أتابع ما بدأته الأسبوع الماضي عن فيلم "الخلاص من شوشانك" وأقول إن المتهم البرئ حينما يدخل السجن إما أن يتحول إلي مجرم ليتمكن من العيش مع السجناء عتاة الإجرام ويحمي نفسه من سطوتهم. أو أنه بمرور السنين يعتاد علي القيود ويرضخ لمصيره. أو تخدمه الظروف فيجد معاملة حسنة من بعض الزملاء وبمرور الوقت يصبح رجلا مهما في السجن كما حدث مع المصرفي "أندرو دفرين" بطل الفيلم . فقط وجد الود والرفقة الطيبة مع السجين "ريد" وبعض زملائه الآخرين . ثم تبدلت أحواله بالمصادفة حينما تدخل في الحديث الذي دار بين النقيب "هادلي" وزملائه عن مال ورثه ولا يستطيع دفع ضرائبه . فكان أن نصحه دفرين بالتبرع لزوجته بالمبلغ حتي لا يدفع الضريبة طبقاً للقوانين الأمريكية . ومنذ ذلك اليوم ذاع صيت "أندي" وصار محاسب السجن الذي يعد الإقرارات الضريبية للمأمور "نورتون" وطاقم الحراسة في "شوشانك" والسجون المجاورة . وكان يستعين بصديقه "ريد" وآخرين في إنهاء هذه الأعمال التي كان يتفرغ لها شهر في كل عام. ولهذا إستثناه المأمور "نورتون" من وجود بعض المحظورات في زنزانته . فكان يمكنه ممارسة هوايته في نحت الصخور بأشكال فنية . أو تعليق "بوستر" علي الجدار لإحدي نجماته المفضلات مثل "ريتا هيوارث ومارلين مونرو وراكيل ووالش". ويقرأ ما شاء من الكتب التي كان يوزعها عليهم السجين "بروكس" الذي أمر المأمور بأن يساعده "أندي" في أعمال المكتبة. فكان أن أسس "أندي" مكتبة كبيرة للسجن بعد الإفراج عن بروكس ومغادرته السجن بعد خمسين عاما قضاها خلف اسواره . كما أرغم مجلس الشيوخ برسائله الأسبوعية طوال عامين بمساعدة المكتبة سنويا بخمسمائة دولار كان يشتري بها الكتب واسطوانات الموسيقي والأفلام . وقد أطلق علي المكتبة اسم "بروكس هاتلن" تخليدا له بعدما تخلص من حياته شنقا في الغرفة التي أعدتها له إدارة السجن في إحدي النزل بعد خروجه من السجن وفقدانه الأمان الذي كان يشعر به بين زملائه . وأعود إلي العلاقة التي نشأت بين "آندي" والمأمور "نورتون" التي كانت دائما بين شد وجذب والمناقشة التي جرت بينهما حول آيات الإنجيل التي يؤمنا بها فكانت الآية "الخلاص موجود فيه" التي قالها المأمور وهو يعطيه الكتاب هي نفسها التي حولها "آندي" إلي فعل . فكانت تلك الآية وسيلته للخروج من بين جدران السجن بعد أن حفر للمعول الصغير الذي كان يثقب به جدار الزنزانة بيتا يستقر فيه بين الأوراق فلا يظهر أي تغيير علي الإنجيل يوحي بأن شيئاً بداخله . كما أن العلاقة بينهما توطدت حينما بدأت ثروة المأمور تتزايد من الرشوة والمال المشبوه فقرر أندي أن يغسل له هذا المال بإشراك شخصية وهمية معه في الأرباح ثم جعلها حقيقية باستخراج شهادة ميلاد ورقم قومي ورخصة قيادة استخدمهم "أندي" جميعا بعدما تمكن من الفرار من السجن بثقب الجدار والسباحة عبر نفق المجاري لنصف ميل والحصول علي المال الخاص به من جميع البنوك التي كان يضع فيها المأمور أمواله... وهكذا استخدم "أندي" براعته في العمل المصرفي في تأمين مستقبله بعد الهروب من السجن . خاصة بعدما رفض المأمور التقدم بطلب لإعادة محاكمته بعد اعتراف السجين "تومي" باسم القاتل الحقيقي للزوجة وعشيقها . بل وأمر بقتل هذا الشاهد ليظل أندي في شوشانك لأن في خروجه خطر علي مستقبله الوظيفي لمعرفة أندي بجرائمه. إن هذا الفيلم علي الرغم من أنه لم يحصل علي أي جائزة أوسكار حتي التي رشح لها مورجان فريمان لكنه يظل الأفضل علي مائتين وخمسين فيلما عند الجمهور الامريكي . لأن قصته إنسانية حتي وإن كانت من خيال الأديب فمن الممكن أن تقع أحداثها لأي إنسان.