أخيراً اعترفت وزارة التربية والتعليم بفضيحة إدارتها الفاشلة لامتحانات الثانوية العامة بعد أن انتصرت "دولة شاومينج" علي "دولة الحق" في أكثر من مواجهة آخرها ما حدث في مادة الديناميكا صباح يوم الاحد الماضي. حيث تم تسريب الامتحان بعد 25 دقيقة من بدء لجان الامتحانات. وذهبت روايات أخري إلي أن الامتحان كان في أيدي الطلاب اعتباراً من الساعة السادسة صباحاً. أي قبل عمل اللجان ب 3 ساعات ما دفع أولياء الأمور لوصف ما حدث بأنه "تهريج" وطالبوا الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل الفوري لوقف هذه المهزلة. تدخل الرئيس في قضية أخفقت مؤسسات الدولة في إدارتها أمر ليس بجديد علي حياتنا السياسية. إذ سبق أن تعامل الرئيس بنفسه مع العديد من المشاكل نذكر منها أزمة سيدة قرية الكرم بمحافظة المنيا. وقبلها واقعة تعدي أحد أفراد الشرطة علي سائق ميكروباص وقتله بسبب خلاف علي الأجرة في منطقة الدرب الأحمر. وقبلهما قيام مجموعة من الاشخاص بالتحرش بإحدي الفتيات مما دفع الرئيس لزيارتها في المستشفي لتضميد آلامها وجراحها النفسية. واللجوء للرئيس التماسا للحل عنده يحمل أكثر من مدلول.. أولها وجود يقين لدي أصحاب المظالم والشكاوي بأن الرئيس هو الضمانة الوحيدة المؤكدة للتدخل الحاسم لإنهاء المشاكل والتصدي للمهازل بعد أن افتقدوا لهذا الدور في المؤسسات المعاونة التي يقع في صميم اختصاصها التعامل مع قضاياهم.. الرئيس هو الوحيد الذي يحظي بالثقة والمصداقية لدي الناس. ولهذا يلجأون إليه. غير أن هذا الوجه الايجابي يكشف عن جانب آخر سلبي يتمثل في عدم وجود آلية مؤسسة حاسمة وفعالة للتعامل مع المظالم. فالإدارة الحكومية الفاشلة لملف الثانوية العامة تتكرر في العديد من الملفات التي تمس مصالح المواطنين وتتحدث عنها الصحف ووسائل الاعلام ولا حياة لمن تنادي.. وخطورة ما حدث في امتحانات الثانوية هذا العام تتجاوز مسألة الاخلال بتكافؤ الفرص بين طالب تعب واجتهد في التحصيل. وآخر حصل علي الامتحان وإجابته بطريقة ملتوية. الأمر أكبر من ذلك إذ إنه يتعلق بالشعور بفكرة "العدالة" نفسها التي غابت لدي قطاع كبير من الطلاب الامر الذي ينذر بتخريج أجيال من الشباب "المعقد" نفسيا ويحمل بداخله الاحساس ب "عقدة الظلم".. وهذا أخطر ما يمكن أن يواجه أي مجتمع. والسؤال: هل يتدخل الرئيس؟ ولماذا؟ والاجابة: نعم.. تدخل الرئيس في هذه القضية وغيرها وارد في ضوء ما ستشكف عنه تقارير أجهزة الدولة.. غير أن تدخله في هذه القضية بعينها وإن كان سيقدم حلا مرضياً ومقبولاً لها. إلا أنه ليس بديلا عن ضرورة إيجاد آلية مؤسسية محترمة تتعامل مع كل ما يواجه المواطن من تحديات.. وهذه الآلية تبدأ بالانتصار لفكرة الكفاءات في إدارة كل ملف. لتكون الكفاءة.. والكفاءة فقط هي الفيصل في إدارة مؤسسات الدولة.. وقتها ستنتهي الكثير من مشاكلنا.