حقا للفساد والفاسدين أذرع طويلة تمتد وتنتشر وتتشعب في مختلف جوانب الحياة في مصر.. وهي ظاهرة قديمة وليست وليدة اليوم ولكنها لم تكن بهذا التوحش والاجرام والتبجح والاستغفال الذي يمارسه الفاسدون في وضح النهار.. وكسبوا من المال الحرام مليارات الجنيهات والدولارات عاثوا بها ومن معهم فسادا وقلبوا بها الهرم الاجتماعي والتوازن المعيشي فظهرت طائفة من هؤلاء سارقي أموال الشعب في أبهي حلة وحياة من وراء هذا الثراء الفاحش في الوقت الذي تعاني فيه الغالبية العظمي من المواطنين من صعوبات معيشية ومشاكل اجتماعية ومادية وصحية لاحصر لها. الفساد موجود ولن ينتهي بين يوم وليلة ولكن الفاسدين زاد عددهم بشكل كبير وتواجدوا في كل مكان حكومي أو خاص أو أعمال حرة. أصبح التصدي للفساد والفاسدين من الصعوبة بمكان ان يتم القضاء عليه ومحاسبة ومعاقبة مرتكبيه.. ولكن هناك دائما بصيصاً من أمل وترقب لكشف الفاسدين وبدا هذا الامل واضحا فيما قامت به لجنة تقصي الحقائق المشكلة من مجلس النواب من عمل متميز اتسم بالنزاهة والموضوعية في كشف الفاسدين المتورطين في نهب أموال الدعم في الملف المعروف بأسم "فساد القمح". وبالرغم من ان اللجنة تفقدت عدداً قليلاً من صوامع تخزين القمح في انحاء الجمهورية فقد وجدت سرقة وفساداً في التوريد وفي الكميات وفي عملية خلط القمح المستورد بالمحلي وخلط القمح بالتراب وتسجيل بيانات توريد مزورة وكاذبة في عمليات قدرت بمئات الملايين من الجنيهات.. هذا كما قلت في عدد قليل من الصوامع فما بالك لو تم التفتيش علي كافة صوامع القمح في مصر.. وبينها تقدم اللجنة تقرير اعمالها الي مجلس النواب غدا الثلاثاء لمناقشته فإن هذا التقرير بلاشك احتوي علي مفاجآت كبيرة وأسماء متورطة في هذا الملف ستلقي جزاءها بالتأكيد لتكون عبرة لمن يفكر يوما في التلاعب بأقوات الشعب أو يسرق أموال الدعم التي تدفعها الدولة سنويا من ميزانية تواجه عجزا كبيرا وديونا مستحقة في الداخل والخارج.. من أجل حماية محدودي الدخل ثم يأتي هؤلاء الفاسدون ليسرقوا مال الدعم بدون وجه حق وبطرق غريبة وملتوية استمروا فيها منذ سنوات مضت وحان وقت الكشف عنهم ومحاسبتهم. العمل الذي قامت به لجنة تقصي الحقائق النيابية في كشف فساد القمح هو عمل يستحق التقدير والاحترام وهو عمل تابعناه جميعا باندهاش وتعجب كبير من حجم الفساد وكثرة الفاسدين والاموال التي ضاعت علي الدولة في جيوب هؤلاء حرامية قوت الشعب. هذا العمل النيابي المحترم لايجب ان يتوقف عند كشف فساد القمح فقط ونطالب بأن يستمر عمل لجنة تقصي الحقائق النيابية لتكشف لنا فسادا مروعا آخر وفاسدين آخرين في اللحوم والاسماك والدواجن فستجد بالتأكيد حرامية آخرين لقوت الشعب واموال الدعم.. وإلا فبماذا نفسر هذا الارتفاع الرهيب في اسعار اللحوم المحلية والمستوردة بل والمجمدة المستوردة والتي تجاوزت اسعارها الي 55 جنيها مثلها في ذلك مثل اللحوم الاخري.. فمن صاحب المصلحة وهل هو او هم هؤلاء المحتكرون لاستيراد اللحوم من الخارج ولماذا هذا الارتفاع المستمر والعشوائي لاسعار اللحوم. وما يقال عن اللحوم يقال عن الدواجن التي تشهد ارتفاعا مستمرا في الأسعار دون مبرر أو سبب معقول ومن هو صاحب المصلحة الفاسد الذي يدير منظومة الدواجن والاسماك ليرتفع سعرها بهذه الطريقة الاجرامية والتي اثقلت كاهل المواطنين وتوقف كثير منهم عن الشراء لقلة ذات اليد وعدم القدرة علي ملاحقة الارتفاع المستمر للأسعار. لجنة تقصي الحقائق مطالبة بكشف المزيد من الفاسدين في السلع الغذائية بالذات وهي تمس الغالبية العظمي من المواطنين.. حتي يمكن أن تستقيم الحياة في مصر ويتوقف غول الاسعار المندفع بلا رحمة واذا كان رئيس الجمهورية يؤكد لنا دائما انه لا تستر علي فساد ولا يوجد أحد فوق الحساب والعقاب فيجب أن تتضافر الجهود الحكومية والبرلمانية والشعبية في مكافحة الفساد واسقاط الفاسدين وتلك مسئوليتنا جميعا!!