طلاب «الإعدادية» في البحيرة يؤدون مادة الهندسة.. شكاوي من صعوبة الامتحان    نائب رئيس جامعة حلوان الأهلية يتفقد الامتحانات.. ويؤكد: الأولوية لراحة الطلاب وسلامتهم    جامعة كفر الشيخ الثالث محليًا فى تصنيف التايمز للجامعات الناشئة    وزيرة الهجرة تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    تراجع السكر وارتفاع الزيت.. سعر السلع الأساسية بالأسواق اليوم السبت 18 مايو 2024    بطاقة إنتاجية 6 ملايين وحدة.. رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع «سامسونج» ببني سويف (تفاصيل)    وزير النقل يتفقد «محطة مصر»: لا وجود لمتقاعس.. وإثابة المجتهدين    «أكسيوس»: محادثات أمريكية إيرانية «غير مباشرة» لتجنب التصعيد في المنطقة    مطالب حقوقية بمساءلة إسرائيل على جرائمها ضد الرياضيين الفلسطينيين    ب5.5 مليار دولار.. وثيقة تكشف تكلفة إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة (تفاصيل)    استياء في الأهلي قبل مواجهة الترجي لهذا السبب (خاص)    إحالة الطالب المتورط في تصوير ورقة امتحان اللغة العربية والملاحظين بالشرقية للتحقيق    غرة ذي الحجة تحدد موعد عيد الأضحى 2024    القبض على 9 متهمين في حملات مكافحة جرائم السرقات بالقاهرة    ضباط وطلاب أكاديمية الشرطة يزورون مستشفى «أهل مصر»    بحضور قنصلي تركيا وإيطاليا.. افتتاح معرض «الإسكندرية بين بونابرت وكليبر» بالمتحف القومي (صور)    صورة عادل إمام على الجنيه احتفالًا بعيد ميلاده ال84: «كل سنة وزعيم الفن واحد بس»    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    معهد القلب: تقديم الخدمة الطبية ل 232 ألف و341 مواطنا خلال عام 2024    صحة مطروح: قافلة طبية مجانية بمنطقة النجيلة البحرية    قمة كلام كالعادة!    وزارة الدفاع الروسية: الجيش الروسي يواصل تقدمه ويسيطر على قرية ستاريتسا في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا    صحة غزة: استشهاد 35386 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر الماضي    ما أحدث القدرات العسكرية التي كشف عنها حزب الله خلال تبادل القصف مع إسرائيل؟    وزير التعليم لأولياء أمور ذوي الهمم: أخرجوهم للمجتمع وافتخروا بهم    اليوم.. 3 مصريين ينافسون على لقب بطولة «CIB» العالم للإسكواش بمتحف الحضارة    وزيرة التعاون: العمل المناخي أصبح عاملًا مشتركًا بين كافة المؤسسات الدولية*    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    بعد حادث الواحات.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي    موعد مباراة بوروسيا دورتموند أمام دارمشتات في الدوري الألماني والقنوات الناقلة    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    استكمال رصف محور كليوباترا الرابط بين برج العرب الجديدة والساحل الشمالي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    طريقة عمل الكيكة السحرية، ألذ وأوفر تحلية    وُصف بالأسطورة.. كيف تفاعل لاعبو أرسنال مع إعلان رحيل النني؟    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    متاحف مصر تستعد لاستقبال الزائرين في اليوم العالمي لها.. إقبال كثيف من الجمهور    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    «السياحة» توضح تفاصيل اكتشاف نهر الأهرامات بالجيزة (فيديو).. عمقه 25 مترا    وزير الري يلتقي سفير دولة بيرو لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال المياه    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    بدء تلقي طلبات راغبي الالتحاق بمعهد معاوني الأمن.. اعرف الشروط    "الصحة": معهد القلب قدم الخدمة الطبية ل 232 ألفا و341 مواطنا خلال 4 أشهر    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    تراجع أسعار الدواجن اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرحبًا بكم في السجن العظيم
نشر في البديل يوم 05 - 04 - 2016


(1)
هناك فارق بين لغة الأمل والتبشير، وبين لغة "الاستهبال" و"الاستكراد" و"الاستنطاع" و"التغفيل".. فعندما تقول: "مصر بخير" ممكن نقبلها كلغة تبشير وتفاؤل وأمل، ولكن عندما تقول: "تنقطع إيدينا لو اتمدت عليكم" فهذا من لغة التغفيل والاستهبال، لأن إيديكو اتمدت، وبتتمد، وها تتمد طول ما انتم "كده".
(2)
واحد ذكي هيسألني: إيه كلمة "كده" اللي انت حاططها بين قوسين دي؟، وتقصد بها إيه؟
– مش عارف.. هي جت "كده"، وافهمها انت بقى و"كده".!
(3)
لعلمكم، ولكي نكون واضحين تماماً.. هذا المقال ليس سياسياً، ومهما كان تشابه الألفاظ والأحداث مع الواقع، لا تصدق أنه يناقش قضية سياسية ولا "ريجينية"، ولا يشير إلى مسؤول سياسي، ولا إلى أي تجاوزات أمنية.. إنه مقال خفيف للتسلية عن فيلم أكشن شهير اسمه "الخلاص من شاوشانك"، وشاوشانك لمن لم يشاهد الفيلم، اسم لسجن رهيب في ولاية أوهايو الأمريكية، (لا تقوللي طور ولا عقرب)، ومأموره "ووردين نورتون" دموي فاسد يدعي النزاهة والتدين ويحتفظ بنسخة من الإنجيل في مكتبه يستخدمها كإكسسوار لتبرير قمعه بذريعة الحفاظ على الأخلاق وتنفيذ وصايا الرب.!
(فاصل ونعود)
سيداتي آنساتي سادتي/
إليكم هذا الخبر الهام، ثم نتابع المقال الكوميدي:
"قال اللواء حسن السوهاجى مساعد وزير الداخلية رئيس قطاع السجون: إنه لا فرق بين سجين سياسى وجنائى فى التعامل داخل أسوار السجون المصرية، فالجميع يلقى نفس المعاملة، وتابع اللواء حسن السوهاجى، ليس لدينا فى قاموس مصلحة السجون ما يعرف باسم "التعذيب" أو "الاختفاء القسرى"، فالسجين يقضى عقوبة محددة فلا داعٍ للتعذيب، بل هناك سجناء يبدون رغبتهم فى عدم الخروج من السجن عقب انتهاء مدة حبسهم بسبب حسن المعاملة".
(عدنا)
أنا السيّد نورتون, مأمور السجن، وأنتم مجرمون مُدانون، لهذا أرسلوكم لي، لأعيد تأهيلكم حسب قواعدي، والقاعدة رقم واحد عندي هي عدم الإستهزاء بالدين والمقدسات.. لن أسمح بالعبث باسم الرب في هذا السجن، أنا أؤمن بشيئين: "الإنضباط والإنجيل"، وسأعلمكم الاثنين، فليس أمامك إلا أن تطيع الرب وتطيعني، فأنا الآن أمتلكك.. مرحباً بكم في شاوشانك.
هذه خطبة المأمور نورتون للسجناء الجدد الذين صاح ألفونسو الشرير حين رآهم: "سمك طازج.. سمك طازج"
(4)
يحكي الفيلم عن المحاسب آندي دوفرين الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل زوجته، ومنذ اللحظة الأولى لم ينشغل آندي بالسجن، بل ظل على إيمانه بالبراءة والحرية، تعرض للضرب والتحرش والإهانات، لكنه ظل صامدا في هدوء، وساعدته في ذلك صداقته لعدد من السجناء بينهم أمين المكتبة "بروكس هاتلن"، والأسمر "ريد ريدنج" الذي يتمكن بعلاقاته من تهريب كل شئ إلى داخل السجن، وبالصدفة يسمع دوفرين حوارا بين اثنين من الضباط عن شكوى من استقطاعات الضرائب لمبلغ كبير ورثه عن عائلته، فيتجه نحو الضابط ويسأله: هل تثق بزوجتك؟، وظن الضابط أنها غمزة سخرية فكاد يفتك به، لولا أن نصحه أندي بإهداء المبلغ لزوجته كحيلة للتهرب من الضرائب التي لا تستقطع ضريبة دخل من الهدايا، ويستعين معظم الضباط بخبرات آندي، حتى يعرف المأمور فيحتكره في مهمة أكبر لغسيل الأموال (صباح الخير على وثائق بنما)، وفي تسوية حساباته غير القانونية في السجن، وفي سبيل ذلك يخترع بأوراق مزورة شخصية خيالية ذات وجود قانوني فقط ليسجل باسمها الأموال المغسولة!.
(5)
استقرت أحوال آندي، وصار مساعداً لبروكس في إدارة المكتبة، ولما صدر قرار بإطلاق سراح بروكس، ثار وهاج ووضع السكين على رقبة هيوود مهدداً بقطعها ليبقى في السجن..! كان يصرخ: هذا هو الحل الوحيد لأبقى هنا..!
(6)
هل كان ذلك بسبب حسن المعاملة، كما في سجون السوهاجي؟
لا طبعاً… فَشَر، فأمريكا القمعية أمامها قرون لتصل إلى مستوى التعامل المثالي في سجوننا، كل الحكاية حسب تعبير ريد أن بروكس كان يدافع عن وطنه، فهو "مؤسس للمكان"..!، ولما يقول هيوود محتجاً: اللعنة.. ماذا تقول؟. يضيف ريد: هذا الرجل هنا منذ خمسين عاماً .. خمسين عاما يا هيوود، هل تعرف معنى هذا؟.. هنا كل ما يعرفه، هنا هو رجل مُثقف له دور، أما خارج السجن فهو لا شيء، مُجرد محتال لديه إلتهاب مفاصل، وقد لا يستطيع الحصول على عضوية في مكتبة إذا حاول ذلك.. هل فهمت ما أريد قوله؟!
(7)
ماهذا الهراء؟.. هل تدافع عن السجن؟
هكذا سأل فلويد مستنكراً ومعترضاً، فأجاب ريد كأنه يحدث نفسه: تعرفون مثلي أن هذا السجن غريب، في البداية تكرهه، ثم بعد ذلك تعتاد عليه، وعندما يمر الوقت أكثر، تبدأ في الاعتماد عليه، هذا هو "الارتباط بالمكان" كما يقولون.
يكرر فلويد احتجاجه قائلا: اللعنة.. لا يمكن أن أصبح هكذا، لن أحب السجن أبداً، فيقول ريد الذي اعتاد تقديم طلبات إطلاق السراح المشروط: إقض هنا ما قضاه بروكس، وبعدها تكلم، إنهم يُرسلونك إلى هنا مدى الحياة، وهذا بالضبط ما يأخذونه منك.. حياتك, التي تضيع هباءً.
(8)
يطلق بروكس الطائر الذي يربيه من شباك السجن وهو يقول: لن أستطيع الاعتناء بك بعد ذلك يا "جيك".. عليك أن تطير، لقد أصبحت حرّاً، يقف الطائر على الشباك قليلا يتأمل صاحبه ثم يشق زرقة السماء بجناحيه، لكن بروكس لما خرج شعر بغربة هائلة وفزع شديد، وأقتطف لكم هذه العبارات من رسائل بروكس قبل أن يشنق نفسه لأنه لم يتمكن من تأهيلها لحياة لا يعرفها:
– لقد رأيت سيارة ذات مرة عندما كنت صغيراً، أما الآن، فالسيارات في كل مكان، العالم يتحرك بجنون وسرعة كبيرة.. لا أصدق السرعة التي يسير بها العالم خارج السجن.
– مجلس إطلاق السراح المشروط وفر لي عملاً في متجرٍ صغير، لا أعتقد أن مدير المتجر يُحبني كثيراً.. أحيانا بعد العمل أذهب للحديقة العامة، وأطعم الطيور، وأظل أفكر، ربما يأتي (جيك) ويقول لي مرحبا، لكنه لم يأتِ أبداً، وأتمنى حيثما يوجد أن يكون بخير ولهُ أصدقاء جُدد.
– عندي اضطرابات أثناء النوم ليلاً، وأرى كوابيساً كأنّي أسقط، فأستيقظ مذعوراً، أحيانا تمر فترة قبل أن أدرك أين أنا.
– ربما يجب أن أحصل على مسدس، وأسرق المتجر ليعيدوني للسجن، يمكنني أن أقتل مدير المتجر أيضا، لكن أعتقد أني كبرتُ جداً على مِثل هذا الهراء.
– لم أحب الحياة هنا، سئِمت من الخوف طيلة الوقت, لذا قررت ألا أبقى، أشكُّ في أنهم سينزعجوا على محتال عجوز مثلي.
– أخبروا هيوود أني حزين لأني وضعت السكين على رقبته، فليس بيننا عداوة…
(9)
يتاثر آندي وريد بانتحار بروكس، ويتحدثان عن الحياة بعد السجن، اعترف آندي بخطة الهروب التي يعدها ويالتحويلات المالية التي يقوم بها باسم شخص مجهول، ولما يسأله ريد: من هو؟، يجيب ضاحكا إنه شبح.. اعتبره ابن العم الثاني للأرنب هارفي!.
يقول ريد منبهراً: أنت عبقري.
يرد آندي بأسى: الشيء المضحك أنني كنت خارج السجن رجلاً شريفاً.. مستقيما كالسهم، لكنني دخلت السجن لأتعلم الاحتيال، المهم أنني سأقيم فندقاً صغيراً على شاطيء زياوتنجو بالمكسيك، وأحتاج خبيرا مثلك يعرف كيف يحضر الأشياء.
يجيب ريد بإحباط: لا أعتقد أنه يمكنني فِعل ذلك خارج السجن، لقد أمضيتُ هنا أكثر حياتي، أنا رجل مؤسِّس الآن، كما كان بروكس، أنا هنا.. الرجل الذي يمكنني جلب الأشياء, لكن خارج السجن كل ما تحتاجه هو رقم الدليفري.
يقول آندي مؤكدا فلسفته، لقد تحول بروكس إلى ابن للمؤسسة، ذاب فيها، فلا تفعل ذلك، إنشغل بالحياة، ولا تنشغل بالموت، انشغل بالحرية ولا تنشغل بالسجن، وفي الصباح يدوي الخبر في أرجاء السجن: لقد هرب آندي.
(10)
بصوته العميق كان مورجان فريمان (ريد) هو الرواي للأحداث، فيقول: أحياناً أكون حزيناً, لأن آندي رحل عنّا، يجب أن أُذكّر نفسي بأن بعض الطيور لا تطيق الحبس، إنها طيور لها ريش لامع، وعندما تطير بعيداً، سيبتهج الجزء الذي في داخلك، لأنهم حصلوا على الحرية، مهما أصبح المكان الذي تعيش فيه كئيباً وفارغاً بعد ذهابهم.. أعتقد أني أفتقد صديقي فحسب، وأثناء مثوله هذه المرة أمام لجنة الإفراج المشروط، كان شئ قد تغير في روح وعقل ريد، فلما نظر المحقق في ملفه وسأله: ملفك يقول بأنك قضيت 40 عاماً من عقوبة السجن المؤبد، فهل تشعر أنه تمّ إعادة تأهيلك؟
كان يريد يجيب في كل مرة نعم، ويتظاهر بالامتثال، لكنه في هذه المرة قال للمحقق غير مكترث: إعادة تأهيل؟.. ليس لدي أدنى فكرة عما تعنيه بهذه الكلمة.!
يفسر المحقق: يعني هل أصبحت جاهزاً للانضمام للمجتمع ثانية؟
يجيب ريد: أعرف معنى ما ستقوله يا بني، هذه الكلمة بالنسبة لي مجرد كلمة بلا معنى.. مصطلح سياسي أو قانوني حتى يستطيع أمثالك إرتداء بدلة أنيقة وربطة عنق. إعادة تأهيل؟!.. إنها كلمة لعينة، لذا إنجز وأختم أوراقك، ولا تضيع وقتي، فأنا لم أعد أهتم.
(11)
ولأن الآمال تتحقق أسهل لمن لا يستميت عليها، تم الإفراج عن ريد، والتحق بنفس العمل والمكان الذي سبقه إليه بروكس، وكان قريبا من مصيره جداً، وذات يوم استأذن من صاحب العمل لدخول المرحاض، فقال له بضيق: لستَ بحاجة أن تستأذنني في كل مرة تحتاج أن تذهب فيها لتقضي حاجاتك، إذهب دون إذن.
فقال لنفسه وقد قرر أمراً: أربعون عاماً أستأذن لقضاء حاجتي، لا أستطيع أن أبول قطرة دون إذن، هناك حقيقة قاسية يجب أن أواجهها: لا شيء سأفعله خارج السجن، وكل ما أفكر فيه كيف يمكنني نقض إطلاق سراحي ليعيدوني إلى السجن.. شيء فظيع, العيشُ في قلق.. بروكس هاتلن عرف ذلك، عرف أكثر من اللازم.. كل ما أريده هو العودة للسجن حيث يصبح للأشياء معنى، حيث لا أشعر بالخوف من مستقبلي طيلة الوقت، شيء واحد فقط يمنعني، الوعد الذي قطعته لصديقي آندي.
(12)
كان آندي قبل خروجه من السجن قد حصل على وعد من صديقة ريد بأن يذهب إلى مكان ما في مدينة بوكستون ويحفر تحت شجر بلوط عملاقة، وسوف يجد هناك رسالة ينفذ ما فيها، ولما تذكر ريد وعده ترك العمل، وذهب إلى بوكستون حيث وجد الرسالة التالية:
عزيزي ريد/
إذا كنت تقرأ هذا, فأنت خارج السجن، مادمت قد وصلت إلى هذا المكان البعيد, فيمكنك الذهاب أبعد منه قليلاً، أنت تذكر إسم المدينة, أليس كذلك؟ (زيهاوتنجو).. يمكنني أن أستعمل رجلاً طيباُ لمساعدتي في مشروعي، سأظل أرقب قدومك، ورقعة الشطرنج جاهزة. تذكّر يا ريد أن الأمل شيء جيد.. ربما يكون أفضل الأشياء، الأشياء الطيبة لا تموت، سأظل أتمنى أن تجد هذه الرسالة وأنت بصحة جيدة
(صديقك آندي)
(13)
في طريقه إلى صديقه الطائر الحر قال ريد: من المثير أن أجلس في هدوء والأفكار تجول في رأسي، أعتقد أن هذا الإحساس لا يشعر به إلا رجل حر.. رجل حر في بداية رحلة طويلة بلا نهاية..
(14)
إنها الحرية، ولا يمكن مقايضتها بمعاملتكم الحسنة يا نورتون.. يا جلاد الانضباط المتمسح بالدين والرب، و"كده".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.