في صغري كنا جيرانًا لاسرة قبطية.. وقتها لم تكن جيرة المسيحيين حراما.. كنا كثيرا نأكل عندهم وكانوا كثيرا يأكلون عندنا.. وقتها لم يكن الاكل مع المسيحيين حراما.. كنا نهنئهم بأعيادهم وكانوا يهنئوننا بأعيادنا.. وقتها لم تكن تهنئة المسيحيين حراما.. اهدونا تمثالا للعذراء مريم واهديناهم آية قرآنية.. وقتها لم يكن التهادي مع المسيحيين حراما.. وقتها كانت مصر نسيجا واحدا.. أما الآن فنحن في زمن "أبي لهب". "أبو لهب" هو الحاكم الأول والاوحد في كل بؤر الفقر والجهل والمرض.. أبولهب هو سلطان كل المناطق العشوائية.. أبولهب هو السيد والقاضي والجلاد في معظم القري والنجوع والكفور التي نسينا انهم بشر فتحولوا إلي وحوش.. أبولهب هو المثل الأعلي والقدوة عندما تضيع الاخلاق وسط البحث عن لقمة العيش وسقف يحمينا وقطعة قماش تسترنا ونحن نسمع وعودا وكلمات رنانة ولا نجد إلا الجوع والاوبئة وفقدان الكرامة. أبولهب هو الخليفة في كل قري الصعيد التي قالوا انها لها الاولوية المطلقة.. قالوا ذلك علي مدي كل العصور.. لكن قطار التنمية لم يعرف إلا المحطات الرئيسية ولم يتبق للفروع إلا أبو لهب. قصة السيدة التي تعرت ليست هي القضية.. لأنني مهما اقسموا ومهما قدموا من فيديوهات لن اصدق ان الصعايدة باصالتهم يمكن ان يصلوا إلي هذه الدرجة ولكن القصة ابعد من ذلك. القصة ان العاقلين اصبحوا اقلية.. والمعتدلين اصبحوا منبوذين واصحاب المبادئ ضاعوا وسط الزحام.. ولم يعد مكان إلا للتطرف الفكري والعقائدي مع غياب الخدمات الاساسية وفقدان ابسط معايير الكرامة الانسانية. الجائع والمحتاج والمريض والهائم بلا مأوي فريسة سهلة لاصحاب الفكر الضال والمضلل.. وإذا لم نستفق ونبدأ العمل ونترك الجدل فابشروا سيصبح سيدنا جميعا.. أبولهب.