في سورة البقرة.. خاطب الله سبحانه وتعالي عباده المؤمنين عن ركن الصيام والحكمة المحيطة به.. ورسمت لنا الآيات "183 و184 و185 و186 و187" نبراسا كاملا لمن يريد الفوز في معركة الجهاد المتكرر طوال شهر رمضان.. والخروج من مبطلات الصوم إلي طاعة الله سبحانه ورحمته.. والجزاء الأوفي الذي وعد به العبد الصائم في حديثه القدسي "كل عمل ابن آدم له.. إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به". فالصيام أولاً فريضة دائمة مستمرة.. متوالية.. كتبت علينا.. كما كتبت علي الذين من قبلنا.. وهدفها تأكيد التقوي "لعلكم تتقون" وتفتح الباب للتقوي "أياما معدودات" محددة من كل عام هي خلال شهر رمضان المبارك "فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر" عليه القضاء بعد زوال سبب المنع "وعلي الذين يطيقونه" أي لا يستطيعون الصوم لأسباب موضوعية "فدية طعام مسكين".. والباب مفتوح لدعاة الرحمة.. وطلاب المغفرة "فمن تطوع خيراً فهو خير له.. وأن تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون".. وهنا دعوة واضحة لتفضيل الصيام لمن يريد ويسعي للخير.. والموعد "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان" خير الشهور وخير الخيار مواكبة الصوم شهر القرآن. معجزة الإسلام التي نزلت علي النبي محمد عليه الصلاة والسلام. "فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو علي سفر فعدة من أيام أخر".. يعود الله سبحانه وتعالي ليكرر منح رخصته إلي الذين يمكنهم عدم الصوم مؤقتا واتماما فيما بعد.. الصوم واجب وكذلك القضاء.. فالله سبحانه وتعالي يريد بالمسلمين اليسر ولا يريد بهم العسر.. "ولتكملوا العدة" الواجب صيام الشهر كله "ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون".. واقترنت الدعوة الإلهية بالصيام بالشكر.. والتكبير الله أكبر.. والدعاء في هذه المناسبة الروحانية الملائكية التي تحدث شهرا كل عام.. "وإذا سألك عبادي عني فإن قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي.. لعلهم يرشدون". إذن الصوم ينبغي أن يكون مقرونا بالإيمان.. والدعاء إلي الله سبحانه وتعالي.. وتلمس البركة حيث تفتح أبواب السماء للصائمين المؤمنين خلال الشهر الكريم ويوضح الله سبحانه وتعالي حدود المسموح والممنوع أثناء الصوم.. "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلي نسائكم.. هن لباس لكم وأنتم لباس لهن.. علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم.. فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر".. يتوقف كل مظاهر الافطار وسلوكياته بإتمام الصيام إلي الليل.. كما لا يجب مباشرة النساء أثناء العكوف في المساجد وهذه حدود الله وآياته يوضحها للناس لعلهم يتقون. ** ثم تتضمن الآيات التالية نصائح مهمة جداً ودعوة لعدم أكل أموال الآخرين بالباطل.. وتحديد وظيفة "الأهلة" كمواقيت للناس والحج .. واقران البر بالتقوي ودخول البيوت من أبوابها ثم تقوي الله لعلكم تفلحون".. لنجد أنفسنا ونحن نفكر بذهن صاف ورغبة للخير في أيام كريمة أمام التقوي أحد الأهداف الرئيسية للصيام.. وأيضاً من أهم أسلحته تجاه محاولات افساد الصوم.. المعركة ضد المغريات أو محاولة استخدام الصوم حجة لسلوك مرفوض تجاه الآخرين.. والفتوي هي السلاح.. والحل الذي إذا لجأ إليه المسلم.. سيجد الصوم ميسراً.. والذهن صافياً ليبدأ عمله اليومي بعد الفجر نشيطا مخلصا.. يسعي في الدنيا بجناحي الصوم والصبر والتطلع إلي الجزاء الأوفي الذي اختص به الله سبحانه وتتعالي عباده الصائمين علي حق وتبيان وإيمان.