء الحكومة في تقديم الخدمات. ولن تمس الأجور والرواتب والموازنة الاستثمارية. بالطبع نحن نعتبر أن هذا الإعلان خطوة جيدة علي طريق الحد من الإنفاق العام بإعتباره خطوة سليمة لتقليل عجز الموازنة العامة وخاصة بعد تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي صدر الأسبوع الماضي بمناسبة اليوم العالمي للفقر. والذي أظهرت أرقامه ارتفاع نسبة الفقر في مصر إلي 27.8% في عام 2015. بعد أن كانت 2.25% في عام 2011 وظهر فيه أيضا ارتفاع نسبة الفقر المدقع. لتصل إلي 3.5% من السكان خلال عام 2015. بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية. وهو أمر يثير القلق. إذ إن عام 2016 وحده شهد ارتفاعا في الأسعار. لم يحدث من قبل بهذا الاطراد السريع. مما يعني زيادة نسبة الفقراء المدقعين.ولكن يبقي لنا أن نتساءل عن أليه تطبيق هذا التقشف الوزاري؟ وما هي الوزارت التي سيشملها هذا القرار ومدي إرتباط تنفيذه بالأمن القومي بمفهوميه العام والخاص . وما هي البنود التي سيشملها هذا التخفيض؟ وهل سيؤثر هذا التقشف علي حجم ونوعية الخدمات التي تؤديها الوزارات المشمولة به للجمهور كالصحة أو الإسكان .. مثلا؟ وهل تم أخذ موافقة مجلس النواب علي هذا التخفيض قبل إقراره وبعد أن وافق هذا المجلس علي مشروع الموازنه العامة الذي قدم من الحكومة عن السنة المالية الحالية ووافق عليها بندا بندا؟ مشروع الموازنة العامة للدولة والذي تم اعتماده من قبل البرلمان ليس ملكا لمجلس الوزراء وحده يصرف منه ما يشاء ويحجب عن الصرف ما يشاء بل هو في الحقيقة ترجمه مالية للأهداف العامة من مشروعات تنموية وخدمات جماهيرية والتي يجب علي الحكومة تنفيذها خلال العام المالي القادم . لا يجوز له زيادتها أو تقليلها وبالتالي تنفيذ أو عدم تنفيذ بعض هذه الأهداف العامة او حتي زيادة المصروف في بند علي حساب بند آخر الإ بموافقة البرلمان وإلا عد ذلك تقصير منها في تنفيذ ما وعدت بتنفيذه أو إسرافا في تنفيذ إلتزامتها بلا مبرر وهو في النهاية مخالفه دستورية خطيرة واخلال بمبدأ الرقابة البرلمانية علي أداء الوزارة قد يكون جزاؤها سحب الثقة منها . بالطبع نحن ندرك انه يقصد بتصريحه هذا تخفيضا في النفقات الحكومية غير الضروريه أو استفزازية كشراء السيارات الفاخرة وأجهزة التكييف والغاء البعثات والسفريات الخارجية للمسئولين والتي لا داع لها والتقليل من تعيين المستشارين بلا داع وتخفيض عدد أفراد البعثات الدبلوماسية العاملين بالخارج.. إلخ. إلا أن كل ذلك لا يمكن أبدا أن يكمل نسبه 20% من الموازنة العامة. لذا فإن هذا التصريح لا يخرج عن احتمالين اما انه لا يتعدي مجرد شو إعلامي لتجميل وجه الحكومة أو أنه قد يكون تخفيضا في النفقات العامة سيحدث بالفعل لذا علينا الا نفرح به إلا عندما نراه يتحقق ونري فيما تحقق وهل أضر أم أفاد الدولة والمواطنين؟ وهل له تأثير سلبي علي خطط التنمية العامة للدولة؟