رغم قسوة حادثة رشيد وملابساتها. إلا أنها استطاعت أن تكشف الكثير من الحقائق التي لا يجب أن نغفلها حكومة وشعباً وإعلاماً. .. المواطنون باختلاف شرائحهم ومواقعهم وفئاتهم. تجرعوا الحزن الشديد.. سواء من كان له فيهم ابن أو قريب أو شاهد بعض من المشاهد المأساوية لضحاياه من الأطفال والنساء والشباب. أو حتي سمع مجرد سماع بأن 164 من الآدميين لقوا حتفهم قبالة الساحل الرشيدي. وهم في طريقهم لتحقيق حلمهم. .. وحتي لو اختلف البعض مع منهج الهجرة غير الشرعية وأسلوبها.. إلا أن الجميع شعر بالحزن لإزهاق هذا الكم من الأرواح "الحالمة" حتي لو اختارت "طريق الموت". .. الأمر الآخر.. أن تبايناً حقيقياً ظهر في تعامل الدولة مع الحادث.. فإن جميع من عايشوا الكارثة أشادوا بدور أبطال مصر في القوات المسلحة وإصرارهم بالتعاون الكامل مع الشرفاء من الصيادين. وأصحاب المراكب علي مسح أكبر مساحة من البحر بحثاً عن ناجين أو جثث الضحايا. وهو جهد مشكور.. وأيضاً تحرك محافظ الإقليم محمد سلطان. فقد انتقل للمكان وعايش الإجراءات. .. لكن.. وعلي الجانب الآخر. فإن وزارة المهندس شريف إسماعيل لم تستطع أن تعبر عن نفسها بشكل صحيح.. بل إنها أثارت شعوراً عاماً لدي المواطنين بعدم قدرتها علي التفاعل مع الأزمات. وأثارت موجات عاتية من الغضب والسخرية امتلأت بها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. تندراً بقرار رئيس الوزراء وإعلانه عقد اجتماع عاجل "ونضع ألف خط تحت كلمة عاجل" بعد 72 ساعة من الحدث "الكارثة".. كلام غير مقبول. وما كان ينبغي أن يكون كذلك. فإن الاجتماع "العاجل" لا يستغرق تنفيذه أكثر من ساعة من لحظة وقوع الحادث.. فإن عيون الناس وقلوبهم معلقة بما يمكن أن يصدر عن الحكومة من تصرفات.. ومعالجات.. وإجراءات. .. الأمر الثالث يطرحه المواطنون.. إلي متي يظل رئيس الجمهورية "منقذاً" لحكومة شريف إسماعيل؟!.. إن الرئيس عبدالفتاح السيسي. لم يستطع أن يصبر أمام الكارثة.. ولم يستسلم لراحة ضرورية تحتمها رحلة شاقة امتلأت باللقاءات والجلسات والمحاورات والمشاورات. والمحادثات. .. وقرر الرئيس عقد اجتماع اللجنة الأمنية المصغرة. وكان التوفيق فيها أنها لم تتطرق فقط للجوانب الأمنية والقانونية لقضية الهجرة والحادث. وإنما تعمقت إلي الأسباب.. وبعث الأمل في نفوس الشباب.. وهو ما بدأت الحكومة في ترجمته إلي إجراءات وقرارات من بينها إتاحة 7.5 مليار جنيه لتوفير 592 ألف فرصة عمل.. والمهم الاستمرار في علاج الجذور.. وليس الأعراض بما يفتح طريق الأمل أمام عدم تكرار الكارثة.